إحياء يوم عاشوراء موروث عريق مهدد بالاندثار في ليبيا - عين ليبيا

إحياء يوم عاشوراء موروث عريق في ليبيا

“عاشوراء” العاشر من شهر محرم هذا اليوم المبارك فقد ورد أن سيدنا آدم عليه السلام تاب في هذا اليوم وفيه استوت سفينة سيدنا نوح على الجودي وهو اليوم الذي رد فيه يوسف على يعقوب ونجا فيه الله إبراهيم من النار.

طقوس ليبية

ليوم “عاشوراء” في ليبيا طقوس خاصة تبدأ بصيام هذا اليوم والاغتسال فيه. أما النساء فتحيين عاشوراء بطرق مختلفة ، وهذه المناسبة بمثابة راحة لهن خصوصا ربات البيوت منهن حيث أنهن لا يطبخن في هذا اليوم سوى بعض البقوليات “الحمص والفول ” بل ويقمن بتخضيب أيديهن بالحناء وتكحيل أعينهن وبناتهن الصغار بالكحل العربي ومنهن أيضا من يقمن باقتصاص جزء من شعورهن اعتقادا منهن بأنهن لو فعلن هذه الطقوس فإنها ستزيد من طوله.

رأي علماء الدين

بعض علماء الدين يرى أن الاحتفال بذكرى “عاشوراء ” وما يصحبها من طقوس بدعة ، و لم يرد شيء من هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه التابعين، في الوقت الذي يُبرر فيه العديد من القائمين بهذه الطقوس ويُسندونها بأحاديث تدعمها مثلما رووا أن “من اكتحل يوم عاشوراء لم يرمد من ذلك العام” و”من اغتسل يوم عاشوراء لم يمرض من ذلك العام“.

ولطبخ البقوليات في هذا اليوم دلالة لديهم حيث أن سيدنا نوح عليه السلام عندما نجاه الله ومن معه من الطوفان ورست به السفينة على جبل الجودي أخرج من السفينة بقايا البقوليات التي كانت طعامهم وقام بطحنها حيث نزلت فيها البركة.

عادات ليبية بعضها اندثر

تروي لنا “وردة المنقوش” وهي امرأة مسنة تبلغ من العمر 94 عاما عندما عادت بذاكرتها سنينا إلى الوراء بعض التفاصيل عن ما جرت عليه العائلات الليبية في إحياء هذه الذكرى فتقول “اعتدنا في يوم عاشوراء الذهاب لزيارة موتانا في القبور صباحا ومن ثم نعود إلى منازلنا فنغتسل ونكتحل ونقوم بطبخ الحمص أو الفول”، وتدارك قائلة “لا علم لي بأسباب طبخنا البقوليات فقد وجدنا سابقينا يقومون بها فورثناها”.

وتستطرد المنقوش وهي تغوص أكثر في ذكريات الماضي “كنا نصنع رجلا من الخشب ونُلبسه اللباس الليبي (البدلة العربية والطاقية) نُسميه (الشيشباني) ونجوب به شوارع طرابلس ليلا طلبا للحمص أو الفول”.

وتضيف “نجوب الشوارع به ونحن نُغني (شيشباني ياباني هذا حال الشيباني هذا حاله وأحواله ربي يطيح مزاله) متأسفة على اختفاء هذه الطقوس الآن ومرجحة استبدالها بالألعاب النارية في الوقت الحالي”.

وتسهب “كان الأهالي يُسرعون في منح الأطفال (الفول والحمص) خوفا من قذفهن بعبارات غاضبة”، وتقول “كنا نقول لربت البيت التي لا تُقدم لنا الفول والحمص وبصوت عال (اللي ما تعطيش الفول راجلها يولي مهبول” بمعنى أن زوجها يسجن” واللي ما تعطيش الحمص راجلها يوللي يتلمس ”بمعنى أنه سيصبح فاقد البصر” ومن كان يتأخر قليلا عنا كنا نُغني (الرحى معلقة والمرا مطلقة) .

تجاهل وموروث

وبغض النظر عن من يُجيز هذه الطقوس أو يُصنفها في مرتبة البدع أو حتى من يُحرمها يبقى ليوم “عاشوراء” خصوصيته في ليبيا حتى وإن لم تُمارس هذه الطقوس ولم ينزل الأطفال إلى الشوارع يبقى الإصرار على طبخ الفول والحمص والاكتحال وقص الشعر ثوابت لا يُستغنى عنها في هذا اليوم حتى وإن جهل بعض ممارسي الطقوس الأسباب التي جعلتهم يُمارسونها إن سألت سيُجيبك أغلبهم بأن هذه طقوس وصلت إليهم بالتوارث بل ويُصنفونها ضمن الموروث الشعبي.



جميع الحقوق محفوظة © 2025 عين ليبيا