السودان، الى أين ؟ - عين ليبيا
من إعداد: أحمد الحباسي
الرئيس عمر البشير رئيس مثير للجدل و لا يحظى بالشعبية ومع ذلك و فى تصريح مثير أشار الرجل انه سيعود لتقديم ترشحه فى الانتخابات بداعى الإلحاح الشعبى، طبعاً الامر ليس صحيحاً و من يطالع الصحف السودانية يدرك ذلك بسهولة تامة، فى عهد الرئيس عمر البشير السودان لم يتقدم قيد أنملة فى كل المجالات و لعل ما حصل فى فترة حكم هذا الرئيس من النكسات و التنازلات و الاحداث المرعبة ما يؤكد أن سياسة البشير على كل المستويات قد أخفقت و انعكست نتائجها السلبية على مستوى عيش المواطن السودانى و هذا التدحرج المتواصل فى نسبة النمو و تواصل ارتفاع نسبة البطالة هو الذى أدى فى نهاية الامر الى خروج المظاهرات الشعبية المطالبة بالتغيير ، هذا التغيير يقول المتابعون أنه صعب و مستحيل لان النظام قد فقد كل الثوابت و باتت تتقاذفه أمواج الانتهازية السياسية للطبقة الحاكمة التى ترفض التغيير المضر بمصالحها خاصة و أنها استنزفت الخزينة السودانية و تربعت على عرش الفساد و الرشاوى و بيع الذمم ، أيضا لم يعد للنظام من يسانده من الدول الخليجية و لم يعد للصناديق الدولية المانحة ثقة فى الرئيس المطلوب للعدالة الدولية .
لا يملك النظام السودانى سياسة خارجية معلومة و لا يملك أصدقاء و لا يملك رؤية اقتصادية قادرة على اخراج السودان من ازمته الخانقة و لا يملك السودان حالة أمنية مستقرة و لا يملك النظام قدرة و ارادة للتغيير و لذلك يقامر المطلعون بدقة على الاحوال فى السودان بأن هروب الرئيس من مواجهة كل هذه الاكراهات و ربط العلاقة مع تركيا للإيحاء بأنها المخرج و الدواء المناسب لأمراض و علل السودان هو مجرد هوس فكرى و ضرب فى الماء لان الغايات التركية بعيدة كل البعد عن مصالح الشعب السودانى و أن تنازل الرئيس عن مساحة ” سواكن ” للجانب التركى هو تنازل مهين من جهة و تنازل بلا فائدة و لعله التنازل المشبوه الذى يؤكد وجود صفقة بين الجانبين ستعود منافعها المالية لجيوب الرئيس و قليل من حاشيته الناهبة للأموال العامة ، تقول المطالعات الاعلامية ان الجانب التركى قد سعى للحصول على مساحة من الارض السودانية لإنشاء قواعد عسكرية و عندما نعلم الارتباط الاستراتيجى بين العدو الصهيونى و بين انقرة و نعلم النيات التركية الخبيثة التى تبحث عن مراكز تجميع و تدريب الارهابيين العائدين من العراق و من سوريا و نعلم القدرة المالية القطرية و نعلم العداء المتصاعد بين تركيا و مصر و بتجميع الصورة نصل الى قناعة بأن هذه القواعد التركية ستكون الاسفين الذى سيدق فى عنق مصر و بقية الدول العربية .
فى السودان ليست هناك معارضة بالمفهوم التقليدى بل هناك دكاكين معارضة تعرض سلعا فكرية بائرة عفى عنها الزمن و قيادات المعارضات السودانية تنهج أنهجا مختلفة و غير قابلة للتطبيق بل هى مجرد رؤى بلا عنوان واضح و لذلك لا يهتم المواطن السودانى بهذه الأطروحات الهزلية و الهزيلة لأنه يعلم أن مشاكل السودان لا تحل لا بالشعارات و لا بمناكفة النظام و لا بالاستعانة بدول الجوار و لا بالعلاقات الاثمة بين تلك المعارضات أو بعضها على الاقل ببعض المخابرات و السفارات الاجنبية ، قادة المعارضات السودانية يعانون من الهرم سواء من حيث السن أو من حيث هشاشة الطرح السياسى و لعل أكثرهم يعيش خارج المنطق السياسى أصلا و لو عدنا لما طرحته هذه المعارضات عبر سنوات تواجدها الطويلة فسنجدها نفس المفردات و نفس التوجهات و هذا لا يدل على استقرار فى المبادئ و الافكار بل يدل على تكلس ذهنى سياسى معيب فى عصر يشهد تحولات مرعبة فى كل ثانية ، فى هذا السياق تلوذ الحكومة بصمت مريب و مثير للسؤال وتوحي خطواتها المرتبكة بأن الأمور أفلتت من يدها و لذلك و بدل معالجة الأزمة الاقتصادية باستبدال الاطقم السياسية الفاشلة فقد ذهبت عكس المنطق باستبدال رئيس جهاز الأمن القومي القديم بآخر جديد قديم.
يعتبر الشباب هدف سياسة كل دولة فى جميع المجالات و لكن الشباب السودانى يعيش حالة تهميش مرعبة سواء من الحكومة أو من المعارضة و ما يطرح على قلته و عدم جدواه لا يسيل لعاب هذا الشباب الطامح للكرامة و التشغيل و رفع مستواه الاقتصادى ، فالشباب الذي نشأ في ظل هذا الحكم المطول للرئيس عمر البشير يبغى تغييرا صريحا على جميع المستويات و تغييرا مهما على المستوى الافقى و العمودى و هذا الشباب لم يعد يطيق سماع الحديث عن حكومات الانقاذ او حكومات البيان رقم 1 و حكومات شد الحزام و حكومات الموالاة للخارج بل هو يبحث عن حكومة و نظام شبابى متحمس و أن يتم ركن كل الرموز القديمة الى خزائن التقاعد الاجبارى من باب ربح الوقت و وضع حد لاستنزاف الاموال العمومية بعد أن شارفت الخزينة السودانية على الافلاس و العجز ، من ” يستمع ” الى حوارات هذا الشباب فى المنتديات الاجتماعية أو على وسائل الاتصال يدرك أن هذا الشباب يبحث عن بديل لنظام عمر البشير من قمته الى قاعدته و هو لا يرى انقاذا للسودان من أزمته إلا برحيل هؤلاء يضاف اليهم لفيف معارضات البيع و الشراء و معارضات المشى فى الاتجاه المعاكس التى فشلت تماما فى طرح البدائل الممكنة التحقيق و اكتفت برفع الشعارات ، لكن يبقى السؤال كيف سيتم انقاذ السودان و هل ستكون هناك بدائل ممكنة و هل أنه بالإمكان ابعاد بعض الدول عن التدخل لتعكير الوضع و هل سيرحل البشير أم سينتهى نهاية كل من رقص مع الافاعى على رأى الرئيس اليمنى الراحل على عبد الله صالح .
جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا