تداعيات رسوم ترامب تهزّ قطاع النفط الأمريكي.. خسائر وقلق بين الشركات - عين ليبيا

يشهد قطاع الطاقة الأميركي واحدة من أصعب مراحله منذ سنوات، في ظل تداخل عوامل اقتصادية ضاغطة وسياسات جمركية مثيرة للجدل، مما أحدث ضغوطاً غير مسبوقة على شركات النفط الكبرى.

وتتصاعد المخاوف بين الشركات والعمال على حد سواء، وسط بيئة دولية متقلبة وأسواق تبحث عن التوازن بين المعروض والطلب في مواجهة التحولات العالمية نحو بدائل الطاقة النظيفة.

وبحسب تقرير شبكة “سي إن بي سي”، استجابت شركات النفط الأميركية لتراجع أسعار الخام وارتفاع الرسوم الجمركية عبر تسريح آلاف الوظائف، إضافة إلى موجة اندماجات واستحواذات واسعة في القطاع.

وفقد القطاع 4 آلاف وظيفة حتى أغسطس 2025، وفق بيانات مكتب إحصاءات العمل الأميركي، بينما تراجعت أسعار النفط الأميركي بنسبة 13% منذ بداية العام بفعل زيادة المعروض العالمي من أعضاء تحالف أوبك+.

وأعلنت ثلاث شركات نفط أميركية كبرى ــ إكسون موبيل، شيفرون، وكونوكو فيليبس ــ عن خطط لتقليص الوظائف.

وأوضحت “إكسون” أنها ستلغي 2000 وظيفة ضمن خطة إعادة هيكلة، بينما تعتزم “شيفرون” خفض 20% من قوتها العاملة بحلول 2026، وأكدت “كونوكو فيليبس” نيتها الاستغناء عن 25% من موظفيها.

وعلى نطاق أوسع، فقد قطاع الطاقة الأميركي نحو 9 آلاف وظيفة حتى أغسطس، بزيادة تقارب 30% مقارنة بالفترة نفسها من 2024، وفق مؤسسة Challenger, Gray & Christmas.

كما شهد التوظيف في القطاع تراجعاً حاداً، إذ تخطط شركات الطاقة لشغل نحو ألف وظيفة فقط هذا العام مقابل أكثر من 12 ألف وظيفة في 2024، ما يعكس حالة التباطؤ والتقشف التي تجتاح الصناعة.

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد وعد عند توليه منصبه في يناير 2025 بفترة ازدهار لقطاع النفط والغاز، لكن التعريفات الجمركية التي أعلنها في أبريل خلقت حالة من عدم اليقين، وأثرت مباشرة على ثقة المستثمرين وأسعار الطاقة.

يقول خبير اقتصاديات الطاقة نهاد إسماعيل: “سياسات ترامب القائمة على فرض التعريفات الجمركية والضغط على الشركات لزيادة الإنتاج مع الإصرار على أسعار منخفضة، لا تؤدي فقط إلى إضعاف تنافسية الشركات الأميركية، بل تهدد أيضاً بخروج العديد من الشركات الصغيرة من السوق، وستترك انعكاسات سلبية على الأسواق العالمية للطاقة.”

هذه الإجراءات أدت إلى تأجيل شركات النفط والغاز مشاريع الاستثمار والتوسع، كما أسهمت في تغذية التضخم وإبطاء النمو، في ظل موجة من التسريحات وعمليات الدمج والاستحواذ، ما زاد المخاوف بشأن استقرار القطاع.

وأظهرت نتائج مسح بنك الاحتياطي الفيدرالي في دالاس تشاؤماً متزايداً بين المسؤولين التنفيذيين بشأن مستقبل شركاتهم، مع مخاوف متعلقة بتقلبات السوق وزيادة عمليات الحفر المرتبطة بالرسوم الجمركية.

وأوضح أحد المديرين التنفيذيين في شركة استكشاف وإنتاج: “لقد بدأنا مرحلة تراجع النفط الصخري.”

ويضيف مستشار أسواق الطاقة الدكتور مصطفى البزركان أن التحديات التي تواجه شركات النفط العالمية تشمل انخفاض أسعار النفط، ضعف الاستثمارات في التنقيب والاستخراج نتيجة التحول نحو الطاقة المتجددة، وأزمات مالية ضربت الشركات الصغيرة، ما دفع الشركات الكبرى للاستحواذ عليها وإعادة هيكلة عملياتها.

ويشير البزركان إلى أن وفرة المعروض العالمي وتراجع الطلب، لا سيما بسبب الرسوم الجمركية وانكماش النشاط الصناعي في الصين، تزيد الضغوط على أسعار النفط، مما يفاقم المخاطر أمام الشركات الأميركية والدولية على حد سواء.

ووسط هذه المعطيات، يبدو أن قطاع النفط الأميركي يواجه تحديات مزدوجة: سياسات داخلية محفوفة بالمخاطر ورسوم جمركية مثقلة بالتداعيات، وتحولات عالمية في أسواق الطاقة، ومع استمرار الضغط على أرباح الشركات وتراجع الوظائف، فإن المستقبل القريب لعمال النفط الأميركيين والشركات الكبرى سيظل مشوباً بحالة من عدم اليقين، في حين تواصل الأسواق العالمية للطاقة مراقبة التحولات الأميركية عن كثب.



جميع الحقوق محفوظة © 2025 عين ليبيا