ألف لا للمركزية في ليبيا الجديدة - عين ليبيا

من إعداد: عبد الهادي شماطة

لاشك أن حصاد النظام السابق هو مانعيشه الآن، فلم تكن هناك دولة ومؤسسات وتخطيط  ورؤية بعيدة المدى، للتطور ولاستيعاب الأجيال القادمة، ولم تكن هناك مؤسسة للحكم كان يمكن أن تكون بديلاً للفوضى القائمة، واهم غائب عنا اليوم هو قدرتنا على سماع بعضنا البعض ، وتحكيم العقل ، فالذين ثاروا معنا علي النظام السابق ارادوا ان يغيب القذافي وحزبه عن العاصمة ، ويحلوا هم وأحزابهم بديلا عنه وبنفس الاوضاع التى كانت سببا للثورة ، ولاشك أن للثورة اسبابها ، التي اشعلت نيرانها ونثرت في الأرجاء جمرها ورمادها ، وكنا نعتقد ان اول اهداف الثورة هو معالجة دواعيها ، ولكن وبكل اسف تجاوزها البعض ، وعند قيام اهل الحقوق بالحديث عن المطالب والحقوق ، غضب البعض من أهل الثورة والحكام الجدد ، ولعلنا نعلم علم اليقين ان القذافي مارس ديكتاتورية مطلقة ، وكانت المركزية الحديدية أحد أدواتها ، ولاشك ايضا أن عصابات تكونت في العاصمة استغلت الاوضاع ، وجعلت كل الوطن ومقدراته بالعاصمة ، وتلك العصابات ليست بالكامل من طرابلس ، بل هي من كل ارجاء ليبيا ، ولكنها كانت عصابات المصالح الخاصة التى صنعها النظام ، وكانت لاتعرف إلا مصالحها ، وبعد قيام ثورة فبراير ، والتوجه الى الانتخابات كان الحلم اكبر من عقول بعضنا ، فتم النظر الى المطالب باستهزاء وعدم اكتراث ، فعلى سبيل المثال مطالب الشرق والجنوب وربما حتى بعض مناطق الغرب ، فى ضرورة الغاء المركزية ، وتوزيع عادل للتنمية ، وتقديم الخدمات لكل انحاء ليبيا ، تم الاستهزاء بها ، والرد عليها ردود لاتنم عن فهم لمعاناة تلك المناطق ، فلابد ان نتذكر انه في اربعين سنة كان ايفاد الطلبة للدراسات العليا يرتكز بنسبة لاتقل عن 90% بالغرب الليبي ، وهذه النسبة ثابتة في السفارات وفي الاستثمارات الخارجية ، وايضا في ميزانيات التنمية ، بغض النظر عن الحقائق على الارض فيما يخص التنمية ، ولعل ناطحة السحاب التى وضع اساسها جلود سنة 1978 ، تذكرنا بالجدية ، وكذلك صيانة شارع سوريا الذى ظل مقفلا عشرون عاما ، وكذلك خمسين ألف متر مكعب يوميا من المجاري تلوث شواطئ البحر في بنغازي ، كافية وتغني عن كل كلام وهي صفحة من كتاب ، وكان أساس كل ذلك تركيز كل الاجراءات بطرابلس ، وكذلك الغاء مهام فرع المصرف المركزي ، وايلولة كل شئ الى العاصمة ، الا شهادة الدفن ، والتى كان ميسرا الحصول عليه ، ولايزال حتى اليوم من بلدية بنغازي ، كل هذه الاوضاع رفعت الاصوات ، تنادي بالحقوق وهي لاتتحدث عن سلب حقوق احد ، نحن نطالب بحقوقنا في تنمية متوازنة لنا نصيب فيها ، وخدمات تقينا عبوس موظف بالعاصمة ، يتهمنا بالتخلف ، واننا نتسول عند بابه العالي ، صحيح ان البعض لم يكن ودودا او حتى لطيفا في مطالبه ، ولكن كان يجب ان ننظر بحكمة لكل المطالب ، فماذا لو اعدنا العمل بقانون توزيع الثروات ، الصادر عام 1958 ، ولنتجاوز اسمه الى قانون توزيع التنمية ، وجعل النسب لكل مناطق ليبيا ملزمة للدولة والحكومة ، عند التخطيط ولتكن بنسبة السكان ، مع مراعاة الجغرافيا ، وماذا يحدث من خراب لو اعدنا الصلاحيات لفرع المصرف المركزي بالمناطق الشرقية ، وكذلك انشاء فرع للمنطقة الجنوبية ، فحتى سنة 1986 لانعرف المركزي بالعاصمة ، بل كانت كل الاجراءات تتم في بنغازي ، اما اليوم فنحن تحت رحمة موظف او موظفة فاسدة بالعاصمة ، تبتزنا لأجل اجراء اداري بسيط ، وماذا يحدث من دمار لو تم تحديد المحافظات واعطائها صلاحيات موسعة ، ما سيحدث فقط ستستقر الدولة ، وتصمت نعرات وتفاهات العنصريين والقبليين ، وستغيب مطالب الانفصال التى دفع الناس الى تبنيها لما يجدونه ، من بعض النخب الفاسدة التى لاتدرك واقعنا ، ومعاناتنا ، ولعل ماسمعناه في ازمة النفط الاخيرة ، والتى تعبر عن ازمة عميقة في المفاهيم ، وجهوية مقيتة ، وكأن بنغازي ليست جزءا من الوطن وكأن نقل مؤسسة النفط الى بنغازي حيث مقرها الاصيل ، هو اصعب من نقلها الى تل آبيب ، نقول لإخوتنا في العاصمة المجيدة المقيدة بفلول المليشيات ويتصدر مشهدها بعض المتطرفين ايضا الجهويين ، الذين يتسمون بالنخب المتعالية ، و يمارسون ضد الشرق والجنوب عنصرية مقيته ، وتعالي بدون مبررات حقيقية ، اننا شركاؤكم في الوطن ، وان خيارنا هو ليبيا الوطن ، ولكننا لن نرضي بغير العدالة والمساواة  ، والحقوق الكاملة ، فنحن نملك معكم العاصمة فتعقلوا وتعالوا معنا الي كلمة حق وعدل لأجل الوطن ولا تتسببوا في تمزيق الوطن .



جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا