أجيال حليب الأبقار.. لماذا نخالف فطرة الخالق؟ - عين ليبيا
من إعداد: د. عبيد الرقيق
الله الخالق البارئ المصور صانع الكون ومليكه، قدّر فخلق الأمم على هذه الأرض باختلاف أنواعها من إنسان وحيوان وزواحف وطيور وحيتان وكائنات حيّة متناهية في الصغر، وضبط طريقة تناسلها وتكاثرها وفق متوالية تسلسلية تحفظ استمرار بقائها بنظام رباني بديع، وتلك هي فطرة الله التي فطر عليها كل المخلوقات منذ النشأة الأولى، يقول الحق في محكم كتابه الكريم ( …. فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيّم ولكن اكثر الناس لا يعلمون..)
في هذا الكون البديع تلتزم مخلوقات الله تلقائيا بإتباع الفطرة التي فطرت عليها إلّا البشر! الذين وهبهم الله العقل ليتدبروا ويتأملوا ويفكروا، لكنهم يخالفون أحيانا الفطرة ويخرجون عنها، فكم يزعجني ويؤلمني كثيرا الانحراف عن الفطرة التي فطر الله الخلق عليها، في مناحي متعددة، ومن مظاهر الانحراف المشين عن الفطرة الإنسانية إهمال الرضاعة الطبيعية للأطفال من أمهاتهم واستبدالها برضاعة حليب الأبقار!.
كما يزعجني أكثر أن شيوخ الدين الذين يجعلون من أنفسهم واجهة دينية، لم يعترضوا ولم يحرّكوا ساكنا بل انهم قبلوا ذلك التحول المخالف لناموس الحياة وفطرة الله التي هي اصل الشريعة، وتماهوا مع ذلك بشكل غريب وكأنهم لا يدركون آثار ذلك على الحياة البشرية وعلى مظاهر السلوك لدى الأجيال عبر الزمن، فلم نسمع لهم خطبا تحذر او تنبه على ذلك ولا حتى وعظا وإرشادا كما يفعلون في مسائل أخرى أقل أثرا على المجتمع.
نعم لقد سبقتنا شعوب من العالم في التحول الانحرافي للرضاعة البديلة وخاصة ما يسمى بالعالم المتحضر، وفي ليبيا إلى عند نهاية فترة السبعينيات كانت الرضاعة طبيعية للأطفال من أمهاتهم حتى الفطام، وحتى وإن استخدم حليب الأبقار فهو مكمّل وليس أساسي، ثم حدث الانحراف الكبير باندثار الرضاعة الطبيعية و بسرعة ملفتة وبدأت مرحلة التحول كليا للرضاعة البديلة ، فتلاشت نهائيا فطرة الرضاعة الطبيعية وأصبحت من الماضي، ولم يعد هناك من يحييها إلا ما رحم ربي، بل أصبحت وبكل أسف من المكروهات!.
اعتقد جازما أن الانحراف عن الفطرة في هذا الشأن خطأ شنيع، وأن نتائجه ستكون وخيمة على النشء ولو على المدى البعيد، ولعل أبرزها واخطرها هو تداخل الصفات الوراثية التي تكتسب من تركيبة الحليب بين البقر والبشر، لذلك أرى أن هذا التحوّل الانحرافي قد افقد الجنس البشري شيئا من خصائصه التي رادها الخالق وهو ما يعدّ تحدّيا ومخالفة صريحة لناموس الفطرة التي فطر الله الخلق عليها، من يدري إن هذا سيترتب عليه انهيار لمنظومة القيم البشرية وخروج إجباري عن الصفات البشرية كما أرادها الخالق، ونكون بذلك قد ساهمنا في تغيير خلق الله وخالفنا شرعه ونحن غافلون.
جميع الحقوق محفوظة © 2025 عين ليبيا