الإعلام.. وأهداف التّنمية المستدامة 2030… أيّ دورٍ؟ - عين ليبيا
من إعداد: بسام عيشة
طالب تقرير “المرأة العربية وخطّة التّنمية المستدامة 2030“، الصّادر عن مركز المرأة العربية للتدريب والبحوث (كوتر) بالسّعي “إلى تخصيص دراسات حول الإعلام المحلي في كافة الدول العربية حتى تتجلى أمام الباحثين/ات خصوصيات هذا الفضاء الذي يشهد تطورا متسارعا وتحولات جذرية سيكون لها مستقبلا التأثير المباشر في تشكل العناصر المؤثرة في الرأي العام العربي عموما”.
وهو ما قام به التّقرير من خلال تناوله بالعرض والتّحليل مشهد الإعلام العربي المحلّي الآخذ بالتّشكّل، بعلاقته بتناول أهداف التّنمية المستدامة 2030 على المستوى المحلّي من جهة، وبحضور المرأة وموقعها في مسار أهداف هذه الخطّة في المنطقة من جهة ثانية، محاولاً الكشف عن مدى استبطان الإعلاميين/ات لمفهوم التّنمية المستدامة، وموقعها في مضامين الإعلام المحلّي.
وعلى الرغم من شح المعلومات في هذا المجال التي واجهت معدّي/ات التّقرير وعدم توفر المراجع والمعطيات، حتى لدى المؤسسات الرسمية والمهنية – كما يؤكّد التّقرير – ، إلاّ أنه يشيد بـ “بروز تجارب ونماذج متنوعة من الإعلام المحلي في المنطقة، منها تصاعد حضور الإعلام المجتمعي في تونس والإعلام الخدمي في مصر والإعلام الثقافي في لبنان والإعلام التنموي الرسمي في السودان والإعلام السياسي في فلسطين”، كما بين وجود مؤشرات ايجابية جديدة يمكن استثمارها لتطوير الأداء الإعلامي والارتقاء به بما يجعله أكثر مهنية ومصداقية، معتبراً ترسيخ مفاهيم التكافؤ والتوازن في اختيار المصادر وتحديد زاوية الموضوعات من بين المعايير التي تحقق جودة المنتوج الإعلامي وتؤكد الدور المجتمعي للصحفي/ة والإعلامي/ة وأهمية مساهمته/ا في تعديل نقاش الشأن العام، حاثّاً إيّاهم/ن، على الاطّلاع على أجندة أهداف التّنمية المستدامة2030 والتمكن من مضمونها ومنهجيتها، والتعرف على آليات الرصد والمتابعة التي توفرها، والذي يُمكّنهم/ن، بالدرجة الأولى، من ممارسة نوعٍ من الرّقابة الشّعبية على مدى ملاءمة الخطط الوطنية والمحلية مع الأهداف التنموية العالمية، فالحكومات قد التزمت ووافقت على أجندة 2030 التي تدعو إلى العدالة والمساواة، وإلى احترام البيئة، وإلى وضع خطط حقيقية من أجل توفير فرص العمل اللائق والحماية الاجتماعية، والمساواة بين الجنسين، وإزالة التفاوت المناطقي…الخ؛ وبما أن الحكومات قد التزمت بذلك، فإن الأجندة العالمية بهذا المعنى تكون أداة رصد ومتابعة وضغط من قبل الإعلاميين/ات والفاعلين/ات المحليين/ات وجماعات الضغط الأخرى، لكي تلتزم الحكومات فعليا بذلك، وبهذا المعنى، يمكن تقييم خطة الحكومات والموازنات والبيانات الوزارية وعمل البرلمانات، وحثها على القيام بدورها الرّقابي في متابعة التزام الحكومات بهذه الأهداف ودورها التشريعي في سن القوانين التي تسهل تحقيق الأهداف، بما في ذلك التزام الحكومات بالأهداف التي تحقق التنمية المحلية العادلة، من خلال استخدام مرجعية أجندة التنمية المستدامة لعام 2030.
وفي هذا الإطار يعتبر التّقرير أن الإعلامي/ة أو الصحفي/ة هو صانع/ة رأي وهو/ي بمثابة القيادات المحلية التي يمكن أن تلعب دورا هاما نظرا لما يتميز به عن غيره من القيادات، حيث يمتلك قنوات اتصال تمكنه/ا من الحصول على المعلومات أكثر من غيره/ا، ويُفترض به/ا أن يستخدم ذلك في خدمة التنمية المحلية. فلو عرف/ت أن الحكومة المركزية تنوي تنفيذ مشروع ما ذي أثر مفيد أو ضار على القرية أو الحي المعني، يجب أن ينقل هذه المعلومات إلى المعنيين، كما يمتلك مهارة البحث والتحقيق والتحقق من صحة معلومات أو مسائل معينة، بالتالي يمكنه/ا أن يساعد الأطراف المحليين على إعداد ملفهم بشكل علمي ومدروس، وأن يدلهم على الجهات المعنية وقنوات الاتصال الأفضل للضغط من أجل تحقيق مطلبهم، وهو/ي على تواصل مع الرأي العام ومع المسؤولين/ات المحليين/ات أو المركزيين/ات، وبالتالي يستطيع أن يلعب دورا حاسما في رصد وجهة نظر الناس ورضاهم عن مشروع معين، وهو ما يساهم في تصحيح المسار، كما يمكنه/ا من أن يرصد ردود فعل المسؤولين/ات ومواقفهم/ن، أيضا بما يساعد على تحسين التخطيط والتنفيذ المحلي.
وإذا اطلع الإعلامي/ة على مفهوم التنمية وعلى مضمون أجندة 2030 وعلى الخطط الوطنية وما يتلو ذلك من ترجمة إلى خطط محلية، فإنه بإمكانه/ا أن يستخدم وسيلة الإعلام التي يعمل فيها من خلال تنفيذ تحقيقات وريبورتاجات ومقالات ومقابلات وبرامج إذاعية أو تلفزية أو استخدام شبكة الانترنت ووسائل التواصل الإلكترونية من أجل متابعة هذه المشاريع المحلية، كما له/ا أن يعرض الناجح منها بما يساعد الآخرين على تكرار التجربة، وكذلك نقد الثغرات، فنحن لا نكاد نسمع عن تجارب ناجحة في التنمية المحلية إلا إذا ما اهتمت بها الصحافة الأجنبية أو التقارير الدولية والأجنبية، فيما تعج بلداننا ربما بتجارب أجمل وأقرب إلى واقعنا، كما يمكن للإعلامي/ة المطلع على أجندة 2030 ومنظومة حقوق الانسان، أن يساهم في تكوين معرفة وثقافة عامة تساهم في بناء ثقافة التنمية وفي تعميم قيم حقوق الإنسان والسلم والتضامن، وهذا بعد أساسي من أبعاد التنمية نفسها، إضافة إلى أن التحوّل الثقافي والمعرفي هو بعدٌ مكوَّنٌ وشرطٌ ضروري لتحويل عالمنا كما تدعو إليه الأجندة التي يمكنها أن تكون منطلقا أيضاً لبحث مواضيع إعلامية مختلفة معتمدة على استخدام الألفاظ والمفاهيم المبسطة التي تصل إلى الناس وتطرح في ذات الوقت بعمق مشاغلهم الهادفة إلى:
وختاماً نشير إلى أنّ هذا التقرير يندرج ضمن جهود “كوثر” المتواصلة منذ عام 2005، لتأكيد أهمية المجال الإعلامي والمعرفي في مسار تنفيذ الخطط التنموية في المنطقة العربية وفقاً لمقاربة النوع الاجتماعي، فهذا التقرير، الذي يعتمد التحليل القائم على مقاربة النوع الاجتماعي، يعدّ لبنة جديدة تنضاف إلى منجزات الاستراتيجية التي وضعها في هذا المجال مركز المرأة العربية للتدريب والبحوث “كوثر” بدعم من برنامج الخليج العربي للتنمية “الأجفند” الذي مكن المركز من خلق شراكات في المجال، لعل أهمها مع شبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي واللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا الاسكوا، من أجل تعميق إدراك الفاعلين التنمويين في المنطقة العربية بأهمية الإعلام عموما، والإعلام المحلي والإعلاميين/ات خصوصا في مسارات دعم المجهود التنموي، وكذلك قراءة الواقع التنموي وفق مقاربة النوع الاجتماعي ومتابعته وتقييمه.
تقارير تنمية المرأة العربية هي سلسلة من التقارير الدورية التي تهدف إلى تقليص الفجوة المعرفية في مجال البحوث والدراسات المتعلقة بالمرأة وفقا لمقاربة النوع الاجتماعي في المنطقة العربية. يصدرها مركز المرأة العربية للتدريب والبحوث “كوثر”، ويعتمد كل تقرير منها على منهجية وأدوات يتم الاتفاق في شأنها من قبل مجموعة من الخبراء/ات المنتمين/ات إلى شبكة «كوثر» العربية للنوع الاجتماعي والتنمية. ويمثل كل تقرير من تقارير تنمية المرأة العربية نقطة الانطلاق لبرنامج مندمج يتضمن التدريب والمناصرة.
ويمثل تقرير «المرأة العربية وخطة التنمية 2030في الإعلام المحلي» (2017) الإصدار السابع ضمن السلسلة بعد:
جميع الحقوق محفوظة © 2025 عين ليبيا