أمام عجز الليبيين.. مؤتمر برلين هل يكرس الوصايا على ليبيا؟ - عين ليبيا

من إعداد: د. عبيد الرقيق

منذ حوالي 5 اشهر وبعد أن دخلت الأزمة الليبية منعطفا آخر تمثل في نشوب حرب العاصمة “طرابلس” مع بداية شهر أبريل الماضي، دخلت ألمانيا على الخط وبدأت في تواصلها مع الأطراف المعنية دوليا ومحليا، وهي تسعى جاهدة لعقد مؤتمر في برلين يختص بالأزمة الليبية في محاولة منها لحلحلة الموضوع في الوقت الذي شهدت فيه كل محاولات ومبادرات الدول المعنية فتورا واضحا، ويبدو أن الملف الليبي المثقل بالمبادرات المختلفة من عديد الدول خلال سنوات من عمر الأزمة قد وصل الى مرحلة حاسمة وقد تكون الأخيرة بعد أن استنزفت كل الجهود.

لقد انتظرت الدول الكبرى 8 سنوات، تصارع وتقاتل فيها الليبيون، علهم يجدون حلا لأزمتهم تخللتها بعض التدخلات من هنا وهناك ، غير أن فشل الليبين في التوافق بدأ واضحا وصريحا، ويبدو أن العالم ادرك الآن استحالة أن يتفق الليبيون ويتجاوزون أزمتهم، وبالتالي قصورهم وعجزهم البيّن عن إقامة الدولة المستقرة، بعد أن تم اقصاء نظام القذافي بالقوة من خلال تدخل عسكري وبقرار دولي من مجلس الأمن، هذا يجرّنا إلى التذكير بأن ليبيا كدولة هي صنيعة الأمم المتحدة في كيانها الأساسي عندما تم منحها الإستقلال عام 1951 بقرار من مجلس الأمن وهيئة الأمم المتحدة، وهي هنا تبدو أنها لا تزال رهينة ذلك الوضع وليس ممكنا الفكاك منه رغم توالي السنين!

اذا ليس غريبا ان يكون مؤتمر برلين بخصوص ليبيا مؤتمرا دوليا وبدون حضور الليبيين! فالليبيون للأسف أثبتوا للعالم أنهم عاجزون لا يقدرون على ادارة شئونهم لوحدهم وهم بالتالي يفسحون المجال مرة أخرى للأمم المتحدة والدول الكبرى أن تقوم بهذا الدور نيابة عنهم!، إذا لا غرو أن تكون الأمم المتحدة بمثابة الوصي الشرعي على الليبيين، وبالتالي سيكون لها حق التصرف ودون غيرها في مصير هذا البلد، فهل سيكون مؤتمر برلين مكرسا لتأكيد وتجديد الوصاية على ليبيا وستقرر فيه الدول الكبرى مصير هذه الدولة  ومستقبل شعبها ؟!

لعل حرص المستشارة الألمانية ميركل على الحصول على ضمانات توافق مبدأي من الدول الكبرى المؤثرة في الملف الليبي هو ما دفعها الى تأجيل تاريخ انعقاد مؤتمر برلين، حيث يبدو انه لم تتمكن المانيا من الحصول على تلك الضمانات حتى الآن وهو ما يجعل مصير ذلك المؤتمر غير واضح وربما مهددا بالإلغاء، لكن الثابت هو أنه بمجرد توفر تلك الضمانات فإن المانيا ستسرع في انعقاد مؤتمر برلين وسيعقد بدون حضور الليبيين، فالذين سيقررون مصير ليبيا عندئذ سيحضرون بما في ذلك طبعا الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن بالإضافة الى دول مؤثرة اخرى مثل ايطاليا ومصر وتركيا وكل ذلك بالطبع تحت مظلة الأمم المتحدة!

إن مؤتمر برلين اذا ما كتب له أن ينعقد سيكون ولا شك نقطة فاصلة وحاسمة في موضوع الملف الليبي الغير مستقر منذ 2011م وأتوقع أن يتفق الحاضرون على خطوات عملية تتمثل في الإلتزام بتنفيذ خارطة طريق غسان سلامة التي سبق وان اعلن عنها منذ مدة والجديد في الأمر هو تضمينها في قرار ملزم التنفيذ لمجلس الأمن على غرار قرار 1973 لسنة 2011م ما يعني أن ما سيتفق عليه من خطوات ستكون غير قابلة للمماطلة او الرفض من أي من أطراف الصراع الليبي، إذا يمكننا التساؤل وبمرارة: لماذا يختلف الليبيون ويكرّسون مبدأ الوصاية الدولية عليهم وقد منحوا الإستقلال منذ حوالي 70 عاما مضت؟!.



جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا