الدولار يتراجع لأدنى مستوياته منذ 2021 والنفط يخسر 10% في النصف الأول من العام - عين ليبيا

شهدت أسعار النفط العالمية تراجعاً بنسبة تتراوح بين 9% و11% في نهاية النصف الأول من عام 2025، وفق بيانات التداول الحديثة. حيث انخفض سعر العقود الآجلة لخام برنت تسليم سبتمبر بنسبة 0.09% ليصل إلى 66.74 دولاراً للبرميل، بينما تراجعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط تسليم أغسطس بنسبة 0.63% إلى 65.11 دولاراً.

وبذلك يكون خام برنت قد خسر نحو 10.6% من قيمته منذ بداية العام وحتى نهاية يونيو، في حين انخفض خام غرب تكساس الوسيط بنسبة 8.6% خلال الفترة ذاتها. وسجل الربع الثاني من العام انخفاضاً بنسبة 10.7% و8.9% لخامي برنت وغرب تكساس على التوالي.

ورغم هذا التراجع، شهدت الأسعار ارتفاعات ملحوظة في يونيو الماضي، حيث صعد خام برنت بنسبة 4.4% وغرب تكساس الوسيط بنسبة 7.1%.

يأتي هذا الانخفاض في سياق تقلبات الأسواق العالمية وتأثير عدة عوامل اقتصادية وجيوسياسية على الطلب والعرض، ما يعكس حالة عدم اليقين السائدة في قطاع الطاقة.

تراجع قياسي للدولار في 2025.. ماذا ينتظر الأسواق بعد قانون ترامب؟

تراجع الدولار الأميركي إلى أدنى مستوياته منذ سبتمبر 2021، في ظل تصاعد المخاوف والشكوك حول مشروع قانون الإنفاق الضخم الذي يقوده الرئيس دونالد ترامب، وسط حالة من الغموض السياسي والاقتصادي تؤثر بشكل كبير على أسواق العملات العالمية.

وشهدت العملة الأميركية يوم الثلاثاء، انخفاضاً ملحوظاً أمام اليورو، الذي وصل إلى 1.1808 دولار، وهو أعلى مستوى له منذ حوالي أربع سنوات، مسجلاً أقوى أداء نصف سنوي على الإطلاق مع ارتفاع بنسبة 13.8% منذ بداية العام، بحسب بيانات مجموعة بورصات لندن.

كما استقر الجنيه الإسترليني قرب أعلى مستوياته في ثلاث سنوات ونصف عند 1.3739 دولار، فيما ارتفع الين الياباني إلى 143.77 مقابل الدولار، محققاً أفضل أداء منذ 2016 بارتفاع 9% خلال النصف الأول من 2025.

في المقابل، سجل مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة أمام سلة من العملات الرئيسية، تراجعاً إلى 96.612 نقطة، وهو أدنى مستوى له منذ فبراير 2022، مع خسارة تزيد على 10% من قيمته خلال النصف الأول من العام الجاري.

ويأتي هذا الانخفاض في سياق تصاعد القلق بشأن مشروع قانون الإنفاق الضخم الذي يتضمن تخفيضات ضريبية كبيرة وزيادات في الإنفاق الدفاعي وأمن الحدود، مقابل تقليص ميزانيات بعض البرامج الاجتماعية مثل “ميديكيد” وقسائم الطعام.

وقدرت مكاتب الميزانية تكلفة المشروع بحوالي 3.3 تريليون دولار، ما أثار مخاوف جدية من ارتفاع الدين العام الأميركي الذي بلغ 36.2 تريليون دولار، مما يزيد الضغوط على الاقتصاد الأميركي وأسواق المال.

ووفقاً لناثان هاميلتون، المحلل في شركة “أبردين”، فقد تراجع الطلب على سندات الخزانة الأميركية، وتقلصت شهية المستثمرين الأجانب، مشيراً إلى أن “الاستثنائية الأميركية أصبحت موضع تساؤل في 2025”.

وسط هذه الأجواء المتوترة، صعد الرئيس ترامب في انتقاداته العلنية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي ورئيسه جيروم باول، متّهماً الأخير بالتقاعس عن خفض أسعار الفائدة.

وأرسل ترامب ملاحظات مكتوبة بخط يده يطالب فيها بخفض فوري للفائدة إلى مستوى بين 0.5% و1.75%، مقارنة بمعدلات الفائدة المنخفضة في دول مثل اليابان والدنمارك، ورغم أن ترامب لا يملك صلاحية إقالة باول قانونياً، إلا أنه دعا إلى استقالته علناً، مما أثار مخاوف بشأن استقلالية البنك المركزي الأميركي.

ومع اقتراب موعد منتدى البنك المركزي الأوروبي في البرتغال، تتجه الأنظار إلى تصريحات باول ومحافظي البنوك المركزية الكبرى وسط هذه التوترات، ويزيد من حدة الترقب رفع “غولدمان ساكس” توقعاته لعدد خفض أسعار الفائدة هذا العام إلى ثلاث مرات، مقارنة بتوقع سابق لخفض واحد فقط في ديسمبر.

في الوقت ذاته، ينتظر المستثمرون تقرير الوظائف الأميركية في القطاعات غير الزراعية المقرر صدوره الخميس، مع توقعات بتباطؤ نمو الوظائف إلى 110 آلاف وظيفة في يونيو مقابل 139 ألفاً في مايو، وارتفاع معدل البطالة إلى 4.3%.

ولا تقتصر التحديات على الداخل الأميركي فقط، بل تمتد إلى العلاقات التجارية مع شركاء الولايات المتحدة، حيث ما تزال المحادثات التجارية في حالة جمود مع اقتراب الموعد النهائي لتعليق الرسوم الجمركية في 9 يوليو، ما يزيد من المخاوف من تجدد النزاعات التجارية وتأثيرها السلبي على الاقتصاد العالمي.

زلزال في عرش الدولار.. أسوأ أداء منذ 1973

في تحول تاريخي يُعد من الأعمق منذ عقود، يشهد الدولار الأميركي انهياراً غير مسبوق في النصف الأول من عام 2025، ليفقد أكثر من 10% من قيمته، وسط تغيرات دراماتيكية في موازين القوى الاقتصادية، وشكوك متزايدة بشأن استقرار السياسة النقدية الأميركية، والملاءة المستقبلية للاقتصاد الأكبر في العالم.

وبحسب تقرير نشرته صحيفة فايننشال تايمز، فإن أداء الدولار هذا العام هو الأسوأ منذ عام 1973، حين انهار نظام “بريتون وودز” الذي كان يربط العملات الرئيسية بالذهب، مما يُشير إلى أن تراجع العملة الخضراء لم يعد مجرد تصحيح مؤقت، بل يعكس تحوّلاً هيكلياً قد يعيد رسم النظام النقدي العالمي.

سياسة ترامب “تكسر الدولار”

يُحمّل كثير من المحللين الإدارة الأميركية الحالية، بقيادة الرئيس دونالد ترامب، مسؤولية الانهيار المتسارع في قيمة الدولار، بسبب سياسات جمركية توسعية، وعجز مالي ضخم، وضغوط مباشرة على استقلالية مجلس الاحتياطي الفيدرالي.

وقال فرانسيسكو بيسول، استراتيجي العملات في بنك “ING”، إن “الدولار أصبح كبش فداء لسياسات ترامب غير المتوقعة”، مشيراً إلى أن الرسوم الجمركية والتوسع المالي والجدل حول مصير رئيس الفيدرالي جيروم باول، كلّها عوامل عززت قلق المستثمرين.

وتواجه الأسواق احتمالاً متزايداً بخفض الفائدة الأميركية بنحو 137 نقطة أساس بحلول أوائل 2027، مع إمكانية بدء هذا المسار خلال الشهور المقبلة، مما يقوّض جاذبية الدولار كمركز استثمار آمن.

ملاذات جديدة وصعود البدائل

قال طارق الرفاعي، الرئيس التنفيذي لمركز كوروم للدراسات، لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن هناك “تحولاً واسعاً في مواقف المستثمرين العالميين تجاه الدولار”، مشيراً إلى خمس دوائر ضغط تفسر هذا التراجع: خفض متوقع لأسعار الفائدة يقوض العائد على الأصول الأميركية، تسييس السياسة النقدية عبر تدخل ترامب في عمل الفيدرالي، مشروع إنفاق ضخم مثير للجدل يزيد من مخاطر العجز والدين العام، انسحاب مؤسسات كبرى من حيازة الأصول الأميركية، خاصة في آسيا وأوروبا، تحول أوسع نحو الذهب، والأسهم الأوروبية، والتكنولوجيا الصينية، والعملات الرقمية.

ووصف يوجين إبستاين، رئيس هيكلة أميركا الشمالية لدى “موني كورب”، الوضع الراهن بأنه “أشبه بلعبة كراسي موسيقية”، إذ تتبدل مصادر الضغط على الدولار سريعاً بين الإنفاق، والتجارة، والصراعات الجيوسياسية، خاصة مع تصاعد التوتر بين إسرائيل وإيران.

أما المدير التنفيذي لشركة “كلاريتي إف إكس”، آمو ساهوتا، فأشار إلى أن الرابحين في هذه المرحلة هم الكرونة السويدية، والفرنك السويسري، واليورو، رغم تذبذب الأخير بعد إعلان الاتحاد الأوروبي عن حزمة إنفاق جديدة.

وبحسب حنان رمسيس، خبيرة أسواق المال، فإن “الدولار يعيش أحد أسوأ لحظاته التاريخية”، معتبرة أن أداءه الضعيف ليس عرضياً، بل ناتج عن سياسات ترامب التي تسببت بتضخم مرتفع وضغوط على الفيدرالي، ما يهدد جاذبية الدولار حتى على المدى الطويل.

وأشارت رمسيس إلى أن “الدول تنظر الآن إلى البيتكوين والعملات الرقمية كأدوات مالية منافسة”، في ظل تصاعد الطلب على الذهب كملاذ آمن، وسط الغموض المتصاعد في الشرق الأوسط وفشل اتفاقات التهدئة.

مستقبل غير مضمون

رغم تراجع الثقة، ما يزال الدولار يحتفظ بمكانته كعملة احتياط عالمية، مدعوماً بالقوة السياسية الأميركية، لكن الرفاعي يحذّر من أن استمرار هروب رؤوس الأموال الأجنبية قد يؤدي إلى خسارة الدولار ما يصل إلى 10% إضافية بنهاية العام، ما لم تحدث تغييرات جذرية في السياسة النقدية.

وفي مواجهة التحديات، يلوح ترامب باستخدام أدوات اقتصادية قوية، تشمل العقوبات والتعريفات، للحد من أي محاولات لمنافسة الدولار، خصوصاً من بريكس أو الصين، وسط سعي بكين الحثيث لتدويل اليوان.



جميع الحقوق محفوظة © 2025 عين ليبيا