الأمين بين الإفتاء وتنسيقية الإرهاب السياسي - عين ليبيا

من إعداد: سعد النعاس

هل ستصدر دار الإفتاء بياناً تستنكر شروع اللجان الثورية الجديدة بمصراتة (المجلس المحلي مصراتة) باتخاذ الإجراءات القانونية للتحقيق مع حسن الأمين؟!! وهل ستستنكر دار الإفتاء ذلك التهجم على الشرفاء كما فعلت مع تنسيقية البلطجة السياسية؟!! وهل ستصف حسن الأمين بالشريف كما فعلت مع جهابذة تنسيقية الارهاب السياسي!!

من حق أي شخص أن يقول رأياً سياسياً. وأن ينحاز لفئة سياسية دون أخرى، هو حر في ذلك بدون تحريض بالقتل أو الضرب أو فعلهما ، ولكن ما عليه إن كان مفتياً أو نائباً له أو خطيباً في مسجد أو قاضياً أو عضو في هيأة قضائية أو عسكرياً ، أو يقود مليشيا أو عصابة مسلحة أن يستقيل من ذلك المنصب ..فهو يستفيد من مناصب ووظائف عامة لنشر رأيه أو فرضه. أو يستغل إجرامه المليشياوي لنشر آراءه السياسية.

نحن نرفض وصف أي إنسان في ميدان العمل العام بالشريف. نعم قد تعتقد بأن هذا الإنسان على خلق وأمانة ونزاهة وذاك على عكس ذلك، ولكن هذا تقييم شخصي ونسبي ويجب ألا يتجاوز مجال العلاقات الشخصية إلى مجال تقييم البشر في المجال العام وبخاصة السياسي.

لماذا؟ لأن ذلك سيجعل منك معيار للمطابقة بين الناس وقيم مطلقة ، يظل إدراكنا ومطابقتنا لها نسبي يدخل فيه الشخصي والعائلي والثقافي والديني والمذهبي والحزبي والعرقي والقبلي والجهوي والنفسي والاقتصادي والسياسي وووو. الخ. فمن يُعتبر لديك شريفاً ليس بالضرورة أن يعتبر لدى الآخرين كذلك. كما أن ذلك التقييم سيكون محكوماً بعقلية الجماعة ، أي أن التقييم هنا سيكون أقرب إلى تقييم العقل الجمعي تجاه من يخالفه أو من هو معه.

عن أنفسنا، نحن نكره تصنيف البشر على أساس أن هذا شريف وهذا وضيع وغيرها من هذه التصنيفات. فهذه ليس من سلطات أحد، في الحياة الدنيا، وفي خارج نطاق العلاقات والاختيارات الشخصية، لا يملك أحد أن يصف بأن هذا الشخص انتهك أصول الشرف أو الاستقامة والنزاهة إلا القضاء وفي محاكمة عادلة تُضمن له فيها كافة مقومات ومستلزمات المحاكمة العادلة وذلك بالنسبة للجرائم التي تمس الشرف أو النزاهة كالاختلاس أو النصب أو غيرها.

نحن لم نستغرب بيان اللجان الثورية الجديدة بمصراتة!!! وقد كتبنا مقالاً منذ عدة أشهر حذرنا فيه مما يجري هناك ومن سلبية العديد هناك وسكوته عن الأوضاع والثقافة والأفعال السائدة.. وإن كان موقع المستقبل نشر المقال ثم حذفه، لاعتبارات نعتقد أنها كانت نابعة من الحرص على عدم سوء الظن وعلى مصلحة الوطن ككل.

قليلون هم من ينظر بتجرد وقليل من الإنصاف وتحرر من عقلية الجماعة والعقد النفسية ليدرك أن ما سطرناه يومها هو عين ما قاله الأستاذ حسن الأمين، وأننا قلنا ما قلنا من دافع خوفنا على مصراتة وليبيا.. ونرجوا في يوم من الأيام أن نرتقي فوق هذه اللغة واللهجة الطفولية في النقاش (مدينتي، قبيلتي).

نعم مصراتة مدينة محتلة من مليشيات وعصابات وقطاع طرق ومجرمين.. نعم هم لا يمثلون إلا أنفسهم، ولكن ما دامت الفئة الخيرة أو الحكيمة أو العاقلة أو العادلة ساكتة أو خائفة أو غير مهتمة فاللوم يقع عليها هي كذلك.. فمعمر القذافي لم يطلق جذوره في ليبيا ويتحكم إلا بمثل هذه السلبية والعقلية.

نعم كان واضحاً أن هذه العقلية هي السائدة وهي في تجذر ، لأن العاطفة لا العقل هي من كانت سائدة .. لأن العصبية الجهوية وليست مبادئ الحق والعدل الإلهي أو حتى البشري هي من كانت سائدة. لأن منطق الثأر و الحقد والانتقام ولو جماعياً، لا محاربة الظلم، هو من كان يحرك الأغلب الأعم. نعم لأن المجرمون وقطاع الطرق والمصابون بأمراض عضال هم من كانت لهم الكلمة العليا.

أنا مسلم . الإيمان بالله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم. الحق. العدل. الكرامة. الحرية. الحقيقة. الإنصاف. الحياد. التجرد. الديمقراطية. حقوق الإنسان. بناء الدول. الشرعية. هي كلمات تقال في غالب الأحيان. الالتزام بها قولاً وعملاً في جواهرها وليس قوالبها فقط من أصعب الأمور لأنها بحاجة لمصارعة أعتى وأصعب عدويين على مر التاريخ: النفس والجماعة. ويصبح الأمر أكثر صعوبة في الملمات والحوادث الصعاب التي تكون أنت طرفاً فيها .. الفوز والخسارة هناك بمثابة الامتحان العظيم في الدنيا لنفسك.

الأستاذ حسن الأمين .. لا يمكن لمن أفنى حياته ضد تصرفات وثقافة الظالمين أن يقر أو يخنع بذات التصرفات والعقلية لأن مصدرها تغيرت جنسيته أو قبيلته أو مدينته عرقيته أو دينه أو مذهبه .. وإلا أنقلب وقتها مسخاً بشريا ، وفقد إنسانيته وانحط لمستوى الوحوش المفترسة.

كلمة لمن بقلبه ذرة خير وعدل في مدينة مصراتة ، إياكم والسكوت عن هؤلاء المجرمين وقطاع الطرق وثقافتهم .. إن كنتم لا تخشون الله تعالى الذي سيحاسبكم على سكوتكم ، فاخشوا على ليبيا ومدينتكم لأن مالآت الأمور ونتائجها الكارثية ستدفعونها أنتم كذلك وأبنائكم.

يقول عمر بن الخطاب: ” .. لم يترك الحق لعمر صديقاً … وفي الحديث المرفوع : ” طلب الحق غربة ” . .. نعم انصفوا مدينتك وقيم الحق والعدل ودولة القانون من هذه العصابات وقطاع الطرق وعقليات هولاكو وجينكز خان.

ندرك بأن طريق ليبيا طويل ، ولكننا على ثقة بأننا سنسيره كليبيين حتى نهايته، ففي نهايته نور… نعم فالإيمان أمل.. وعندها سنضمن للأجيال القادمة أن تكتسب حقوقها وتعيش عيشة كريمة فقط وفقط لأنهم بشر يعيشون فوق هذه الأرض. فالحياة صراع وتدافع بين الشر والخير، بين الجمال والقبح، فإن استسلم الخير والجمال، عندها وعندها فقط، يمكن للشر والقبح أن ينتصرا.

نعم لا مكان للتراجع أو الضعف أو اليأس أو الأيادي المرتعشة .. الطريق طويل ، وإن كان ذاك يتطلب كذلك حكمة وموازنة ، ومراعاة للواقع لا للاستسلام له ، بل لمعرفة كيفية تغييره.



جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا