أناشيد الملح.. جزائري يُوثّق رحلة «العودة من الموت» - عين ليبيا

العربي رمضاني أناشيد. [إنترنت]

كتاب ”أناشيد الملح“، بمثابة أول عمل أدبي بقلم مهاجر غير شرعي جزائري، قصد أوروبا بحرًا، ليوثّق معاناة ركوب البحر، من خلال تَحَمُّلَ مخاطر السفر من تركيا إلى القارة العجوز، ليقف على تفاصيل الرحلة المميتة وطبيعة الهجرة غير الشرعية وحياة المهاجر وتعامله مع المهربين وقسوة الظروف المحيطة بالهجرة، سواء في البحر أو البر.

ويتعرض الشاب خلال رحلته إلى مآسٍ عديدة عايش بعضها، ليسلّط الكاتب الضوء على مأساة شباب سوريين، وعراقيين، وأفغان.ويمكن اعتبار الكتاب شهادة على واقع مأساوي، يحدث بعيدًا عن أعين الإعلام والحكومات، ويتجدد بشكل متكرر ضمن دائرة من البشاعة والاستغلال، وانتهاكات أبسط حقوق الإنسان.

وقال رمضاني، خلال تصريحات لـ ”إرم نيوز“، إن ”الحافز لتدوين التجربة، جاء من قلة المؤلفات التي تحكي عن الهجرة غير الشرعية، سواء في الجزائر أو المنطقة العربية، لهذا فضلت أن أقدم تجربتي معتمدًا على فكرة مهمة، وهي الدفاع عن حقوق المهاجرين وحقهم في اللجوء والحماية وفضح الممارسات غير القانونية ضدهم“.

وأضاف:

اعتمدت في تحريري للكتاب على المنهج الوصفي، موثقًا أدق تفاصيل الرحلة، بأدوات المعاينة المباشرة، وخوض التجربة ميدانيًا، مع التركيز على البعد الإنساني، ليصل إلى جميع شرائح القراء، إذ إننا بصدد تجربة مستمرة وما تزال قيد التعتيم، مع استهداف المهتمين بظاهرة الهجرة غير الشرعية، والباحثين منهم بشكل خاص.

ويتطرق العمل إلى أبرز المحطات التي خاضها العربي رمضاني، انطلاقًا من تركيا، مرورًا باليونان وبقية الدول الأوروبية الأخرى، ثم العودة إلى الجزائر، مستعرضًا مختلف أنواع المعاناة والعقبات.

ويقول رمضاني في الكتاب:

جاء المركب يقوده شاب بدا ثملًا يرافقه شاب آخر، وبدأت النساء والأطفال بالصعود، ثم جاء دورنا، وكان مكاني في مقدمة المركب، وخلفي بانغو وعائلته والعائلات السورية والكهل والأوغندي ورفيقه الأريتيري، والشاب الذي يشتغلُ نادلًا في ملهى، وانطلق المركب وبدأ يمخر عباب البحر بسرعة كبيرة، حينها تحمستُ لكون البحر كان هادئًا نسبيًا والمركب سريعًا، سألنا مرافق القائد إذا كان بيننا من يتقن التركية، تقدم الشاب السوري وبعد حديث معه أخبرنا بأنه يريد منا أن نلتزم الصمت ونصبر ونتوكل على الله.

ويضيف:

من سخرية القدر أن ذلك اليوم كان مزامنًا لعيد ميلادي الواحد والثلاثين، ولم أكن أدري ما إذا كانت ستُكتَبُ لي حياةٌ جديدة وعمرٌ آخر أم أنه سينتهي هنا؟ أخبرنا مرافق قائد المركب عن طريق الشاب السوري أننا على وشك الوصول، وحدد وجهتنا حين أشار بيده إلى نقطة ضوءٍ بعيدة بقيتُ أتابعها بتمعن، تارة تبتعد وتارة تختفي، خاصة مع تعاظم الموج الذي كان قاسيًا وعاليًا يحاصرنا من الأمام والخلف وعلى يميننا ويسارنا.

وتابع:

بدأ صراخ النسوة يتعالى مع اشتداد الموج العنيف، أما الأطفال، فلم أسمع أصواتهم، في حين كان الحاج بانغو مع عائلته في حالة صمت وذهول، وبقيتُ متماسكًا، لكن إصرار بحر إيجة على تسليط أمواجه النهمة علينا جعلني أرتعبُ وأفقدُ الأمل في النجاة، خاصة مع ارتفاع مستوى الموج وتعطُّل المركب أحيانًا وسقوط المطر، ثم جاء سرب من الطيور لم أتعرف على أنواعها، بين غربان أو نوارس، لكنّها كانت مخيفة جدًا بحركة أجنحتها العريضة.

”أناشيد الملح“، من إصدارات دار المتوسط، إيطاليا، 2019، ويقع في 336 صفحة من القطع الكبير.



جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا