التقرير السنوي لحرية الإعلام والصحافة والتعبير للعام 2017 - عين ليبيا
من إعداد: عبدالواحد حركات
عين ليبيا – عبد الواحد حركات
[su_heading size=”14″]التقرير السنوي لحرية الإعلام والصحافة والتعبير للعام 2017 | عام قتل آخر[/su_heading]
ليبيا بين ثلاث حكومات صورية، تعاني جميعها من عجز عن فرض سلطتها وقراراتها وتمكين إداراتها داخل محيطها المؤسساتي، وبيئة السلطة الصورية في ليبيا وواقعها، أدت إلى فوضى عارمة في كل المؤسسات الحكومية، وصارت السياسات المؤسساتية الخاصة هي منهج تسيير المؤسسات، وأمسى تبعاً لذلك وجود سياسة وطنية عامة وأهداف وطنية عامة مجرد وهم ولغو لا وجود له، وهذا أدى إلى إفراغ الإعلام وتسطيحه وغرقه في المناطقية وانغلاقه، بطريقة جعلت من رسالة الإعلام مدبلجة حسب الأهواء والغايات والمصالح.!
إن السلطة سقف، والسقف المهترئ يلحق الضرر بكل ما تحته، ويؤدي إلى تلفه أو ثلوث أجزائه..!
إن ليبيا البلد المتوسطي الشاسع المعلق بخيط أمل رفيع بمستقل واعد، تشده أثقال خيبة صدئة إلى قاع بغيض تلعب فيه الصحافة وكذلك الإعلام بعمومه، دور أداة الحرب ووسيلة الإقصاء والتشوية والتهديد، ويمتدان عنوة ليكونا جسر للكراهية والعنصرية، فمبتدأ الحرب إعلامها وغبار الحرب إعلامها أيضاً، ووظيفة الصحافة بنوعيها الورقي والإلكتروني قرع طبول الحرب وتمجيد رؤوسها ورثاء قتلاها..!
أجبر الإعلام بكامله نتيجة الأوضاع السياسية والأمنية وحالة اللايقين التي تقابلها حالة تدفق كبير للمعلومات، وتعدد رهيب لمصادرها على الانحياز لأطراف الصراع ومناصرتها، وحدث هجر المبادئ الأساسية للصحافة والقيم المهنية للإعلام بشكل طوعي، وانزلق الإعلام في وحل الأحداث، فأخذ يلوكها ويلفظها دون منهجية أو غاية عدا إشهار الأحداث أو إشهار الشخصيات المحركة لها أو المتحركة فيها.
هذا التقدير يسعى لرصد أهم الأحداث الإعلامية للفترة الممتدة من مايو2016 حتى مايو 2017، معتمداً على عدة مصادر موثقة وبيانات وصفية للأحداث لإيصال رؤية منطقية – رقمية في اغلبها، يمكن أن تستثمر في إصلاح الوضع المتردي للإعلام الليبي، أو تكون داعم للأبحاث والدراسات المهتمة بليبيا وأوضاعها، ويركز التقرير على حوادث القتل والاعتداءات على الأفراد والمؤسسات في مجال الإعلام، ويرصد ويصنف أوضاع المناطق الليبية الأمنية بالنسبة للإعلام، كما يشير إلى موضوعات الإعلام المتداولة بشكل موجز لتعذر إمكانية إجراء مسح دقيق.
قد كان عامنا السابق – عام كراهية- رصدت أحداثه في تقرير موجز آنئذ، أما عامنا هذا فهو – عام قتل آخر- نرصد أحداثه الإعلامية في بنود متتالية لدعم التوثيق، وتجديد دعوة الالتزام بأخلاق مهن الإعلام، ونبذ خطاب الكراهية وتحري الحقيقة التي أطلقها الزملاء في إعلان مدريد عام 2015 ميلادي.
الإعلام المثالي هو الإعلام الحر، ولا تعني الحرية الانفلات والفوضى، أو سلب الحقوق الإنسانية للأفراد، أو القفز وراء أخلاقيات المهنة ،أو تلويث الحقيقة وتشويهها، أو صناعة أوهام لتحقيق مصالح وغايات غير نبيلة، أو الابتعاد عن الحياد والتحيز لأطراف ذات إيدلوجيات محددة، بل تعني بالضرورة التزام المسئولية الإنسانية حيال كل شيء، والتعامل بأخلاق مهنية ووفق منهج حيادي يتحرى الحقيقة، ويسعى لخدمتها وإيصالها ونشرها لفائدتها وضرورتها للمجتمعات.
إذ يشكل الإعلام مؤشر طبيعي لحياة المجتمعات، ووسيلة دعم مباشرة للمشروع الديمقراطي، وأحد أهم مصادر المعرفة للشعوب، وجسر متين وآمن لنقل الثقافات وتلاقحها، كما أنه بات وسيلة تجارية تزاحم البترول في إيراداتها، وهو بلا شك حياة يجب أن تكون لها أطرها التي تنظمها وتحافظ على حقوق أهلها وتلزمهم بواجباتهم، ولعل الإعلام التقليدي الذي عهدناه، ولازال يتواجد حتى اليوم يعد ركح النخبة ومنبرهم.
لتحقيق شيء من المثالية يفترض أن يلتزم الإعلام الليبي عدة مبادئ أهمها:
إن أهم المواثيق الدولية والعربية تؤكد على هذه المبادئ ، وتحض الإعلام على إلتزامها، ويعد إعلان مدريد حجر الأساس للإعلام الليبي، يفترض أن يرتكز عليه وتتحول بنوده إلى منهجية واضحة، تشمل المبادئ الأساسية والتطبيق والتقييم والنتائج، بحيث تعمل كل مؤسسات الإعلام والإعلاميين عموماً على توطينها والالتزام بها.
إن الابتعاد عن المثالية سمة واقع الإعلام الليبي الأساسية، ويمكن أن نصفه بأنه إعلام الجونزو، ذو الأسلوب المترنح واللغة البذيئة، الذي يتعمد الاستخفاف بالمبادئ المهنية التقليدية، ويصر على التخلي عن الموضوعية والحياد، وينتهج سبيل التحريض وانتهاكات الحريات.
كان الإعلام الليبي خاضع لرقابة مشددة، وممنوع من الاستقلالية، ومجبر على اعتناق سياسات السلطة والترويج لها، والتحريض على خصومها، فغابت عنه المهنية وتلوث منهجه، وصارت حالة الحرية التي أتيحت له بعد ثورة فبراير أزمة حقيقية، إذ ثم استثمار الحرية بأساليب سيئة، وتحولت إلى فوضى في غياب الضوابط، وأمام هوس الشهرة والشعبوية، وتحت وطأة الأيدلوجيات المتنازعة والتطرف.
إن الإعلام الليبي يمر بفترة تغيير حرجة، فإعلاميا ليبيا السيبرانية أكثر حيوية وازدحاماً من ليبيا الواقع، وهي تنعم بديمقراطية تداخلت بالفوضى فأباحت كل محظور، مما شكل أزمة حقيقة للإعلام، إذ تحول إلى مسئولية فردية ولم تعد تحكمه ضوابط سوى الضوابط الأخلاقية للفرد، فالفضاء السيبراني جعل كل الليبيين مفردات إعلامية، وأصبحت الفرصة متاحة للجميع للتعبير وإبداء الرأي دون مراعاة لضوابط أو مواثيق، حتى أضحت الحرية السيبرانية لليبيين منبع لكوارث حياتهم الواقعية.
ليبيا الواقع هزمت فيها الكلمة، وكسرت الأقلام، وأنخفض الصوت، واحترقت الصور، ومات حملة الرايات، وصار الصمت ملجأً بامتياز..!
صارت الحرية منقوصة، والكلمة إما ملوثة تتراقص على الحبال أو مطموسة، وتحول الإعلام ووسائله إلى أهداف قتالية للأطراف المتنازعة، فنال الإعلام هذا العام حظاً وافراً من الاعتداءات والانتهاكات المباشرة، لتقويضه وطمسه أو تطويعه لخدمة آراء محددة ونزع الحيادية عنه، إلا أنه لا يمكن الدفاع عن الإعلام بوصفه ضحية، فقد تجاوز الإعلام الليبي ضوابط وتخلى عن مبادئه ولوث منهجه وتحول إلى وسيلة حرب وبوق سلطوي، وارتكب محظورات مهنية عرضته إلى الانتهاك، وتحول أهله إلى طرائد للسلطات الجهوية لأسباب عديدة ومختلفة.
إن أهم أحداث التي جرت في مجال الإعلام، تمثل في حوادث القتل والاغتيال التي طالت عدد من الصحفيين والإعلاميين في ليبيا، وكذلك الاعتداءات المتكررة على مقرات وسائل الإعلام، إلى جانب انتهاج بعض وسائل الإعلام إلى خطاب التحريض والكراهية، وهنا سنعرض لأهم هذه الأحداث ونصفها بشكل بياني:
صنفت ليبيا من ضمن المناطق الخطرة إعلاميا، وكانت من ضمن خمس دول عربية في هذا الوضع هي سوريا والسعودية والصومال وشمال السودان، في حين يعد وضع الدول العربية الباقية وضعاً حرجاً، وتوضح الخريطة التي نشرتها منظمة مراسلون بلا حدود أوضاع البلدان بالنسبة لحرية الإعلام فيها.
كما أن مناطق ليبيا قد خضعت لنفس التصنيف، فصنف التقرير المناطق الليبية حسب الاعتداءات التي طالت مجال الإعلام، فصنفت أربعة مناطق كمناطق خطرة على الاعلام، وهي طرابلس وسرت ومناطق الخليج حتى إجدابيا، وكذلك بنغازي ودرنة، في حين يعد الوضع بمناطق -صبراتة، غريان، مصراتة، إجدابيا، المرج- وضع صعب، والوضع الحساس والحرج يغطي مناطق -زوارة، زلطن، الجميل، بني وليد، مسلاتة، ترهونة، مزدة، نسمة، هون ، ودان، سوكنة، الشويرف، سبها، البيضاء، طبرق، الكفرة-، في حين يعد وضع باقي المناطق وضع جيد نسبياً إذ لم تشهد اعتداءات كبيرة على الإعلام، تشكل مناطق الجبل الغربي وفزان ومناطق اغلب الجنوب مناطق ذات وضع جيد، وتبين الخريطة التالية هذا الوصف بدقة.
ويمكن تصنيف المناطق والمدن الليبية حسب خطورتها على العاملين في مجال الإعلام بالشكل البياني التالي:
[su_table]
المنطقة | نسبة الخطورة % |
طرابلس | 9.09 |
مصراتة | 18.18 |
سرت | 18.18 |
بنغازي | 54.54 |
المرج | 9.09 |
[/su_table]
شهد مجال الإعلام الليبي أحداثاً سيئة عديدة خلال هذا العام وأهمها:
[su_table]
الشهر | الأحداث السيئة |
يناير – 2017 | 1 |
فبراير – 2017 | 3 |
مارس – 2017 | 5 |
أبريل – 2017 | 2 |
مايو – 2016 | 1 |
يونيو 2016 | 1 |
يوليو 2016 | 0 |
أغسطس 2016 | 0 |
سبتمبر 2106 | 1 |
أكتوبر 2016 | 1 |
نوفمبر 2016 | 1 |
ديسمبر 2016 | 0 |
[/su_table]
إن أفظع الأحداث تمثل في حالات الاغتيال المتعمد، إذ تم اغتيال إعلامي في مدينة بنغازي منتصف شهر يونيو للعام 2016، تبعه بشهر يوليو اغتيال الإعلامي ليبي آخر في مدينة سرت، ثم اغتيل مراسل صحفي هولندي في شهر أكتوبر، فسجلت ليبيا بهذه الاغتيالات.
وكانت الفترة الأعوام الستة من 2011- 2017 قد شهدت أحدى عشر حادثة اغتيال طالت الإعلاميين على الأراضي الليبية، وهذه القائمة تبين الصحفيين القتلى في ليبيا 2016:
[su_table]
جيروين أورليمانز | 2 أكتوبر 2016، في مدينة سرت |
عبد القادر فسوق | 16 يوليو 2016، في مدينة سرت |
خالد الزنتاني | 24 يونيو 2016، في مدينة بنغازي |
مفتاح القطراني، الأنوار | 22 أبريل 2015، في مدينة بنغازي |
مفتاح بو زيد، برنيق | 26 مايو 2014، في مدينة بنغازي |
صالح عياد حفيانة | 18 نوفمبر 2013، في مدينة طرابلس |
كريس هوندروس | 20 أبريل 2011، في مدينة مصراتة |
تيم هيثرينغتون | 20 أبريل 2011، في مدينة مصراتة |
أنطون هامرل | 5 أبريل 2011، في منطقة البريقة |
محمد نبوس | 19 مارس 2011، في بنغازي، ليبيا |
علي حسن الجابر | 13 مارس 2011، في منطقة البريقة |
[/su_table]
[su_table]
السنة | القتلى |
2011 | 5 |
2012 | 0 |
2013 | 1 |
2014 | 1 |
2015 | 1 |
2016 | 3 |
[/su_table]
[su_table]
المنطقة | عدد الصحفيون القتلى |
الشرقية | 6 |
الغربية | 5 |
[/su_table]
[su_table]
صحفيون غربيون | صحفيون ليبيون | صحفيون عربيون |
4 | 6 | 1 |
[/su_table]
[su_table]
العام | عدد القتلى |
2012-2011 | 106 |
2013-2012 | 141 |
2014-2013 | 105 |
2015-2014 | 118 |
2016-2015 | 110 |
2017-2016 | 93 |
[/su_table]
قد تعرض الاعلام الليبي على اعتداءات متعددة من عدة جهات، بعضها جهوي وبعضها تابع للسلطات الحكومية سواء في المنطقة الغربية أو بالمنطقة الشرقية، وقد تنوعت هذه الاضرار من اعتداء صريحة ومباشرة على العاملين في مجال الاعلام تدرجت من الاغتيال إلى الاعتداء اللفظي، بالاضافة إلى أضرار مادية طالت مقرات المؤسسات الاعلامية ومنتجاتها من مواد اعلامية، وتنوعت من بين حرق ومصادرة وعبث وتدمير، وقد أوضحت هذه الاعتداءات في قائمة النقاط السوداء، والرسم البياني التالي يوضح نسبها بشكل رقمي.
[su_table]
مقرات | أدوات ومنتجات | أشخاص |
6 | 4 | 3 |
[/su_table]
رغم إشهار عدد كبير من مؤسسات المجتمع المدني المختصة بالعمل الإعلامي، والمؤسسات الحقوقية والثقافية المتنوعة، ووجود روابط مشهرة من قبل، إلا أن هذه المؤسسات لم تلعب دور فعال في تهذيب الإعلام الليبي، وجمع الإعلاميين الليبيين على منهج واحد، وحملهم على الالتزام بالمبادئ والأصول والأخلاقيات المهنية التي تنص عليها اللوائح والقوانين والمواثيق الدولية والمحلية، ومن أهم المنظمات رابطة الصحفيين الليبيين التي لم يعد انتخابات ممثليها منذ أكثر من سبع سنوات، واتحاد الصحفيين الليبيين المستقلين بالخارج الذي لم تشكل له إدارة، واقتصر الانتساب له على الأعضاء المؤسسين الذين قاموا بتأسيسه في جمهورية مصر العربية، في حين نشط المركز الليبي لحرية الصحافة، من خلال مجموعة نشاطات ودورات والبيانات التي تتابع بحرص مجريات الإعلام الليبي.
شهد الإعلام الليبي بعض الإيجابيات رغم حالة السواد والتخبط، والعنف الذي تعرض لها، فقد أقيمت عدة دورات وأهمها:
إن الإعلام أصبح وسيلة حوار وتواصل اجتماعي ، ولم يعد مجرد منبر تحتكر السلطة وتستخدمه لتطويع الرأي العام وتوجيهه، وأصبح أكثر فاعلية وتأثير على استقرار البلدان، وهو وسيلة بناء ووسيلة هدم، لذا نوصي بالاتي
جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا