الطريق إلى التمحيص! رداً على مقال أ. عبدالرزاق العرادي - عين ليبيا

من إعداد: طه عبدالعزيز

بالتأكيد تضل المحطات الأربع التي ذكرها أ. عبدالرزاق العرادي في مقاله “الطريق إلى الكارثة” محطات فارقة في تشكيل المشهد الليبي , فبقدر ما كان الوضع متأزما الا ان هذه المحطات ساهمت في تمييز الخبيث من الطيب و كشفت لنا الوجه الحقيقي لأولئك الذين يسميهم الاستاذ “شركاء الثورة” و الذين ثبت اشراكهم بالثورة!

وأولى هذه المحطات كما قال ا. العرادي هو “التلكؤ في تقديم الجناة للعدالة في أول جريمة اغتيال بعد الثورة، وهي جريمة قتل اللواء عبدالفتاح يونس ومرافقيه” و سأوافقه في ذلك جملة و تفصيلا.

والمحطة الثانية كانت “إصدار قانون مشوه لانتخاب المؤتمر الوطني العام، مما إدى إلى سيطرة النظام الفردي على المشهد السياسي، وتشكيل كتل جديدة لم يجمع بينها إلا قبة المؤتمر” كما قال , و الحمد لله ان سخر لنا فتحي البعجة ليكون اول الجاهرين بالحقد الدفين و التخويف بـ “غولة الاخوان” و التي و للاسف لم يقابلها قيادات الاخوان بالتحرز و الاستعداد و الرد على هذه الشبهة و وأد “الفتنة” في مكانها و زمانها و الحمد لله ايضا انه لم يتم اقرار مقترح الـ 64 -136 و الا لسيطر تحالف الثورة المضادة منذ البداية على المشهد و لكان الاستاذ العرادي وراء القضبان او فارا بدينه و حياته الى الخارج و لكم فيما يحدث بمصر الآن عظة و عبرة , بل رأيت عندما تحصلوا على فرصة في عهد زيدان ماذا فعلوا و ماذا كانت نوايهم!!

المحطة الثالثة حسب العرادي كانت “بإصدار قانون العزل السياسي الذي أقصى كثيرين، وعلى رأسهم بعض شركاء الثورة” إن من يراهم الاستاذ عبدالرزاق “شركاءً للثورة” ويراهم غيره “قافزون من المراكب الغارقة” وهو القانون الذي كان لابد منه لتحصين و حماية الثورة من النفوس الفاسدة و الايادي الآثمة التي ظنت ان انشقاقها سيغفر لها بل ذهبوا الى حد افساد الثورة بأفكارهم وافعالهم واعلامهم و تكالبوا من جديد على المناصب و اقصوا الثوار فكان لابد من التخلص من هذا الدم الفاسد و لم يكونوا بحاجة لهذا القانون حتى ينقلبوا على الثورة بل كان هذا فكرهم منذ البداية وهم من تربوا في حضن الانقلاب و اقاموا مشاريع بقائه و استمراراه و استفادوا منها!

وأما المحطة الأخيرة فهي و حسب العرادي طبعا “عدم منح الثقة لحكومة الدكتور مصطفى بوشاقور لنصل في نهاية المطاف إلى حكومة زيدان وأدائه الكارثي” فقد يقبل المرء بها بالنظر للطوام التي قام بها زيدان, إلا أن الذي يرى تكالب بوشاقور على الكرسي يحمد الله انه لم يصل إليه بل ان ما قام به ابوشاقور منذ خسارته باتهام العدالة و البناء و اخراج نفسه بمظهر البطل الذي تحالفت الدنيا ضده كان مؤشرا على سيكولوجية هذا الشخص الذي يختفي خلف حرف “الدال” و لعلها مشيئة الله التي اردات ان تمتحن هذا الشعب و تمحصه و تميز الخبيث من الطيب بأن يصل زيدان الكارثة الى الحكم, حتى نخرج في النهاية من المؤامرات التي حاكها فريقه و من وراءه و يسقط في فخ الترغيب و الترهيب من سقط و يعلو صوت المُرجَفون و ابواق الفتنة و في ظل هذا يزداد الخيرون الذين انعم الله عليهم بالحكمة و الثبات يزدادوا ايمانا بالقضية و ثقة بالنصر و التمكين ليحكم هذه البقعة الانقياء الاطهار الذين يخافون الله ولا تغرنهم الحياة الدنيا الذين يقدمون وطنهم على انفسهم وتجارتهم و هؤلاء موجودون! فيما علق الاستاذ العرادي بين الخطأ و الصواب انتقل الصراع في ليبيا الى مرحلة اخرى مرحلة الحق و الباطل ليكون الحل بالتغيير الجذري لا بالاصلاح , فالبناء على الخراب لا يستوي ولا يصير و الذي يبنى بيته على قواعد متهالكة سيسقط عليه بيته عاجلا أم آجلا و لن يكون الترميم الا نزفا لميزانيته و هروبا الى الامام من واقع لابد منه.

فمتى تنضج القيادات و تعي هذه المرحلة و تخرج من دائرة التفكير النمطي و حب الصراع مع الانظمة بحيث لم يعودوا يتخيلون حياتهم السياسية و الاجتماعية الا بوجود هذه الانظمة ليصارعوها , و ان سقطت يبنوها بأنفسهم!

و اختم بما ختم به الاستاذ عبدالرزاق مقاله حيث قال ” من المهم أن نبين هذه اﻷخطاء ليتحمل كل طرف مسؤوليته. اﻷخطاء من طبيعة البشر والعمل السياسي يدور ما بين الخطأ والصواب، فيجبر الخطأ بالاعتذار والتصحيح، ولكنه إذا دار في مجال الحق والباطل، فلا يجوز بحال الوقوف مع الباطل، ولا يُجدي في هذه الحالة الجبر ولا الاعتذار”.



جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا