البعثة تفرض على الليبيين دستورهم! - عين ليبيا

من إعداد: إبراهيم بن نجي

منذ حوالي الشهرين وبعد إعلان تشكيل حكومة الوفاق المقترحة مباشرة فاجأتنا بعثة الامم المتحدة في ليبيا بإرسالها لمذكرة الى الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور تحت اسم ملاحظات البعثة حول المسودة الاولى للدستور والتي تضمنت تدخلات مجموعة من موظفي الامم المتحدة من جنسيات مختلفة في مسودة لدستور ليبيا ووثيقة التعايش بين الليبيين المسلمين و في مجتمعهم المحافظ  المبني على الاخلاق و التقاليد الاسلامية العريقة عبر مئات السنين.

للوهلة الاولى اعتقدت أن هذه المذكرة و ملاحظاتها ستحدث ردة فعل عنيفة من جانب رئاسة اللجنة التأسيسية لصياغة الدستور وسيصدر عنها بيان استنكار ورفض لتدخل مجموعة من موظفين أجانب  تخطوا حدود مهمتهم وتدخلوا في عمل هيئة هي من صميم خصوصية المجتمع الليبي وعنوان لسيادته وكرامته واستقلاله

لكننا لم نسمع أن شيئا من هذا قد حدث وأن الامر قد مر مرور الكرام في مقابل ذلك لا ندري ما سيكون موقف الهيئة لو أن دار الافتاء أو ملتقيات القبائل أو غيرهما من المؤسسات الاعتبارية والفكرية والاجتماعية الليبية أو الاسلامية قد بعثت بملاحظات تقيم فيها نتاج عمل الهيئة لمدة سنتين وتطالبها بالتغير؟

لقد انتهجت بعثة الامم المتحدة الى ليبيا سياسة “التمكين في الارض” خطوة خطوة على مدى ثلاث سنوات من العمل المبرمج والحثيث للسيطرة شيئا فشيئا على المسار السياسي وعلى الاوضاع بشكل عام حتى أصبحت وفي غفلة من الليبيين هي من تختار وبدون اي معايير شخصيات الحوار ومحاوره وامكان انعقاده ثم وفي غفلة اكبر من الطرفيين الرئيسين شكلت المجلس الرئاسي لحكومة التوافق ثم ها هي تدير عملية الزرع للعضو الجديد بين الاعضاء المتنافرة والرافضة  له مرغمة لهم على قبول عملية الاحلال شيئا فشيئا مستعملة سوط الشرعية الدولية ولجنة العقوبات والجنائية الدولية لكل معارض ومناوئ لها ولسياساتها.

واليوم تتقدم هذه البعثة والتي بالتأكيد ليست بعثة للدعم تتقدم خطوة أخري في طريق برمجة الدولة الليبية الحديثة بكل ما هو هادم ومعرقل لبناء دولة متجانسة وقوية ومجتمع متصالح مع ذاته وثقافته ومورثه الحضاري لتخلق واقع لدولة ضعيفة وتؤسس لصراع جديد وطويل بين اقلية تصوغ دستور المجتمع حسب هواها واغلبية كاسحة يراد لها أن توضع في مواجهة الواقع بدولتها الجديدة ذات الدستور البعيد عن معتقدها وثقافتها.

هذه البعثة عندما أدارت الحوار وأبعدته عن تحديد مصدر الداء ومكمن العلة ألا وهو التنازع على الشرعية وبالتالي أبعدته عن جوهر الحل والمتمثل في التعجيل بإصدار الدستور وإجراء الانتخابات كانت تنفد ما ترمي إليه من استمرار حالة  التفكك والضعف وعدم الاستقرار لكي تستمر عملية الهيمنة والوصاية على ليبيا واستخدامها في استراتيجية الهيمنة والدعس على الامة  ككل.

والان تريد هذه البعثة أن تكمل لليبيين طبختها وتتم عليهم نعمتها وترضى لهم “حقوق الانسان” دينا وشرعة ومنهاجا تقف عنده شريعة الرحمان كتابع وفي مرتبة متدنية لكي تستمر عملية الانفصام المبرمج بين المواطن ودولته والشعب وحكومته وتغرس في جسم الوطن الجينة التي ستولد الجماعات الرافضة لشرع غير شرع الله واحدة بعد أخرى وزمن تلو زمن مهدرة طاقات الوطن ومستهلكة  للجهد وموفرة بؤر للتدخل الاجنبي في كل زمان.

اليوم وقبل الكارثة على الشعب الليبي أن يستفيق وأن يضغط في اتجاه واحد هو وقف التدخل السافر لبعثة الهدم في الشأن الليبي وخاصة كتابة الدستور وعلى الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور أن تتقي الله في دستور ليبيا وأن تخرج لنا دستور يلم شتات الوطن ويكون امتدادا لما تؤمن به الغالبية الساحقة من أبناء الوطن.

إن ما يسمى بحقوق الانسان والتي أصدرتها مجموعة من المسيحيين واليهود عام 1948 م تتعارض في كثير من بنودها مع الأحكام الثابتة في الاسلام وتنسف قيم مجتمعاتنا الاسلامية ومثلنا واعرافنا ولم تراعي ان في هذا العالم امة تدين بالإسلام ويجب على العالم احترام دينها وهويتها وشريعتها.  يجب أن لا نسمح  لكوبلر ولا لغيره أن يجبرنا على نتخذ من إصدارات حقوق الانسان التي لم نشارك في كتابتها مرجعا لنا ولا لدستورنا ولكن ما اتفق مع الشريعة الاسلامية أجزناه وما تعارض معها رمينا به في وجوه من كتبه وبلا تردد أو تملق أو مواربة.



جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا