العملاء الليبيون بين إغراءات طحنون ولعنة الشارع - عين ليبيا

من إعداد: د. عيسى بغني

نشرت عدة مواقع دولية وعربية منها فرانس برس وسبوتنك والعالم والخبر الجزائرية وآخرها إعترافات محمد بويصير المستشار السابق لحفتر، ما تسرب عن دور الإمارات وعلى رأسها طحنون بن زايد للبحث عن رئيس جديد لليبيا، هذا الرئيس يجب أن يتمتع بموافقة ودعم دول الخليج ومصر.

بدأ البحث بعد مرض المشير في أبريل الماضي وذهابه للعلاج في الخارج، وتعزز بعد ذلك بعدة مواقف محلية أيقنت للجانب الإماراتي أن الإستمرار في دعم طرف وحيد يكون محفوفا بالمخاطر وأن على الدول المعنية بتنصيب رئيس جديد لليبيا أن يكون لها خيارات غير قيادة الجيش الحالية.

يعتبر طحنون بن زايد الذراع اليمنى لمحمد بن زايد، ولي عهد أبو ظبي، والمتحكم الأول بخيوط الفوضى الإماراتية في العديد من الدول منها اليمن، وليبيا، وسوريا وتونس. ويمتلك طحنون امبراطورية اقتصادية كبيرة، إذ أسس في أواخر التسعينات مجموعته الإقتصادية الكبرى “رويال گروب”، ثم عُيّن مديراً لبنك الخليج الأول، وامتلك 5.40% من أسهمه، أي ما قيمته مليار دولار تقريباً. وتولى طحنون منصب مستشار الأمن القومي الإماراتي وأصبح مسؤول العمليات الإستخباراتية الإماراتية الخارجية الأول، ولقد عرف طحنون بمساندة محمد دحلان )عضو منظمة التحرير الفلسطينية المبعد من رام الله( في حبك الدسائس والفتن في الكثير من الدول.

على وقع الغموض الذي إكتنف مصير اللواء المتقاعد خليفة حفتر في الأربعة أشهر الماضية، وعدم الحسم العسكري الموعود في الجنوب والغرب الليبي بل حتى في مدينة درنة القريبة من القيادة، دخلت الدول الداعمة له لا سيما الإمارات ومصر سباقا مع الزمن لترتيب مرحلة ما بعد غيابه، سواء لجهة إختيار خليفة له أو منع إنهيار “عملية الكرامة” التي أطلقها حفتر عام 2014 في مناطق شرقي ليبيا. لقد إستثمرت الإمارات كثيرا من الموارد من أجل تنصيب حكومة موالية لها، منها؛ دعم عسكري ومالي وحتى قتالي كبير إستدعى ذلك إنشاء قاعدة إماراتية بالقرب من المرج من أجل تغيير الواقع على الأرض في الكثير من الصولات والجولات العسكرية السابقة، وشبكة إعلامية بمقدمين برامج ليبيين تبث من الأردن تقوم بنشر الياس والإحباط بين الليبين (مثل شعارات “مسكينة ليبيا”، “وماعندكش ولايا”، و”وين ماشين بيها”، “فدينا”، وغيرها) وبث الفرقة بين الليبيين عن طريق تبني القبلية والجهوية والفيدرالية وتسويق المخططات والمشاريع المزمع تكوين رأي عام لها.

في تصريح لخلفان عند مرض المشير أفاد أن في ليبيا الكثير ممن يريدون التعامل معنا وأن هناك مئة حفتر إذا غاب أحدهم، وبناء على هذا تم تجنيد الكثير من السياسيين السابقين وضباط عسكريين ودبلوماسسين ورجال أعمال، وقادة مليشيات، ورؤساء نوادي رياضية للقيام بالدور المشين، ولقد تم تحديد لكل منهم مندوب يقوم من خلاله بتلقي التعليمات دون أن يدري أن هناك وكلاء أخرين يقومون بدور “وسخ” مماثل، لإيهامه أنه الرجل المسئول والوحيد للإمارات في ليبيا.

لا شك أن دور حفتر أصبح ثانويا ومهمته تندرج في التمهيد لشخصية أخرى لتولي منصب رئيس الدولة، وذلك من خلال مخطط الوكلاء لإدامة الفوضى، فإسقاط المؤتمر الوطني، وتميل المليشيات القبلية وهبوط طائرة (C130) محملة بالأسلحة في تمنهنت، وغزو الهلال النفطي مرتين وتدمير أكثر من إثنى عشرة خزان نفطي لتقليل القدرة التخزينية في مواني التصدير، وأخيرا دعم اللواء السابع وحروبه في جنوب طرابلس، ونقل معدات عسكرية إلى قاعدة الوطية وإعادة تنصيب ضابط للواء الغربية لم يكون إلا بتذبير إماراتي وتنفيذ القيادة العسكرية في الشرق الليبي، وغلق المطارات والحقول النفطية ومنظومة المياه، والإلتفاف على القرارات التنظيمية والأمنية لا يقوم بها إلا وكلاء صعاليك لا يعلمون أنهم يهدمون بيوتهم بأيديهم مقابل حفنة من الدولارات النفطية دفعت وراء الأبواب المغلقة.

القيادة العسكرية في الشرق الليبي أصبحت في طي المغضوب عليها بعد أن فتح أقرب الناس إليها نيران إعلامية كثيرة لأجل تحجيمها، وتحديد عملها كسلم لإرتقاء شخصية رئاسية أخرى، وما جمع وإجتماع حفتر مع عارف النايض في التاسع من سبتمبر الماضي والإتفاق على التنسيق الكامل (العسكري والإعلامي) إلا خطوة في هذا الطريق. رغم ذلك فالشارع الليبي يعلم جيداً الغث من السمين وتجد ردود الأفعال الرافضة لهكذا عملاء على الكثير من المحافل الوطنية ووسائل التواصل الإجتماعي، ويعلمون جيداً أن لا مستقبل لهم إذا ما دخلوا في إنتخابات حرة ونزيهة، ولذا يصرون على التفويض الشعبوي أو من مجلس النواب.

طحنون يعلم أن جميع الدراسات الإستراتيجية تقول أن ليبيا بموقعها الجغرافي وثراوتها النفطية وطقسها المعتدل وقربها من القارات الثلاث، والمنافذ الدولية الرئيسية، تكون المنافس الأكبر بل البديل الإقتصادي لفقاعة التنمية في الإمارات، بل أن تواجد الإمارات في خليج مغلق آسن ورطوبة عالية في صحراء جرداء قد تتحول الغابات الإسمنتية إلى أوكار الحمام كما أصبحت قرية صالح و بيوث البتراء، ولذلك لن يتوقف عن حبك الدسائس، وتوزيع عقود الفتن والحروب والدمار حتى يتم تنصيب رجل يأتمر بامر مشائخ الخليج ويصلي بحمدهم، بالمقابل، تجوع الحرة ولا تاكل بثدييها، وتبا لحفنة الدولارات المغموسة بذماء الأبرياء المغرر بهم، ولا نامت أعين العملاء.



جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا