الأمنُ والأمان.. في برقة الشُجعان - عين ليبيا

من إعداد: عبد المجيد المنصوري

عشت الأسبوعين الماضيين، متنقلاً فى ربوع مدن برقة الشجعان، بل أننى كتبت هذا المقال تحديداً بأرض البهاء، مدينة  البيضاء… فتاريخ أهل برقة غنى عن التعريف فى الجهاد الليبى إبان الاستعمار الإيطالى، ورمزه عمر المختار، وهاهم شجعان مدن برقة بكاملها،  برفقة كم كبير من شجعان مدن وقبائل عديدة من ليبيـا، وهبوا أرواحهم، فسطروا ملحمة انتصار الجيش الليبى على إرهاب استعمار الربيع الأسود، وعررابيهم مـِنـَّـا… فطوبى لبرقة.

نعم… لم يكن الأمان بهذه المدن هبة من أحد… ولكن كان ثمنه دماً وأرواحاً… بدأ الدمار الرهيب المُريع، بضربنا الليبيين ببعضنا، إثر كذبة سطروها دول الناتوا وذيولهم، من بعض عربان الخليج، فى فبراير 2011، الذين انطلقوا بأساطيلهم يصبون الحمم على كل أركان ليبيـا، من أجل إنقاذ (بنغازى؟) من (رتل) الجيش الليبى آنذاك؟!!! كذبة كبيرة انطلت علينا الشعب المقروح… فكان أثرها الرهيب، حصاد أرواح عشرات الآلاف من خيرة شباب الأمة، واستمر يحصد العشرات ولربما المئات شهرياً حتى اليوم، وإلى أن نغير ما بأنفسنا.

نعم، وقعنا فالمحضور، وصدَّقنا الكذب البواح، دون أن نجلس على كراسى عقولنا، ونفكر (منذ متى) كان أبناء جيش ليبيـا، يقتلون شعبهم الذين هم فالأصل أبناؤه؟؟؟!!! بل ولم يكن غرض الجيش الليبى آنذاك، إلا تدمير الفتنة التى خطط لها أهل الناتو، وزَفـَّها إلينا عرررابوهم مِن ديوثى السياسة ومـُـدَّعييها!، الذين هم أنفسهم، لا زالو غربان ناعقة، يحومون حولنا، مرشحين أنفسهم لرئاستنا!!! حسب ما وعدهم به أهل الناتو وذيوله (العربان)  وإمامهم ليفي.

فكان من كل الضباط الذين قادوا رتل مواجهة الإرهابيين، أن شهدوا بعكس رواية الناتو، بل أكدوا جميعهم، على التعليمات المشددة إليهم، بعدم التعرض لأى مدنى، بل هدفهم الأوحد> الأرهابيين… كما خرج من غـرروا به (عبد الجليل) قبل أن يتفرغ لطب (قذف) الكرة فى دبى، وقال إن الذين أرتدوا الخوذات الصفراء، لم يكونوا (تبع) القذافى، وها هو حالنا، بدل أن يأتى لنا جلييل بدبى، ذهب هو لها، و ورثنا نحن  الدواعش، (عائثين) فينا قتلاً وتدميراً.

بناءاً على (الكذبات المفبركة إياها) انطلقت حمم قاذفات الناتو، ولم يتوقفوا حتى، أفقصت صيصان إرهابهم، وبدأت تتحرك، وتحصد أرواحنا ذبحاً وتفجيرا… وكانت الكرامة فالموعد، بشباب برقة وسائر أهلها الشـُجعان، مع كل من التحق بهم من سائر شجعان القبائل الليبية، من الجنوب والغرب، بالمرصاد، يروون أرضها بدمائهم، حتى كشطوا غرغرينة الإرهاب من كل أركان برقة… داعين الله أن يفرج كرب باقى مدن ليبيـا، التى لا زال الأرهاب يجلس القرفصاء، فوق رؤوس أهلها… وسيبقى كذلك، ما لم يشربوا حليب سباع برقة، ويهبوا كما هب اُسُودها، وإلا سيبقون أبد الدهر  بين الحفر.

فها هى أرواح شهداء شجعان برقة، تزهر أمناً وسلاماً ، يعم ربوع كل مـُـدنها وقراها ووديانها، التى تحتضن الآن كل الليبيين دون تمييز، إذ التقيتُ كثيرين من الأصحاب، حيث تقطعت بهم السبل، خلال السبع العجاف، منهم الوزير ومنهم المدير والتاجر، والمتقاعد، يحضنهم كرم مدن برقة ودفئها المعتاد، برقة التى كانت وستظل الحضن الذى يهجع له كل الليبيين، كل ما أتى عليهم حيف المستعمرين.

ولمن يُسقطون توجـُـهات عدد من العناصر الإنقسامية، على كل أهل برقة… نقول لهم من مدنها التى زرتها هذه الأيام (بنغازى، المرج، البيضاء، القبة وطبرق وغيرها) أن ذلك مجرد تجنى فاضح، حيث العناصر الإنقسامية (وهى مجرد وجهة نظر، نحترمها) ليس حكراً على برقة، بل فى كل ركن بليبيـا… حتى أن نبرة بعض الانقساميين بغرب وجنوب ليبيـا صارت الأعلى، مؤكداً وفق ما سمعت ورأيت، أن برقة… ستبقى صخرة تنكسر عليها كل التوجهات الأنقسامية، بل أن الموحدين فيها وفى كل ليبيـا هم الأغلبية.

والحال هذه، من أمن وأمان، بربيع مدن برقة الدائم، نوجه الدعوة، من الجبل الأخضر (الجنة) لكل من تقطعت بهم السبل من الليبيين، وقذف بهم ربيع ليفى، بكل أصقاع الدنيا، وتستقوى عليهم ظروف الحياة والعازة… ها هى  مدن برقة (فى زمن استعمار ربيع ليفى الأسود هذا) تماماً، كما كانت أيام الاستعمار الإيطالى الأغبر، أمكم الحنون والحضن الدافىء لكم.

فهلموا بالرجوع الى ليبيـا، وتنقلوا واستقروا حيث شئتم، فى بنغازى أو المرج أو البيضاء أو طبرق أو أى مكان بسهول برقة الخضراء المُزهرة، فالميسور منكم، يستثمر فيها فهى وطنه، إذ وكما يقول المثل (إللى بنا فى بلاد، غير بلاده، لا ليه لا للولاده) ومن ليس معه، فأهلها الشهامة والكرم الأصيليين، سيقتسمون معه رغيف عيشهم، وفرشتهم ولحافهم، فلا مثيل لحضن الوطن، ودامت ليبيا آمنة موحدة… أللهم آمين.



جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا