الإسلام ليس مشروعاً سياسياً - عين ليبيا
من إعداد: عبد الهادي شماطة
يحاول البعض أن يحصر الدفاع عن الإسلام، وتبني أحكامه إلى مجموعة معينة، وتلك المجموعة بالطبيعة ستولد مجموعة مختلفة عنها، في الاجتهادات، وستنقسم المجموعة الأولى ويصبح بها حمائم وصقور، ويصبح الانقسام والانشطار متسلسل، حتي نجد من يتطرف ومن يكفر، ومن بالطبيعة في الصف المقابل يخون ويأزم، لقطع الطريق علي خصومه. وخلاصة هذا التفاعل ستكون استبعاد الاسلام نفسه، فسيغيب في جملة الاجتهادات، وستشتعل النار بين الاطراف، ويتيه المجتمع .
رأيت احد الكتاب الأفاضل ،يحلل سياسيا لبقاء حزب العدالة والتنمية ،وهو حقيقة لامس بعض النقاط الحقيقية وغابت عنه اسباب جوهرية، ليس المكان مكانها لذكرها الآن. ولكن بعض مصطلحاته، تحتاج الي توضيح وبيان، فاستخدام مصطلح الاسلام السياسي ،والمشروع الاسلامي جعلني أحاول ان استحضر كل مالدي من معلومات خلال ستين عاما، فلم اجد لهذه المصطلحات من تصور، فالاسلام ليس مشروعا سياسيا مطلقا، وانما هو رسالة ،تفسر لنا وجودنا، وتنظم العلاقات فيما بيننا وهي تزود الانسان بأسس اخلاقية، وتنظيمية، تتناول جوهر الحياة وأسباب وجودنا. ولاشك ان تلك القيم تظلل علي الجانب السياسي، في حياتنا فهي قواعد عامة يشترك فيها كل المتخاصمين السياسيين، ولاعلاقة لها بتصوراتهم في الامور الدنيوية، مثل قضايا التنمية وقضايا الضمان الاجتماعي ،وجودة التعليم والاصلاح الزراعي ،بل انها تدعم المثل والمبادئ مثل الحرية والعدالة والمساواة. ولذلك فإن جعل الاسلام مشروعا سياسيا، سيحدث في المجتمع صراع ،وسيحول الخلاف الي جبهات متنازعة. والحقيقة التي نتمني علي احبائنا ومن صوتهم عالي بالاسلام السياسي ،ان يطلعونا علي هذا المشروع المتكامل، وهل من لن يقتنع بكلامهم سيكون كافرا او فاسقا أو ظالما؟والاجابة قطعا لن يكون غير ذلك.
اعتقد ان الأسس الاخلاقية التي تستند الي الدين يجب ان توضع ، وما في ديننا من خيرية لابد ان تكون ثوابتنا. وهنا لا ادعوا الي الخروج عن الدين ،واحكامه القطعية مطلقا ، ولكنني اقول ان الدين مسئولية المجتمع وليس مجموعة، وليسوا قطعا “المقاتلة او القاعدة وليسوا السلفيين او الاخوان ” مع كامل الاحترام لخياراتهم الشخصية، وانما يجب ان نضع قوانين وقواعد تحكم حياتنا وأن لا يتصدر احد ،فيصنع من نفسه حزب الله ،بغير حق. او ان يضع الأخرين في حزب الشيطان، بغير حق ايضا.
فذلك التنازع ،الذي لاخلاف في تحريمه من الله ذاته، والذي يحاول البعض ان يحدثنا بإسمه، وان يفسر لنا كلامه بهواه، ولايجب أن يرفع احد الراية البيضاء الصافية وحده. بل يجب يرفعها ويدافع عنها المجتمع، وهو من يعلم أبنائه الدين الصحيح، ويربي ابنائه علي حب الفضيلة والانتصار لها. فلتكن جهودنا لبناء تلك القواعد، التي يهتدي بها الجميع، ونعمر بها دنيانا ونتعبد بها ربنا ،في ظلال ديننا، ولنكن خير أمة اخرجت للناس ،فتلك غايتنا.
جميع الحقوق محفوظة © 2025 عين ليبيا