اختفاء جمال خاشقجي، السعودية وتركيا استهداف مخابراتي !! - عين ليبيا

من إعداد: د. عبيد الرقيق

تشغل قضية اختفاء الكاتب والصحفي السعودي جمال خاشقجي هذه الأيام الرأي العام الدولي والإقليمي، والمتتبع لأحداث القضية لا يمكنه إلا أن يستنتج أن وراء ذلك أيد خفية نافذة ومتمكنة على الساحة الدولية، فالاستخبارات الأمريكية والصهيونية والبريطانية تبدو هي المحرك الاساسي لخيوط القضية، والهدف بالطبع دق الاسفين في صدر العلاقات السعودية التركية التي كانت الى وقت قريب قوية ومتماسكة الا ان ما شابها من فتور خلال السنتين الأخيرتين كنتيجة للموقف السعودي من حرب اليمن وما تلاه من خلاف كبير بين السعودية وقطر يدعم بقوة مكنة الاختراق الاستخباراتي الغربي لزيادة تفسخ الرباط العلائقي بين تركيا والسعودية.

يصعب تصديق الرواية التركية التي مفادها أن الخاشقجي قد اختطف وحتى قتل في القنصلية السعودية بتركيا!، فلا يمكن منطقيا ان يحدث هذا ، فالسعوديون بمقدورهم اختطاف الخاشقجي المختفي الآن بعيدا عن قنصليتهم في استنبول، فمن غير المعقول أن يأتي للقنصلية وبرفقته خطيبته ثم يختطف وهي شاهدة على ذلك، كان سهلا تدبير أمر اختطافه بالتنسيق مع عصابات محترفة وبعيدا عن الشبهات وخارج القنصلية او اي مكان تحت تصرف الحكومة السعودية في تركيا! سيناريو واحد فقط يمكن تصديقه حول هذه الرواية التركية وهو أن الخاشقجي قد دخل القنصلية السعودية فعلا ولم يخرج منها بتنسيق مع الأتراك انفسهم عبر عملاء مخابراتهم وبتنسيق مع المخابرات السعودية، ما يعني أن الأتراك داخلون في اللعبة اساسا وعلى علم مسبق بدخول خاشقجي والا كيف لهم ان يعرفوا اصلا بأنه دخل القنصلية، فهل كل سفارات العالم تراقب من اجهزة أمن الدول المضيفة بالدرجة التي تمكنهم من معرفة كل الداخلين اليها والخارجين منها على مدار السنة؟!

قد يكون السيناريو المحتمل في هذه القضية يتمثل في أن يكون الخاشقجي قد اختطف من قبل مجموعات محترفة وبتسهيلات استخباراتية غربية، ولكن من خارج القنصلية السعودية، حيث تم تهريبه وتسليمه للمخابرات السعودية، ولهذا تم فبركة الرواية التركية حفاظا على ماء وجه الدبلوماسية التركية! كون الخاشقجي في حمايتها وفوق ارضها ساعة الاختطاف، وتريد تركيا ان تبرر اخفاقها لتتنصل من تبعات المسئولية المدنية في حماية المقيمين فيها ملصقة التهمة بالسعوديين، وقد استعملت في ذلك خطيبة الخاشقجي ذات الأصل التركي والتي تقول الرواية انها كانت تصحبه اثناء دخوله القنصلية حيث منعت من الدخول ودخل وحيدا!، وهي أي خطيبته من ابلغت عن اختفائه من بعد عندما اتصلت بالسلطات التركية بعدم خروجه.

وأي يكون الأمر فإن قضية اختفاء الخاشقجي، تكون قد وضعت السلطات السعودية والتركية في حرج كبير مما يضطرهما للبحث عن مخرج لكل منهما امام الرأي العام ولو بتلفيق وفبركة القصص، غير أن انعكاسات هذه القضية الخطيرة والتي تم تدويلها بالحجم الكبير ستكون جسيمة ومؤثرة على السعودية بالدرجة الأولى وعلى تركيا ثانيا، فالسعودية سيتم ابتزازها بشكل سافر من قبل ترامب حقوقيا وسياسيا خدمة للغرض المالي، وتركيا ستتأثر بها في زيادة حدة الخلاف بينها وبين السعودية خاصة وأن العلاقات بينهما تشهد فتورا ملحوظا منذ مدة على خلفية موضوع اليمن وقطر، وأمام هذه التحديات قد يكون من الأنسب للسعودية وتركيا ان تعملا على التنسيق المشترك فيما بينهما لإظهار الحقيقة وكشف ملابسات القضية والتعاون لأجل الخروج بموقف متزن يخدم مصالحهما وتفوتان الفرصة على من يسعى لدق اسفين الفرقة والشقاق بينهما وتوتر العلاقات.



جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا