أين هو التهميش؟ - عين ليبيا

من إعداد: سالم المعداني

لاشك أن الحقوق وفقاً لمنظومة العدالة الاجتماعية مطلب حيوي، فلا يمكن أن نتصور أحد يحيا ولديه القدرة لتحقيق حقوقه، ويرضى أن يعيش بدونها، فهي مسألة كرامة للإنسان، فالإنسان الفاقد للحقوق فاقد لكرامته، شاعر بالغبن، ولكن ذلك لابد أن يكون وفقاً للمنطق، والعقل، والحكمة، ومراعاة الاخرين، وكذلك الظروف المحيطة، والسعي لبناء منظومة قانونية، تضمن الحقوق، ومنها الحريات، برعاية مؤسسة قضائية، تنصف الجميع.

إلا أن أصحاب النظر القصير، يرون في العدالة فقط توزيع الثروات، والمناصب، وتلك حقيقة جزء من العدالة، وليست العدالة كلها، ولكن لابد من أن تطلب تلك المطالب بوسائل ليست مستفزة للأخرين، ومن خلال تفعيل حوار وطني شامل، لتقوية النسيج الاجتماعي، وعدم تحميل المجتمع تكاليف اجتماعية، ومنها انتشار الكراهية، والحقد، والتباغض.

السؤال أين هو التهميش؟ وهل طال مكان دون مكان في العهد السابق، وهل ثروة ليبيا استغلت في مكان دون مكان، وهل توجد في مسلاته وترهونة وبن وليد ناطحات سحاب، أوبنية تحتية، لما لا تزوروا الجبل الغربي، الذي يسكن جزء من اهله في المغارات الجبلية، في حين بنيت الفلل في مزارع المرج، وهو حقهم بالتاكيد، وهل شبكة الطرق بالجبل الاخضر يوجد لها مثيل غربا او جنوبا، وهل هناك مترو للانفاق بالعاصمة، ولما لا تتحدثون عن شعبية الحزام الاخضر، وكيف سرقت ميزانيتها، ووزعت في صالون أمين المالية، ألا تتذكرون مشروع الوحدات السكنية الجاهزة، وفي ذات المشروع نفذت سبعة آلاف شقة ببنغازي، بينما نفذت خمسة آلاف بطرابلس العاصمة، علماً أن عدد سكان العاصمة ثلاث أضعاف بنغازي، ولم يحتج أحد، ولم يغضب أحد، والسؤال الأهم هل كانت هذه الثروة حقا لليبيين، ام ان انقلاب سبتمبر كان لمنع الليبيين كما غيرهم من العرب من الاستفادة من تلك الثروات، ونحن نرى ونشاهد نقمة النفط على السعودية، وليبيا، والعراق، فهي افقر الدول، وثرواتها كلها هناك في البنوك الامريكية، والاوروبية، فحقيقة الامر ان نفطنا وثرواتنا للامريكان والقليل منه للاوروبيين ولا مانع من الزهيد منه لاستمرار تلك الجماهيريات وتلك الممالك الفاسدة.

حقيقة الانفاق في ليبيا كانت تحت رعاية عصابة، تجمعت في العاصمة من كل انحاء ليبيا، وكان للشرق والجنوب حصتهم من أولئك اللصوص، والذين استغلوا وسرقوا، وليعلم من لا يعلم ان نسبة الطرق الاسفلتية لا تمثل اكثر من 15 %من اجمالي طرق العاصمة، وكذلك شبكة الصرف الصحي.

عندما قامت ثورة فبراير وغيرها، من ثورات الربيع العربي، كان من اهدافها الاساسية استرداد الثروات، والاهم استرداد القرار العربي، ولكن المكائد، والخونة، واصحاب التفكير الايديولوجي، الغير ناضج، واصحاب العقول القبلية المتخلفة جدا، كانت حجر عثرة، فتمركزت تلك القوي الرديئة في مفاصل الدول، وانهكتها، واججت الاجندات العنصرية، والقبلية، لتتصدر الواجهة، ولم تترك تلك القوي مجالا للمصلحين، وانصار الدولة والقانون، وبدأت مبكرا جدا في صناعة الفوضي، ولعل اجتماع مصنع الصابون ببنغازي، لبعض تلك القوي القبلية المتخلفة، كان أول تلك الكوارث على الوطن، والتى ارادت به تلك القوي ان تفرض اجندتها على الليبيين، وان تسعي لتقسيم البلاد عبر حدود يصنعونها داخل جدار الوطن، بل ويصنفون اهل بنغازي وغيرها، بالغرباء عن ارضهم، وسببوا جرحا في القلوب، وضغينة وكراهية والعجيب ان من تصدروا ذلك المشهد، مشهود لهم بكل الصفات الغير محمودة، وهم طلاب مناصب فقط لاغير، والاعتراض لم يكن ابدا كيف يمكن ان نختار نظام حكم محلي فذلك يمكن طرحه على المجتمع للنقاش، ولكن كان قرارهم هو فرض ذلك النظام الاتحادي القديم، حتى يجدوا لأنفسهم المناصب والوظائف، احب من احب، وكره من كره، بل انهم كانوا في عجلة من امرهم، فاسسوا بعيدا عن القانون حكومة، ومجلس، وقرروا في عبط وتيه وغياب للعقل، ايقاف تصدير النفط، وهو عصب الحياة، وضيعوا على خزينة الدولة أكثر من مائة مليار دولار، وتقدموا عن الحدود التاريخية وهو القوس، الى الوادي الاحمر، في استفزاز عجيب، قابله شركائهم في الوطن، بالدهشة والتعجب والحكمة.

ان الحقوق لابد ان يحفظها القانون، ولابد لهؤلاء القصر عقلا أولا ان يعترفوا إن ارادوا نقاشا بأن للمناطق الشرقية تركيبة سكانية، يمثل فيها الحضر نصف السكان، وان حقوق المواطنة ليست منة من احد، وان مطلب التنمية لابد ان يحقق عدالته الدستور، والقانون، وان الليبيين مجتمع واحد متجانس، وان الكفاءة هي شهادة تولى المناصب، والاداراة، ولو كانوا كلهم من قرية واحدة، في اقصي الجنوب، وأن ليبيا واحدة، لن تستطيع مؤامرات الاعداء خاصة الاشقاء أن تقسمها، احب من احب، وكره من كره، ولن نؤسس دولة محاصة وقبائل، بل سنؤسس دولة القانون، والحقوق، والعدالة، تحت مظلة الدستور، وليذهب أولئك العنصريون الى الجحيم، فلا احد يلقي لهم بالا، فقد بدأت عملية تحرير ليبيا ليس فقط من العسكر، واحلامهم، وظلمهم، بل ومن العنصريين واحقادهم.



جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا