البرهان: الورقة الأمريكية غير مقبولة وتلغي وجود الجيش - عين ليبيا
أفادت تقارير محلية اليوم الأربعاء باستقالة وزير الدفاع السوداني الفريق حسن داوود كبرون، بعد غيابه عن اجتماع مجلس الأمن والدفاع الذي عُقد الثلاثاء في بورتسودان، رغم كونه مقرر المجلس.
ونقلت صحيفة السودانية نيوز عن مصادر قولها إن كبرون “قدّم استقالته منذ أسبوعين أو أكثر”، مشيرة إلى أن غيابه عن الاجتماع الحاسم “يعزز فرضية الاستقالة التي يجري التكتم عليها”، وسط حديث عن صراع متصاعد داخل المجلس يهيمن عليه قيادات من الحركة الإسلامية، مقابل تراجع نفوذ بقية الأعضاء.
وبحسب المصادر، أدى غياب وزير الدفاع إلى تكليف وزير الخارجية محي الدين سالم بتلاوة بيان المجلس، في سابقة تعكس حالة ارتباك داخل المنظومة العسكرية والسياسية في بورتسودان.
وأفادت المصادر أن المجلس وجّه خلال الاجتماع الشكر لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان تقديراً لمساعيه الداعمة لوقف الحرب في السودان.
وكان أعلن الجيش السوداني نجاح قواته في صد هجوم شنته قوات الدعم السريع على بلدة بابنوسة الاستراتيجية في ولاية جنوب كردفان، وذلك بعد يوم واحد فقط من إعلان وقف إطلاق النار لمدة ثلاثة أشهر.
وأوضح الجيش السوداني في بيان رسمي أن قواته تمكنت من “صد محاولة هجوم” شُن فجر الثلاثاء على قاعدة للمشاة في بابنوسة، التي تعد آخر معاقل الجيش في ولاية غرب كردفان، مؤكداً أن الهجوم أسفر عن تكبيد المهاجمين “خسائر فادحة في الأرواح والعتاد”، والاستيلاء على عدد من المركبات القتالية وتدمير أخرى، بالإضافة إلى مقتل عدد من قادة المليشيا الميدانيين والمئات من المرتزقة.
وتكتسب بلدة بابنوسة أهمية إستراتيجية كبيرة لكونها تقع على طريق سريع يربط منطقة كردفان بإقليم دارفور، حيث كان الجيش السوداني قد خسر الشهر الماضي آخر قاعدة له في مدينة الفاشر لصالح قوات الدعم السريع بعد حصار دام 18 شهراً.
في السياق، ندد مجلس الأمن والدفاع السوداني بـ”الفظائع التي ارتُكبت وما زالت تُرتكب في مدينة الفاشر والمناطق الأخرى”، مؤكداً تمسكه بالرؤية المقدمة سابقاً من الحكومة السودانية للأمم المتحدة والجهات المعنية، والتزامه بتسهيل دخول المساعدات الإنسانية وفتح الطرق والمعابر الحدودية والمطارات وحماية العاملين في المجال الإنساني.
وجاء ذلك خلال اجتماع المجلس برئاسة رئيس مجلس السيادة الانتقالي القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول الركن عبد الفتاح البرهان، حيث كلف المجلس الجهات المختصة بالرد على الورقة المقدمة من مستشار الرئيس الأمريكي للشؤون العربية والأفريقية، مسعد بولس، بشأن وقف إطلاق النار في السودان.
وأكد البرهان أن “الورقة المقدمة من الرباعية عبر مسعد بولس تعتبر أسوأ ورقة وغير مقبولة”، مضيفاً أنها “تلغي وجود القوات المسلحة وتطالب بحل جميع الأجهزة الأمنية وتبقي المليشيات المتمردة في مناطقها”، محذراً من اعتبار الوساطة إذا استمرت بهذا المنحى غير محايدة.
ووجّه قائد الجيش السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان اتهاماً مباشراً وقوياً لقوات الدعم السريع بأنها السبب الرئيس وراء اندلاع واستمرار الصراع المسلح في السودان.
وفي مقال مطول بعنوان “هذه حقيقة الحرب في السودان”، قال البرهان: “الحقيقة واضحة تماماً.. الحرب اندلعت لأن قوات الدعم السريع، وهي ميليشيا مدججة بالسلاح وذات سجل طويل من الوحشية، تمردت على الدولة”.
وأشار إلى أن هذه القوات، التي كانت تعرف سابقاً باسم “الجنجويد”، شكّلت منذ سنوات طويلة “قنبلة موقوتة” داخل النسيج السوداني، وتحولت من ميليشيا مساندة في دارفور مطلع الألفية إلى كيان شبه عسكري مستقل وعالي التسليح يعمل خارج إطار الدولة.
وأكد البرهان أن الحكومة السودانية بذلت جهوداً في ديسمبر 2022 لدمج الدعم السريع في الجيش الوطني بشكل مسؤول لتفادي الصدام، لكن قائد الدعم السريع رفض الالتزام، وحرك قواته سرّاً حول الخرطوم والمدن الكبرى، قبل أن يهاجم المنشآت الحكومية والعسكرية في 15 أبريل 2023، ما أشعل الحرب المستمرة حتى اليوم.
ونفى قائد الجيش السوداني مزاعم الدعم السريع بعدم استهداف المدنيين، مشيراً إلى أن تقارير مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة وجهات دولية أخرى وثّقت عمليات قتل جماعي وعنف جنسي وترويع ممنهج للسكان المدنيين.
وتشهد السودان منذ أبريل 2023، اشتباكات عنيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في مناطق متفرقة، أسفرت عن مقتل عشرات الآلاف ونزوح نحو 13 مليون شخص، فيما تتواصل أزمة إنسانية واسعة.
وأعلن المتحدث باسم حركة “جيش تحرير السودان” الصادق علي النور، نفياً لما أعلنت عنه قوات الدعم السريع حول السيطرة الكاملة على مدينة بارا الاستراتيجية شمال كردفان، في حين سيطرت القوات على مدينة الفاشر في دارفور، وفق ما أكده الجيش السوداني بأن انسحاب قواته جاء لتجنب المزيد من الدمار.
من جهته، نفى أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات، تقديم أي دعم عسكري للأطراف المتحاربة في السودان، مؤكداً أن الإمارات نفذت نحو 162 رحلة لنقل المساعدات الإنسانية منذ اندلاع الحرب، وأن موقفها يدعم وقف إطلاق النار غير المشروط ووصول المساعدات دون عوائق، إضافة إلى الانتقال إلى حكومة انتقالية مدنية.
وأكد قرقاش أن الدعم الإماراتي للسودان يشمل التعاون الإنساني الكبير وأن مصالح الدولة ليست اقتصادية، مشيراً إلى أن السودان يلعب دوراً محورياً في استقرار المنطقة ويجب ألا يسيطر على البلاد نفوذ جماعات متطرفة أو حزبية.
واتهم تحالف السودان التأسيسي (تأسيس)، اليوم الأربعاء، قوات الجيش السوداني والمجموعات المتحالفة معها بشن هجمات على مواقع تابعة للتحالف في عدد من مناطق ولايتي شمال وغرب كردفان، رغم سريان الهدنة الإنسانية التي أعلنها رئيس المجلس الرئاسي للتحالف محمد حمدان دقلو مؤخراً.
وأوضح بيان للتحالف أن “قوات جيش الحركة الإسلامية والميليشيات التابعة لها هاجمت مواقعه في مدينة بابنوسة باستخدام الطائرات المسيّرة والمدفعية الثقيلة”، مضيفاً أن مناطق بارا، وجبرة الشيخ، ورهيد النوبة في شمال كردفان، إلى جانب النهود وأبو زبد وأم صميمة في غرب كردفان، تعرضت لقصف جوي بطائرات مسيّرة.
وأشار البيان إلى أن الهجمات أسفرت عن “سقوط عشرات الضحايا من المدنيين”، واصفاً القصف بـ”العشوائي” واعتباره “انتهاكاً صريحاً للقانون الدولي الإنساني”. وأكد التحالف أن قواته اضطرت “للرد والدفاع عن النفس” في مواجهة ما وصفه بـ”الاعتداءات الممنهجة”.
وطالب التحالف الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية والدولية بـ”توثيق الهجمات والضغط لوقفها فوراً”، والالتزام الجاد ببنود الهدنة لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى المدنيين المتضررين.
حمدوك يحذّر من عودة السودان إلى “الإرث المظلم” ودعوة عاجلة لوقف إطلاق النار
حذّر رئيس الوزراء السوداني السابق، عبد الله حمدوك، من خطورة عودة السودان إلى ما وصفه بـ”الإرث المظلم” للفصائل الإسلامية التي، بحسبه، اختطفت الدولة لعقود وأغرقت البلاد في صراعات لا تنتهي.
وفي منشور على حسابه في منصة إكس، أكد حمدوك أن الحرب الحالية تغذّيها القوى الأيديولوجية ذاتها داخل القيادة العسكرية، وهي القوى التي، وفق تصريحاته، تعرقل مسار السلام وتقاوم أي إطار عمل دولي يهدف لإنهاء النزاع.
وقال حمدوك إن وقف إطلاق النار يجب أن يكون فورياً وبدون أي شروط مسبقة، محذراً من أن استمرار القتال يفاقم معاناة المدنيين ويدفع البلاد نحو مزيد من التفكك والانقسام.
وشدّد على أن الشعب السوداني يستحق دولة مدنية ديمقراطية، خالية من التطرف وسياسات الماضي المدمّرة.
جميع الحقوق محفوظة © 2025 عين ليبيا