الصراع على السلطة في ليبيا.. من سيكون الفائز؟ - عين ليبيا

من إعداد: د. ناجي بركات

بسم اله الرحمن الرحيم

كلما تقرأ وتشاهد وتستمع عن الصراع علي السلطة في ليبيا ستجده محصور في اشخاص وليس في ايديولوجيات. من البديهي بعد 42 سنة من حكم الفرد وتسلط مجموعة وقبيلة معينة علي الليبيين والليبيات، تكون ردة الفعل بهذه الطريقة. حيث يري كل واحد نفسه انه هو الراعي للثورة وانه ضحي من اجل نجاح هذه الثورة وساهم ودفع مالا من اجل الثورة الخ….. تستمر سلسلة التضحيات الى ان تصل بالقول انه شارك في يوم تدمير الكتيبة او تدمير نصب الكتاب الاخضر بطبرق او دخول ميدان الزاوية او كان مع الثوار في مصراته او نزل مع الثوار ودخلوا طرابلس الخ…..هذه كلها حقائق ولا يجب ان نخفيها ولكن لا نجعلها منة او سبب في ان نقف عتبة في وجه الحكومة والمؤتمر الوطني العام. الليبيين والليبيات جميعا شاركوا في هذه الثورة الا مجموعات بسيطة موالية للطاغية الي هذا اليوم وهذا شيء طبيعي وموجود في كل مكان حيث ان هتلر مازالت افكاره واطروحاته يؤمن بها مجموعات وفي انحاء العالم واكثرها في المانيا كما هو ستالين وصدام حسين وحافظ الاسد…

الصراع في ليبيا ليس بين احزاب او كتل وانما يقودونه افراد وكلهم لهم اطماع في الوصول للكراسي. هنالك من حاول عدة مرات وفشل للوصول للكرسي. لم يتم اختياره للمجلس الانتقالي ثم لم يكون له نصيب بحكومة الكيب او المجالس المحلية. منهم من نجح كعضو في المؤتمر الوطني العام ولم تعرف الناس حقائقهم الا بعد ما بدا المؤتمر يشتغل. منهم من رشح نفسه اكثر من مرة لرئاسة الحكومة ونجح في اخر محاولة ومنهم لم ينجح. الذي وصل الي المجلس الانتقالي صار يبحت عن منصب اكثر ومنهم من نجح ووصل الي منصب في الحكومة او في سفارة. من لم ينجح في الوصول لمؤتمر الوطني العام وخاصة من كانوا يقولون انهم ضحوا وعارضوا من اجل ليبيا قبل وبعد التحرير، هم من يعمل في المشاكل هذه الايام واخرها محاولة الالتفاف علي شرعية المؤتمر الوطني العام والمطالبة بأسقاط الحكومة. الاسماء معروفة وهنالك اسماء كثيرة من ورائهم تساندهم وتدعمهم وتضلل الراي العام بأكاذيب ضد الحكومة والمؤتمر الوطني العام. انهم فعلا يعرقلون عمل الحكومة ويقفون ضد الشرعية والتي اعطاها الليبيين والليبيات للمؤتمر الوطني العام.

مما لا شك فيه ان المؤتمر الوطني العام خرج عن خارطة الطريق والتي واضحة بالإعلان الدستوري المادة 30 وصار ينحرف ويناقش مواضيع ادخلت ليبيا في فوضي لا مثيل لها. قانون العزل السياسي وقانون الفوائد الاسلامية وتعين السفراء ولجانه المتبعثرة والتي لا تنسجم مع الحكومة. رئيس المؤتمر الوطني العام والذي يمر بوعكة صحية هذه الايام ونتمنى له الشفاء، وضع نفسه في مواضع حرجة وبدا يتصرف كأنه رئيس دولة وعدنا الى حكم الفرد مرة اخري وهذا بشهادة نائبه الثاني والذي لم يمارس سلطاته فقام بإصدار بيان يفضح فيه رئيس المؤتمر واشياء اخري. خرجنا من حكم الفرد الى من يحب السلطة ويريدها لنفسه وانه صرح وقال انه يفكر في تمديد فترة المؤتمر الوطني العام. ربما الان عرف انه يسير في الطريق الخطاء وصحح نفسه.

بالنسبة لأعضاء المؤتمر الوطني العام ومع احترامي الشديد لهم وانها مسؤولية كبيرة على عاتقهم ولهم اجر في هذا. هم اختاروا هذه التضحية بالرغم من ان خبراتهم السياسية معدومة لدي البعض وقليلة لدي الاخرين وقلة من لهم هذه الخبرة. لم تعطي لهم دورات في العمل البرلماني وكيف يواجهوا الناس وكل واحد يفكر بأن له السلطة المطلقة في صنع القرار. صارت تكتلات مبنية علي الجهوية والقبلية ولا وجود للأحزاب. هذه التكتلات لها ولاءات لأفراد فقط وليست لأحزاب وتدعمهم روح القبلية والجهوية والعنصرية في بعض الاحيان. من يصرخ ويصيح ويهرج، يسمع له ومن هو ساكت ويحاول النقاش بأدب وعصري، يهمش ولا يحسب له حساب.

مثال ذلك بعض اعضاء بنغازي ومصراته حيث هؤلاء يريدون كل شيء بالقوة واستعملت محاولات بالقوة من قبل انصارهم لجعل المؤتمر يصوت علي قانون العزل السياسي واشياء اخري. هنالك اسماء معينة تحاول فرض رأيها علي اعضاء المؤتمر الوطني العام ومنهم من يستعمل في الخطاب السياسي مثل اخوان المسلمين ومنهم من يستعمل في الخطاب القبلي والجهوي ومثل اعضاء مؤتمر بنغازي والزنتان والزاوية ومصراته.

ام تحالف القوي الوطنية والمتمثلة في شخصية محمود جبريل، فهي تمتل فكر محمود جبريل والذي يصول ويجول ومازال يحاول الرجوع للسلطة لوجود دعم شعبي من الشباب والنساء. لديه افكار ولديه شعبية ولكن يريد السلطة مثله مثل غيره حيت حاول عدة مرات. انا اقول انه غلط غلطته الكبيرة بعدم وجوده بليبيا اثناء التحرير وكلمة الشيخ مصطفي عبدالجليل الاخيرة بأن من كان يمثل ويدير المكتب التنفيذي هو علي العيساوي وانا اشهد علي ذلك حيت كانت لدينا صعوبات في التواصل مع د محمود جبريل. هذا لا يمنع بأن وجوده خارج ليبيا كان مهم لحشد تأييد المجتمع الدولي والذي ابدع فيه واقنع العالم بأن ليبيا قادمة علي مرحلة جديدة وانا اعتبره رئيس الحكومة خارج ليبيا وادي دوره بجدارة وعلي العيساوي رئيس الحكومة وادي دوره حسب قدراته. ام حزب العدالة والبناء وبقيادة الاخوان ولا تعرف من يقود هذا الحزب او الكتلة تارت صوان وتارت اخري علي الصلابي ومرة اخري كعوان واخيرا الغرياني . منهم موجودين كأعضاء بالمؤتمر الوطني العام وهم من يتكلم بدقة وبخبرة وقد لقنوا هذه الكلمات حتي يتم اقناع الاخرين. هم من يقود التيار الديني داخل المؤتمر الوطني العام ويحاولون تمرير عدة اشياء لصالحهم ولصاح حزبهم او تكتلهم. اعضاء لجان المؤتمر معظمهم من التيار الاسلامي وهي من ترسل المقترحات لسن القوانين واختيار اعضاء في لجان ترسل لوزرات او للخارج او للقبائل. عملهم علي المدي البعيد وتخطيطهم به دهاء سياسي وليس لديهم حشمة في استعمال الفتنة والاقصاء اذا تطلب ذلك. الغرض من هذا كله هو الوصول للسلطة والتي هي همهم الوحيد وهم يحاولون الوصول للسلطة مند 60 سنة. لقد نجح الاسلامين في تونس ومصر وفي المغرب للوصول للسلطة ويريد الليبيين ان يصلوا مثلهم . لقد تسرعوا في البداية وكانت نقمة الشارع عليهم كبيرة وخاصة عندما قاموا بتهديم الاضرحة ومحاولة فرض اشياء علي الناس والسيطرة علي المساجد . الان صاروا من بعيد وبطريقة سياسية يهمسون في اذان اتباعهم ومن يساندونهم من الاعضاء المستقلين لطرح افكارهم او اقتراحاتهم. لعبة الكواليس يسيطر عليها التيار الاسلامي داخل المؤتمر الوطني العام لأجل الوصول للسلطة.

الاسماء كثيرة والتي تحاول ايجاد طريقة للوصول للسلطة وكثيرون اسسوا احزاب رغم غياب قانون الاحزاب وغياب التجربة الحزبية للشعب الليبي ولا وجود للتربية الحزبية او الفكر الحزبي كما هو متعارف عليه. كل من خرج في الاذاعات المرئية عدة مرات وصار يتكلم عن ليبيا وعن السياسة ولا ينسي ان يكون في صف الثوار وفي صف مصراته والزنتان ولا يهاجم بنغازي وعليه ان يعلن ولائه للجماعات الاسلامية ولا يهاجمها. هذه اساسيات اللعبة حتي يضمن الحماية والتايد ولا يقبض عليه. هؤلاء اسسوا احزاب ويدعمهم افراد او دول من اجل الوصول للسلطة. صراع قائم من اجل الوصول للناس ومن خلال الاذاعات المرئية الليبية والتي تتزايد يوم بعد يوم مثل مليشيات اشباه الثوار. هؤلاء جميعا افراد منهم من كان معارض خارج ليبيا ومنهم من كان داخل ليبيا. ماذا يريد هؤلاء، يريدون الوصول للسلطة وهذه هدف كل رئيس حزب ولكن بالطريقة الليبية وليست بالطريقة الحزبية. انا متأكد ان بعضهم لديهم تجربة سياسية جيدة في المعارضة الليبية وان لهم فكر سياسي ولكن مازالت فكرة الاحزاب لديهم ولدي من يساندهم او انظم اليهم بعيدة كل البعد عن العمل الحزبي والذي نعرفه جميعا.

الصراع علي السلطة في ليبيا سيؤدي بليبيا الى فوضي عارمة وربما يؤدي الي شجار وعراك يحسم في النهاية لصالح الشعب الليبي. هذا احد المخارج وهذه حسب المؤشرات الموجودة والتي بدأت تخرج علينا في اشياء جديدة مثل اتحاد الثوار في منطقة معينة او اتحاد ثوار ليبيا وقيادته والتي معظمها حاولت الوصول الي السلطة ولكنها فشلت ولم ترضي بالفشل ، والان تحاول استعمال من يملكون القوة ولهم راي بالقوة. هذا الصراع سيولد حقد وكره كبير لهؤلاء والشعب لا يريد هذا ولا يريد انقلاب اخر وهيمنة مجموعة معينة علي الوضع في ليبيا. لنأخذ عبرة من جبهة التحرير الجزائرية والتي مازالت اثرها الى اليوم وكيف ان هذه الجبهة تعيث فسادا في الجزائر الي اليوم. كما ان الصراع القائم الان بين الافراد والاقطاب والنخب السياسية في ليبيا سيؤدي الى سخط الشارع عليهم اذا لم يجلسوا ويتحاوروا من اجل ليبيا فقط وخاصة في هذه المرحلة الانتقالية ومساعدة المؤتمر الوطني العام للوصول الى كتابة والانتخاب علي الدستور واجراء انتخابات عامة في ليبيا وارساء الديموقراطية في ليبيا كما كنا نحلم بها. هنالك بوادر من هذا ولكن هذا يحتاج الى جدية وكلنا نعمل من اجل ليبيا.

الصراع علي السلطة ظاهرة حضارية ولكن تكون من خلال القنوات الصحيحة مثل الانتخابات ومنابر التحدث للناس وليس باستعمال القوة او القبلية الزائلة او الجهوية الجاهلة. يكون صراع حضاري ومن خلال برامج واطروحات تعود بالمنفعة علي الليبيين والليبيات وتصل بليبيا الى بر الامان. يكون صراع متكافئ وتعطي فيه الفرصة للجميع ليبرزوا إمكانياتهم الفكرية والتكتيكة للوصول السلطة من خلال برامج يكون لها اتر كبير في تغير ليبيا الى الافضل وينعم ابنائها بثروة ليبيا. كما يجب ان يكون هذا الصراع يكفل حقوق المرأة والطفل والاقليات بليبيا وضمانة حقوقهم لكي يكونوا اداة فعالة في تنمية وتطوير ليبيا.

نتمنى من كل اعضاء المؤتمر الوطني العام والحكومة ان لا يخافوا من اي تهديدات وان يستمروا في عملهم وان الشعب اختارهم لهذه المسؤولية ، لثقته فيهم وانا اعتبر ان كل من استقال هو خدلان لهذه الجماهير والتي اختارته وهي التي تحميه وعليه الرجوع لهم واخد رأيهم اذا كان يريد الاستقالة. الشعب الليبي هو من اطاح بالقذافي وهو من حارب الطليان لأكثر من 30 سنة وهو من وقف ندا للمحتلين، هو من يستطيع ان يضع حدا للصراع علي السلطة وخاصة ضد من يريدون استعمال القوة لفرض آرائهم علي اعضاء المؤتمر الوطني العام والحكومة. يجب دعم الحكومة الحالية وهي تقوم بأشياء لم يستطع احد عملها من قبل واخدت الشرعية والدعم عندما خرج الشعب الليبي يدعمهم في الذكري الثانية لثورة 17 فبراير. يجب دعمهم وكذلك ان يحاسبهم المؤتمر الوطني ويتابعهم وباستمرار حيث الان لا توجد اعذار بعد الموافقة علي الميزانية ومن يصارع علي السلطة فلينتظر ويجهز نفسه للانتخابات القادمة.
ليبيا حرة وستبقي حرة بعون الله



جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا