أخوان ليبيا وفضائح العزل السياسي القانونية - عين ليبيا

من إعداد: سعد النعاس

لا يعير أقصائي شوفيني وحداني التسلط أدنى اعتبار أو أهمية للقضاء حامياً للحقوق وحارساً للحريات. فمن المتعارف عليه دستورياً وقانونياً في دولة القانون أن أي مواطن لا يمكن أن يُحرم من حقوقه المدنية (ومنها السياسية) بدون صدور حكم قضائي بات من محكمة جنائية بإدانته بجرائم يترب عليها حرمانه من حقوقه المدينة كالقتل العمد أو التعذيب أو الاختلاس.

وهذا من أهم أسس دولة القانون ، في أي دولة تحترم نفسها وتعهداتها أمام العالم وأمام شعبها وأهم معيار للتفرقة بين من يؤمن فعلاُ بالديمقراطية ممن يتخذها مطيةً لأغراضه السياسية . والأخير لا وقت له لمثل هذه التفاهات القانونية والقضائية ، فهو يريد أقصاء خصومه والوصول لسدة الحكم وإحكام السيطرة عليها دون الرجوع إلى مثل هكذا تفاهات كديدن أي مهووس بالسلطة على مر أزمنة البشرية.

هل يعقل أن هذا هو المستوى القانوني والسياسي والثقافي لجزء من نواب ليبيا ؟!!! فضيحة سياسية وقانونية أولى بمن طرحها أن يستقيل . ولا ندري ما سيقول العالم عن مثل هكذا قانون لم يصاغ حتى في أعتى دكتاتوريات العالم بما فيها دكتاتورية معمر القذافي !!!! وقد يستغرب البعض أو يظن أننا نبالغ ، ولكن استغرابه سيتبدد عندما يكتشف أن أخوان ليبيا يعاقبون من عاقبوا بمقتض هذا المشروع بعقاب آخر !! كيف ذلك ؟ في أي نظام أو حزب أو فئة أو عصبة إقصائية شوفينية وحدانية التسلط تسعى للسيطرة على الحكم في دولة من الطبيعي أن تسعى إلى إقصاء خصومها بسن قوانين تحرمهم من تبوء أو حتى ترشح لمناصب معينة أو حرمانهم من حقوقهم السياسية والمدنية بصفة عامة.

وهذا بذاته عقاب شنيع لهم ، ألا أن أخوان ليبيا أتحفونا بسياسة جنائية وعقابية جديدة وهي أن تعاقب على العقاب ، فكل من يترشح بعد ذلك سيعاقب على ترشحه رغم أن ترشحه ذلك لن يقبل وسيحرم من الترشح !!! سياسة جنائية حديثة ما شهدت لها العلوم الجنائية والسياسية مثيلاً !! أيعقل أن من يتفوه بهذا الكلام لديه ولو ذرة إيمان بديمقراطية أو حقوق إنسان و حقوق مدنية؟!!!

هل قرأ أخوان ليبيا الإعلان الدستوري ؟ هل استشاروا فقيهاً دستورياً حول معنى دستورية القوانين ؟ ألا يدرون أن مشروع قانونهم فضيحة دستورية وقانونية ووصمة عار سياسية أمام العالم أجمع وأمام أنفسهم ؟ نكاد نجزم بأن أخوان ليبيا لا يفقهون لكلمة دستور ودستورية ومواطن وقانون معناً.

في المشروع توسع خطير في الجانب الجنائي وهو ديدن كل إقصائي شوفيني !! ولكم كان حجم الكوارث والفضائح القانونية في هذا الجانب. حقيقةً ذُهلنا أن تطرح مواد جنائية بمثل هذه الركاكة والسفاهة القانونية والاهانة للقضاء . هذه سفاهة قانونية لا مثيل لها.

تنص المادة الثالثة من هذا المشروع على أنه : ” .. كل من يخالف هذا القانون ممن تنطبق عليهم أحكام المادة الأولي تباشر النيابة العامة رفع الدعوى ضده تلقائيا أو بناءا علي بلاغ يقدم إليها متي توفر ضد المتهم أدلة جدية وترفع الدعوى أمام محاكم الجنايات التي يقع بدائرتها ويكون للنيابة العامة وقاضي التحقيق جميع السلطات المخولة لها في قانون الإجراءات الجنائية دون قيود .”……. (انتهى النص).

شكراً لخبراء الإخوان الجنائيين ، لم نكن نعلم أن النيابة العامة ترفع الدعوى من تلقاء نفسها أو بناء على بلاغ يقدم إليها!!!!

وشكر ثاني للخبراء الاخوانيين فلم نكن نعلم أن النيابة العامة تحرك الدعوى إذا ما توافرت أدلة جدية ضد المتهم .. ألا أن النص بين لنا قواعد جيدة للاختصاص المحلي بعبارة ( ترفع الدعوى أمام محاكم الجنايات ) ولم يبين بعدها أي محاكم ومازلنا ننتظر الابتكار الأخواني لمعايير الاختصاص المحلي الجديدة لهذه المحاكم.

شكر ثالث لخبراء الأخوان القانونيين حيث منحوا للنيابة العامة وقاضي التحقيق اختصاصاتهما في قانون الإجراءات الجنائية التي تملكها أصلاً !!! أليس هذا من السفه القانوني؟

في المادة الرابعة يعاقب الأخوان على جريمة مخالفة نصوص مشروع هذا القانون بعقوبة السجن ، وفي المادة الثالثة يحيلون الاختصاص إلى دوائر الجنايات مع أن أي مبتدئ وهاوي قانوني يعرف أن أي جريمة عقوبتها السجن تحال تلقائياً إلى دوائر الجنايات فشكراً على تأكيد توضيح الماء بالماء من خبراء الأخوان القانونيين.

المادة المثيرة للضحك أكثر المادة الخامسة والتي تنص على أنه:” …تحدد المحكمة اليوم الذي تنظر فيه الدعوى علي أن يكون خلال 15 يوم من تاريخ رفعها ويكون تكليف المدعي عليه بالحضور أمام المحكمة قبل الجلسة بثمانية أيام علي الأقل ويجوز له الاستعانة بمحامي ولا يجوز تأجيل نظر الدعوى أكثر من مرتين ولا تزيد كل مرة عن أسبوع… (انتهى النص)…

خليط جنائي مدني ، لم ندر أن المتهم انقلب فأصبح المدعى عليه في نطاق القانون الجنائي !!!!! والأجمل أن المحكمة هي التي تحدد يوم نظر الدعوى وليس قلم الكتاب!!!!!! والكارثة التي نرجوا ألا يسمعها العالم أنه يجوز للمتهم أن يستعين بمحامي في جناية!!! (كشفتوا بينا قدم العالم) ، والطامة أن جناية بهذا الحجم يجب أن يُفصل فيها في أسبوعين وجلستين ، فإذا طالت ما الحل الاخواني؟!!! أو ليس هذا عار قانوني؟!!

وضع مدة أسبوعين لدائرة جنائية للفصل في جناية فضلاً على أنه غير عملي فيه أهانه متعمدة للقضاء. من أقترح هذه المادة يغمز من القضاء ويهينه أهانه واضحة.

تنص المادة السادسة من المشروع على أنه: “… إذا لم يحضر المدعي عليه أمام المحكمة ولم يرسل محامي نائبا عنه تنظر المحكمة الدعوى وتحكم في غيبته ….(انتهى النص).

شكراً لخبراء الأخوان على هذه المعلومات القيمة !! ولكن لا ندري أذا كان مستشاري دوائر الجنايات يعلمون هذه المعلومات المهمة جداً والسرية.

وختامها مسك كما يقولون . حيث تنص المادة 8 من القانون على ما يلي: “… لا يجوز الطعن في الحكم الصادر بأي طريقة من طرق الطعن العادية أو غير العادية وينشر الحكم في الجريدة الرسمية وفي جريدتين من الجرائد الوطنية لمرتين خلال أسبوع من صدور الحكم …. (انتهى النص).

من وضع هذا النص نكاد نجزم بأنه يظن عبارة دستورية أكلة وعبارة ضمانات وحقوق المتهم عنوان أغنية واتفاقيات حقوق الإنسان والحقوق المدينة لعبة (بلاي ستيشن) أيعقل أن يقترح نائب منتخب في القرن الواحد والعشرين عبارة (… لا يجوز الطعن في الحكم ….) حتى أحكام محاكم الشعب أيام القذافي كانت قابلة للطعن !! أوليس ذلك من المفارقات؟!!. ولكن اللمحة الفكاهية أكثر في كل نص بعبارة (ينشر الحكم في الجريدة الرسمية). يا ساتر لماذا؟

شتان بين ما يشغل بال الليبيين من استحقاقات مهمة وبين ما يشغل الأخوان المسلمين في ليبيا . هو الفارق بين من تهمه مصلحة ليبيا بما عليها وبين من تهمه مصلحة ليبيا بما هي مصلحته هو .. شتان بين ما انتخب الشعب الليبي نوابه لأجله وما يتصدر اهتمامات أخوان ليبيا.

نصيحتنا لنواب الأخوان ممن وضع وشارك وساهم في هذا المسخ القانوني والسياسي استقيلوا وغادروا سماءنا فأنتم عار على ليبيا وسمعتها . أنتم شخوص لن تجلب لليبيا ألا لفتن والخراب والدمار وتندر العالمين على فضائحكم القانونية والسياسية . نرجوكم اتركوا هذا الشعب فقد مل وكفر بهذه السفاهات والترهات .نرجوكم ارحموا هذا الشعب وهذه البلاد من طفولتكم السياسية والقانونية . نرجوكم أما في أجسادكم قلوب تنبض وضمائر؟!



جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا