إلى سيادة المشير خليفة حفتر.. قبل أن تدخل طرابلس فاتحاً.. - عين ليبيا

من إعداد: عبدالرزاق العرادي

مؤخراً تناولت بعض وسائل الإعلام؛ حديث لك منحت فيه مؤسسات الاتفاق السياسي، الرئاسي والنواب والمجلس الأعلى، حتى ديسمبر هذا العام لحلحة المشاكل التي يعاني منها المواطن الليبي، و إلا فإنك ستدخل طرابلس فاتحاً؛ الفتح الذي يعني اصطلاحاً هو؛ ضم البلاد المفتوحة إلى الدولة الفاتحة، واعتبارها ولاية من ولاياتها، وتطبيق النظام الحاكم في البلد الأم على الولاية الجديدة.

وكأن طرابلس دولة أخرى أو ولاية انفصلت عن ليبيا أو عن الإسلام فيبشرها المسماري بالفتح[1]، طرابلس التي فتحت حضنها لكل الليبيين بما فيهم الذين هُجروا من بنغازي وتاورغاء وككله وغيرها، طرابلس التي جعلتهم من أبنائها منذ الساعات الأولى التي حلوا بها، طرابلس التي عاد إليها كل الساسة ويعشقون العيش بها، ويطيب لهم المقام فيها، طرابلس التي لو جاءها المسماري ذاته، مسالما لا محاربا، لرحبت به رغم تجاوزاته.

سيد حفتر إن ادعاءكم الانحياز إلى المواطن الليبي، الذي يعاني من سوء المعيشة ومن المزايدات الرخيصة من الساسة والعسكر ومليشياتهم، يلزمكم أن تجيبوا على جملة من الأسئلة.. هل كان المواطن الليبي يعاني من هذه المشاكل، حين أعلنت على قناة العربية في فبراير 2014 تجميد الإعلان الدستوري؟ [2]

هل كان المواطن الليبي يعاني من هذه المآسي يوم أعلنت عملية الكرامة، في مايو من نفس العام، وجعلت من أعضاء المؤتمر الوطني العام أهدافا مشروعة؟.. تتذكرون ذلك اليوم؟ لم يكن حينذاك طوابير على المصارف، وكان سعر الدولار حينها مطابقا للسعر الرسمي ولم يكن هناك انقطاع للكهرباء كما نراه اليوم ولا يوجد نقص في الوقود، وفي المجمل  لم تكن الأوضاع المعيشية بحالها الآن، ولم يكن لليبيا حكومتان، ولا مؤسستان تشريعيتان، ولا جيشان.

 

كان بالإمكان أن يكون لدينا جيش واحد وكنت أعتقد أن الراحل عبدالفتاح يونس، رحمه الله، وحضرتكم أفضل من باستطاعتهما بناء القوات المسلحة، ففي مقابلة أجرتها معي صحيفة ليبيا الجديدة في 2013م سألني المحاور؛ عن حضرتكم فقلت أنك أفضل من يعيد بناء الجيش، لكن عليك أن تفتح ملف تشاد مع الشعب الليبي وتجيب على عديد الأسئلة المرّة..  السيد خليفة أريد منكم أن تحدث الليبيين بكل صراحة عن كارثة حرب تشاد[3]، وحقيقة ما يقال عن ارتكاب القوات الليبية تحت إمرتك مجازر ومذابح في قرى تشادية مسالمة. وعن حقيقة التنكيل بالجنود الليبيين وعن إقحام أطفال ليبيين في الحرب[4]، وعن حقيقة ما عاناه الجيش تحت إمرتكم في تلك الحرب؟

وعن ظروف الأسر وما جرى في السجون والمعتقلات التشادية، حدثنا عن الصفقة التي خرجت بموجبها من الأسر[5] وحقيقة ما نشرته الصحافة الأمريكية من وثائق عن ارتباطكم بالمخابرات الأمريكية لفترة من الزمن[6]، وقبل ذلك عن طريقة تمردكم على القذافي، وأنتم في سجون دولة محاربة لليبيا؟ كيف تحولت من ضابط في قوات القذافي إلى معارض له، ثم فسر للشعب الليبي كيف قام القذافي، الذي عارضته، بشراء فيلا لك بالقاهرة[7]، ثم كيف شاركت في إسقاطه ولماذا تستعين الآن بأجهزته من أجل الإجهاز على خصومك؟

إذا أجبتم على جملة تلك الأسئلة، وأريدكم أن تتذكروا أننا نريد إجابة مدعومة بالوقائع والوثائق، ونريد حديثا صريحا مسترسلا يسمعه الليبيون فيقنعهم، أو يقبلون بالأعذار التي تسوقونها أثناءه، أو على الأقل يجدونها أقرب إلى الدقة والمصداقية. إنكم ستتحدثون عن تاريخ كلنا شاهدون عليه، وكلنا عايشناه، كما أن وثائقه ووقائعه ماثلة أمامنا، لأن أغلبه متلفز ومصور، ومحفوظ وموثق من عشرات المؤسسات الراصدة لما يحدث في ليبيا.

فعلى سبيل المثال؛ رميكم للخصوم بالإرهاب ودعمه بعد ردح من الزمان مدحتهم فيه؛ حدثني رئيس حزب العدالة والبناء الأستاذ محمد صوان؛ أنكم قمتم بزيارته في مكتبه بطرابلس إبان انتخاب المؤتمر الوطني العام في 2012م، واستمر اللقاء ثلاث ساعات، وكان حميميا، تناولت فيه المعارضة الليبية وأثنيت فيها على الإخوان ودورهم ثم رميتهم، بعد أقل من سنتين، بالإرهاب. فما الذي حدث؟ وما الذي تغير؟ وهل له علاقة بما حدث في مصر؟.

نعي إنه لا خيار للشعب الليبي إلا أن تكون له علاقات متميزة مع محيطه وبالذات جيرانه، نعي أنه لابد من مصالح اقتصادية متميزة مع الجيران وبالذات مع جمهورية مصر، لكنك صرحت تصريح خطير بالغت فيه وقلت فيه إنك مع مصر وإن اتخذت قرارات في غير مصلحة ليبيا[8]، فهل هكذا تبنى العلاقات مع الدول، أم تبنى على المصالح المشتركة؟ هل النخبة التي تسعى للوصول للحكم عليها تقديم مصلحة بلادها أولاً أم العكس؟ هل من مصلحة ليبيا أن يشحن النفط من الشرق الليبي، منذ أواخر 2014م، دون عدادات ولا حسيب ولا رقيب[9][10]؟ هل من مصلحة ليبيا أن نستورد خصومات دول أخرى ونستنسخ تعريفها للإرهاب والإرهاب المحتمل؟

وبمناسبة الحديث عن الإرهاب المحتمل.. نريد من حضرتكم إطلالة قصيرة، ولكن واضحة، ومبسوطة وصريحة، عن مفهومكم للإرهاب، وهل حربكم هي على الإرهاب أم بالإرهاب؟ نريد أن نعرف من حضرتكم كيف تحول من كنت تراهم وطنيين شرفاء إلى إرهابيين أو داعمين للإرهاب؟ كيف اكتسب بعض من كانوا بالأمس معارضة وطنية أو ثوارا هذه الصفة؟ وكيف أصبحوا وحوشا بشرية بعد أن حملهم الشعب الليبي على أعناقه في الثورة؟ وبعد أن قادوا البطولات دفاعا عن الأرض والعرض في الحرب ضد كتائب القذافي؟

لا نشك في وجود إرهابيين في ليبيا، ولكن لماذا ترمى خصومك السياسيين وكذلك الثوار بالإرهاب؟ هل تم التحقيق المحايد والشفاف في كل جرائم الاغتيالات[11] الذي حدثت في بنغازي بل في كل ليبيا؟ وبالذات جرائم اغتيال اللواء عبدالفتاح يونس، والسفير الأمريكي والعديد من الضباط والنشطاء؟ لا بد من التحقيق، الدولي في بعض الأحيان، في كل جرائم الاغتيالات[12]، حتى نقاتل معاً الإرهاب لا بالإرهاب.

سيد خليفة قبل أن نبتعد عن حديث الإرهاب، نريد منكم تعريفا لداعش في ليبيا، وعرضا واضحا لعلاقتكم بها، وحقيقة توفيركم لممرات آمنة لها، نريد ردا بمستوى الصراحة والصدق، على هذه المزاعم؛ من أمن لهم ممرا آمنا عندما طردوا من درنة، وأين كان طيرانكم وقافلة الإرهابيين، التي أذاقت أهل درنة الأمرين، تعبر  الصحراء لأكثر من يوم وليلة متجهة إلى مدينة سرت عبر صحراء مفتوحة؟ فتح لهم ممر آمن للفتك بخصومك في سرت، خصومك الذين يشاركونك نفس المهمة، مهمة محاربة الإرهاب، منح لداعش ممر آمن من درنة وحتى سرت[13]، لا يحميهم في الصحراء شجر ولا حجر، ولا غطاء جوي، ولا حتى ظلام دامس يمنع من الرؤية؟

كذلك حقيقة انسحاب داعش من بنغازي[14] على مرأى ومسمع من قواتكم التي فتحت عيونها على أهالي قنفودة، فتحت عليهم أبواب الجحيم، بينما كان انسحاب مقاتلو داعش برداً وسلاماً؟ وهل جرى أي نوع من التنسيق بين المنسحبين وبين قواتكم التي تطوق منطقتي الصابري وسوق الحوت، وكل مناطق بنغازي[15]؟

وبمناسبة الحديث عن قنفودة وما يقوم به بعض ممن يأتمرون بأمركم من جرائم حرب، رصدها العالم وتحدثت عنها منظمات دولية[16]، هل كانت هذه الجرائم تنفيذا لأمر صدر منكم؟. لقد رصدت الكاميرات تعليمات لجنودكم تقول فيها: لا تأتوا بهم إلى السجن، مفيش سجن، الميدان الميدان[17]، فهل هذه خطة مماثلة لما صدر عن الإرهابيين من أدبيات عن إستراتيجية التوحش؟

وعلى صلة بموضوع الإرهاب دائما؛ ما حقيقة ما يقوم به طيرانكم والطيران الأجنبي الذي يساعده في مدينة درنة؟ ولماذا تأخرت كثافة طلعاتكم حتى انسحبت داعش من درنة؟

حرب الشهور الستة التي عرفتها سرت ضد تنظيم الدولة، والتي سقط فيها مآت الشهداء، وآلاف الجرحى، وأدت إلى طرد داعش من سرت، ماذا كانت طبيعة مشاركتكم فيها؟ ولماذا لم تقدموا المساعدة للقوات الليبية من أجل تحرير مدينة سرت التي رزحت تحت قبضة التنظيم لمدة سنتين أو أكثر[18]؟ تذكروا سيد حفتر أننا نتحدث عن تاريخ كلنا حاضرون، ومتابعون له.

وغير بعيد عن هذا أرجو أن تحدثوا الليبيين عن مفهومكم للدولة، موقفكم من الانتخابات والديمقراطية، وحرية الإعلام واستقلال القضاء، وطبيعة الدولة والنظام الذي ترون أنه من المناسب أن يحكم ليبيا، وهل تقبلون بالتداول السلمي على السلطة، وتؤمنون بدولة المؤسسات؟ وهل تؤمن بأن تكون مؤسسة الجيش تحت السلطة المدنية وليست فوقها؟ وما هو النموذج الذي تتوقعون أن تصير إليه ليبيا تحت قيادتكم، أقصد من بين الدول العربية والغربية، والإفريقية؟

[1]https://alwasat.ly/ar/news/libya/146327/

[2]https://www.youtube.com/watch?v=2-5u7XQjE7I

[3]http://archive.libya-al-mostakbal.org/Articles0809/dr_fathi_alfadhli_170809.html

[4]https://www.youtube.com/watch?v=VirTmgijOIA

[5]https://www.facebook.com/almeezan.libya/posts/662778497142613

[6]https://www.washingtonpost.com/world/national-security/a-former-cia-asset-has-become-a-us-headache-in-libya/2016/08/17/a766e392-54c6-11e6-bbf5-957ad17b4385_story.html?utm_term=.fe25906c7bff

[7]https://www.youtube.com/watch?v=GebGlX2l_OY الدقيقة 33:30

[8]https://www.youtube.com/watch?v=7Nk5mWDzX7w

[9]http://www.aljazeera.net/news/arabic/2016/10/17/%D8%AC%D9%86%D8%B1%D8%A7%D9%84-%D9%85%D8%A4%D9%8A%D8%AF-%D9%84%D8%AD%D9%81%D8%AA%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%81%D8%B7-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%8A%D8%A8%D9%8A-%D8%AA%D8%AD%D8%AA-%D8%B3%D9%8A%D8%B7%D8%B1%D8%A9-%D9%85%D8%B5%D8%B1

[10]http://www.masrawy.com/news/News_Egypt/details/2016/9/16/939717/%D9%85%D8%B3%D8%AA%D8%B4%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%8A%D8%B4-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%8A%D8%A8%D9%8A-%D9%85%D8%B3%D8%AA%D8%B9%D8%AF%D9%88%D9%86-%D9%84%D8%A8%D9%8A%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%81%D8%B7-%D9%84%D9%84%D9%82%D8%A7%D9%87%D8%B1%D8%A9-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%86%D9%8A%D9%87-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B5%D8%B1%D9%8A

[11]http://www.libyaakhbar.com/libya-news/118402.html

[12]https://www.hrw.org/ar/news/2013/08/08/250722

[13]http://www.aljazeera.net/programs/private-investigation/2017/5/24/%D8%AA%D8%B1%D9%88%D9%8A%D8%AC-%D8%AA%D8%AD%D9%82%D9%8A%D9%82-%D8%AE%D8%A7%D8%B5-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%85%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D8%AD%D8%B1%D9%83%D8%A9-%D8%AF%D8%B1%D9%86%D8%A9

[14]http://www.aljazeera.net/news/arabic/2017/1/5/%D8%AA%D9%86%D8%B8%D9%8A%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A9-%D9%8A%D9%86%D8%B3%D8%AD%D8%A8-%D9%85%D9%86-%D8%A8%D9%86%D8%BA%D8%A7%D8%B2%D9%8A

[15]http://www.watanserb.com/2017/05/26/%D8%B4%D8%A7%D9%87%D8%AF-%D8%B6%D8%A8%D8%A7%D8%B7-%D9%85%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%86-%D9%84%D9%80%D8%AD%D9%81%D8%AA%D8%B1-%D9%8A%D8%B9%D9%84%D9%86%D9%88%D9%86-%D8%B9%D8%AF%D9%85/

[16]http://www.aljazeera.net/news/arabic/2017/3/21/%D9%81%D9%8A%D8%AF%D9%8A%D9%88%D9%87%D8%A7%D8%AA-%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%85%D8%A9-%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D9%87%D8%A7%D9%83%D8%A7%D8%AA-%D9%82%D9%88%D8%A7%D8%AA-%D8%AD%D9%81%D8%AA%D8%B1-%D8%B6%D8%AF-%D8%AE%D8%B5%D9%88%D9%85%D9%87%D8%A7

[17]https://www.facebook.com/100006636256852/videos/vb.100006636256852/2051474805083708/?type=2&theater

[18]http://alwasat.ly/ar/news/libya/117003/



جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا