الرئيس قيس سعيّد.. دكتاتورية محاربة الفساد! - عين ليبيا

من إعداد: د. عبيد الرقيق

الرئيس التونسي ذو الخلفية القانونية، فهو الأستاذ الجامعي في القانون يبدو أنه وجد نفسه في خضم بحر هائج من السياسة التي لم يكن الى وقت قريب يعلم خفاياها، الا بعد أن تم انتخابه رئيسا لتونس فقد صار يرى نفسه المعبر عن صوت الشعب وضميره، بعد أن انتخبه و حمله الشعب مسؤلية هذه الأمانة الثقيلة، وبحكم خلفيته القانونية استطاع الرئيس أن يخترق جدار السياسة السهل الممتنع، فهو يجيد استعمال لغة القانون وادواته التي يمكن من خلالها الغوص في اعماق القوانين واللوائح ليتخذ منها وسيلة، تمكنه من ضبط ايقاع مسار الحاكمية التي يمتلكها الآن بشرعية الشعب الذي انتخبه، وهو الذي يدرك أن التيار المضاد سيكون عنيفا وقويا، بدرجة لا يمكن تصورها، خاصة اذا ما شعر البعض ممن يجيدون استغلال السياسة والتنفذ المستفيدون من مزايا المال العام سلطة واكتنازا أنهم المستهدفون.

الرئيس سعيّد قام بعديد الإجراءات لعل ابرزها تجميده للبرلمان، ثم ما تبع ذلك من خطوات اخرى كان آخرها فصله لعدد كبير من العاملين في سلك القضاء، بحجة انهم مفسدون ويساهمون في الفساد الذي استشرى في تونس، ويبدو أن الرئيس قد اتخذ على عاتقه محاربة الفساد في تونس وإنه في سبيل ذلك اباح لنفسه ممارسة ديكتاتورية خاصة يتطلبها المشهد، و رغم ان ما يتخذه الرئيس سعيّد حتى الآن من إجراءات تحظى بمباركة مباشرة أوغير مباشرة من عموم الشعب، الآ أن اللوبيات المتنفعة والتي تشعر بأنها ستكون مستهدفة عاجلا ام آجلا لا يروقها ذلك، وتسعى بكل جهد لإفشال ما يقوم به سعيّد من اجراءات ويحاولون بقوة حشد التأييد من الفئات الأخرى، بحجة ان الرئيس قد تجاوز صلاحياته التي يكفلها له القانون، وأنه يحاول فرض رأيه دون غيره، وصاروا يصفونه بأنه انقلابي انقلب على الدستور ويمارس سلطته الفردية في تحد صارخ للدستور والديمقراطية.

النخب في تونس منقسمة على نفسها بين مؤيد بقوة لإجراءات الرئيس وبين رافض يالمطلق لها وبين حالة وسط لا رفض تام ولا موافقة تامة، ورغم ذلك يمضي الرئيس في خطواته دون تردد ويحاول أن يدخل بتونس في عصر الجمهورية الثانية الجديدة بعد بورقيبة، بدستور جديد وبروح جديدة، فهل يصل الرئيس الى مبتغاه أم ان المعارضة ستفسد عنه خطته ويعود المشهد التونسي لللإرباك من جديد؟! من وجهة نظري أنه لو قدر لتونس أن تعتمد دستورا جديدا من خلال الاستفتاء عليه ثم الدخول في انتخابات برلمانية ورئاسية جديدة وفقا لآليات الدستور تحت قيادة الرئيس سعيّد فإن الجمهورية التونسية الجديدة ستخرج تونس من ازماتها وستعيد صياغة المشهد التونسي سياسيا واقتصاديا من جديد وفق رؤية طموحة جادة للإصلاح وإعادة التموضع محليا واقليميا.

إن محاربة الفساد في أي قطر معركة شرسة وتحتاج الى أدوات وامكانات مميزة واستثنائية، وما يقوم به الرئيس سعيّد ينطبق مع هذا، فهل يتمكن الرئيس من خوض غمار هذه المعركة ويظفر بها؟! هل تمكن الرئيس من توفير الأدوات الفاعلة والإمكانات اللازمة بشريا وماديا واعلاميا؟ والأهم من ذلك كله هل يحتفظ الرئيس بالزخم الشعبي المناسب الذي يؤهله لقيادة هذه المرحلة الحاسمة في تاريخ تونس؟ إن الضمانة الأساسية لخطواته الإصلاحية هو الشعب وطالما حافظ عليها واستمر تفاهمه مع القوات المسلحة التونسية والأجهزة الأمنية التي هي صمام الأمان، فإنه حتما سينجح في قيادة تونس الى بر الأمان.

إن المعركة مع الفساد في أي دولة تتطلب ممارسة الديكتاتورية استثناءً، وتتطلب كذلك تضحيات كبيرة من الشعب والقيادة، وإني ارى في شعب تونس وقيادة قيس سعيد أهلا لذلك، فهل ينتصر الشعب على المفسدين وتدخل تونس عهدا جديدا من الحكم الرشيد المبني على خدمة الشعب وتحقيق تطلعاته ليعيش كريما منعما في ارضه؟ وهذا ما نتمناه من الأعماق ، أم أن للوبيات الفساد والمعارضين لدولة القانون  والعدالة الإجتماعية رأي آخر!



جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا