الانتحار يفتك بالجنود الإسرائيليين.. أزمة نفسية تتفجر داخل قواعد الجيش - عين ليبيا

أقدم جندي من لواء “ناحال” على الانتحار داخل قاعدة عسكرية بمرتفعات الجولان صباح الإثنين، ليصبح ثالث جندي في الجيش الإسرائيلي ينهي حياته خلال ثمانية أيام، في مؤشر صادم على تصاعد الأزمة النفسية داخل المؤسسة العسكرية منذ اندلاع الحرب على غزة.

ووفق مصادر إعلامية عبرية، فقد شارك الجندي المنتحر في المعارك داخل قطاع غزة، ما يسلط الضوء على حجم الضغوط النفسية التي يعانيها الجنود العائدون من الجبهة. الجيش الإسرائيلي أكد الحادثة في بيان مقتضب، معلنًا فتح تحقيق من قبل الشرطة العسكرية، مع إحالة نتائجه للنيابة العسكرية فور الانتهاء منه.

حادثة الجولان ليست معزولة، بل تأتي ضمن سلسلة من حالات الانتحار التي هزت الرأي العام الإسرائيلي مؤخرًا. فقد تم العثور قبل أيام على جثة جندي احتياط يُدعى دانيال إدري (24 عامًا) منتحرًا، بعد أن فقد اثنين من أصدقائه في هجوم نوفا، وخدم لفترة طويلة في الاحتياط قبل أن يتم تسريحه.

كما عثر الأسبوع الماضي على جندي آخر منتحرًا، لكن السلطات رفضت الإفصاح عن هويته أو تفاصيل الحادث، في وقت تستمر فيه حالات الانتحار وسط تعتيم جزئي من القيادة العسكرية.

صحيفة هآرتس كشفت مؤخرًا عن حادثة انتحار جندي من لواء “جولاني” داخل قاعدة “سديه تيمان” العسكرية، بعد خضوعه لتحقيق من الشرطة العسكرية. وقد تمت مصادرة سلاحه قبل أن ينهي حياته باستخدام سلاح زميله.

الصحيفة أوضحت أن صديقه المقرب قتل بانفجار ناقلة جند في غزة، ما أثر على حالته النفسية.

أرقام مقلقة وصمت رسمي

منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر 2023 وحتى نهاية العام نفسه، سجلت 7 حالات انتحار في صفوف الجيش الإسرائيلي، لكن الأمور تفاقمت بشدة خلال العام الجاري، إذ سجلت حتى الآن 21 حالة في عام 2024، و15 حالة على الأقل منذ بداية 2025، وفق تقارير غير رسمية.

الجيش الإسرائيلي يرفض تقديم حصيلة رسمية للانتحارات الجارية، مكتفيًا بالإعلان عن نيته نشر الأرقام نهاية العام فقط. وتلتزم المؤسسة العسكرية سياسة تستثني المنتحرين من قوائم “ضحايا الحرب”، الأمر الذي يثير انتقادات داخلية متزايدة حول التعامل مع الضحايا النفسية للحرب.

وتأتي هذه التطورات في وقت أعلن فيه الجيش الإسرائيلي صباح الإثنين مقتل 3 من جنوده من كتيبة “المدرعات 52 – اللواء 401″، وإصابة ضابط بجراح خطيرة خلال مواجهات عنيفة شمال قطاع غزة.

ووفق الإحصاءات الرسمية الصادرة عن الجيش، فقد قُتل 893 جنديًا إسرائيليًا منذ السابع من أكتوبر 2023، بينما تكشف التقارير الحقوقية والإعلامية عن أزمة نفسية متفاقمة تعصف بالمجندين والمجندات، وسط عجز مؤسسات التأهيل النفسي عن احتواء الصدمة الجمعية التي تسببت بها الحرب.

هذا وباتت حالات الانتحار تمثل أزمة متفجرة داخل الجيش الإسرائيلي، لا تقل خطورة عن الخسائر المباشرة في الميدان، وسط مطالب داخلية بضرورة التعامل الجدي مع التداعيات النفسية للمعارك، خصوصًا بعد أن تبين أن معظم المنتحرين خاضوا مواجهات مباشرة وأصيبوا بصدمات شديدة، دون تلقي دعم كافٍ بعد عودتهم إلى قواعدهم.

وفي ظل استمرار العمليات العسكرية في غزة، وتنامي أعداد الجنود العائدين وهم يحملون أعباء نفسية ثقيلة، تبدو المؤسسة العسكرية أمام معركة جديدة غير معلنة: إنقاذ من تبقى من الجنود قبل أن ينهاروا على الجبهة الأخرى… الجبهة الداخلية.



جميع الحقوق محفوظة © 2025 عين ليبيا