العسكرة ما العسكرة يا “عساكر سوسة”! - عين ليبيا

من إعداد: د. عبيد الرقيق

كل دول العالم يحميها ويصون سيادتها عسكر من أبنائها منتظم في جسم عسكري اسمه الجيش، نحن في ليبيا بعد 2011 انهار الجيش، وتفتت وتوالت حكومات لكنها عجزت على اعادة تشكيل الجيش ! دخلنا في انتخابات المؤتمر الوطني ومن بعده مجلس النواب وصار لنا جسمين تشريعيين لكن بدون جيش!! المنتخبون في المؤتمر والبرلمان صاروا يتقاضون مرتبات عالية وميزات مختلفة، فتبحبحوا في ثروة الليبيين ونسوا أن يبنوا الجيش وتركوا حكوماتهم المتعددة غارقة معهم في النهب والتنفع وبدون جيش!

البلد بعد انتشار السلاح فيها دخلت في فوضى أمنية كبيرة، وبدأت حالات الخطف والحرابة والسطو والابتزاز من المجموعات المسلحة المنتشرة في طول البلد وعرضها، ورغم ذلك لم يحس بها أصحاب المعالي والسمو من حكام الصدفة، لأنهم لاهون في التنفع واكتناز المال! المواطن الليبي الغلبان هو من تأذى وحوصر وشرد بفعل تلك المجاميع المسلحة المتهورة، حتى أصبحت حياة المواطنين مهددة يومياً وضُيّق عليهم حتى في سبل معيشتهم العادية البسيطة، فأكتووا بجحيم الأعمال الإجرامية وعانوا ولا يزالوا يعانون الأمرّين، ولا من منجد أو نصير!!

ضاق الشعب ذرعا بأعمال الصعاليك، ولكنه صبر وظل يكابد هول افعالهم، حتى فاض الكيل فجاهر مطالبا بأن يكون هناك جيش وشرطة لحفظ الامن، لكن لا حياة لمن تنادي! عارض المتنفذون والمتأسلمون الفكرة ارضاء لنزواتهم فحبذوا ان تستمر حالة الفوضى بدون جيش،  والحجة دائما كانت ولا تزال لا نريد عسكرة الدولة! وأن العسكر عدو الديمقراطية اللدود، وفي سبيل ذلك عملوا المستحيل وبدأوا في محاولات التأثير على الرأي العام الليبي من خلال فكرة “شيطنة العسكر” لتنفير الناس لكنهم فشلوا وخسئوا !

امام خطورة الأمر واستفحال الفوضى العارمة، تنادى بعض العسكريين في المنطقة الشرقية وعزموا على اعادة بناء الجيش، ساعدهم في ذلك عدم نشوء حالة انقسام في الجيش حتى اثناء الأحداث كما حدث في المنطقتين الغربية والجنوبية، وشرعوا فعلا في ذلك، دعمهم الشعب وانخرط ابناء الشعب في ذلك الجسم وقدموا التضحيات الجسام ارواحا ودماء وعرقا، حتى تمكّنوا شيئا فشيئا من خلق نواة للجيش الليبي، وسرعان ما بدا العدد يتضاعف حتى وصل الى عشرات الالاف، طهّروا بنغازي ثم درنة واعادو هيبة الدولة فيهما وانطلقوا يذودون عن مصدر رزق الليبيين في الموانيء والحقول وافتكّوها من عصابات اجرامية عابثة واعادوا الانتاج الى مستوياته السابقة.

عانى الجنوب الليبي الويلات من عمليات السطو والقتل والخطف، وعاثت عصابات اجنبية دخيلة ومحلّية متنفّعة فيه فسادا، وتحكمت في كل مدنه وقراه، انقطعت الكهرباء والوقود وتوقفت الخدمات، تلاقحت عمليات تهريب البشر والوقود والمخدرات ولا من يحرك ساكنا، كل ذلك كان يجري في الجنوب وعلى مرأى ومسمع من القابعين في مكاتبهم في العاصمة، من حكومات واجسام هلامية متعددة ولكن قاصرة عن مساعدة اهل الجنوب، كانوا قادرين فقط على اصدار البيانات التي لا تسمن والوعود التي لا تغني من جوع!.

وحين قرر الجيش في الشرق نجدة اهل الجنوب، وتقدم الى هناك يقود حرب تطهير الجنوب من العصابات الاجرامية الخارجية والداخلية، استقبله الأهالي بالترحيب والتشجيع والمؤازرة، لم يروق ذلك للمتنفذين في السلطة ومن والاهم في الغرب الليبي، فصاروا يلوّحون باسطوانة مشروخة مستهلكة، وهي اسطوانة العسكرة ما العسكرة! فعن أي عسكرة تتحدّثون يا “عساكر سوسة”؟! ترى من الذي منعكم في الغرب من بناء الجيش الليبي؟! اليست الامكانيات المادية لديكم وتحت تصرفكم، وأين يقع المصرف المركزي!؟ والعاصمة اليست تحت سيطرتكم بكل ما فيها من مؤسسات ومعسكرات؟! وأليست أعداد البشر في الغرب اضعافا مضاعفة عن الشرق ؟! فماذا انتم قائلون؟!

اذا اليس من حقنا ان نسأل وبقوة: لماذا لم يبن الجيش في الغرب كما بني في الشرق؟! ولماذا لم تهتموا بالجنوب طيلة 8 سنوات كاملة؟! لماذا والف لماذا..؟؟!! فهل من مجيب؟! نقول لكم كفى استغفالا واستهتارا بالليبيين، فلا دولة بدون عسكر يحمي اراضيها ويصون سيادتها ويفرض هيبتها، وانظروا حولكم لكل دول العالم وتأكدوا، ولأننا نفرق بين ان يكون لنا عسكر وبين ان يحكمنا العسكر، نقول لكم ان ليبيا بعد 17 فبراير، لم ولن يحكمها العسكر، ليبيا اسوة بكل دول العالم سيكون العسكر هو حارسها وضامنا لدولتها المدنية العصرية الديمقراطية ، ليبيا لن يحكمها الا من ينتخبه الشعب عبر صناديق الاقتراع ، فكفى تضليلا وتهويلا وغدا لناظره قريب..



جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا