الغالي والرخيص في حرب طرابلس - عين ليبيا

من إعداد: عبدالرزاق الداهش

أساس مشكلة طرابلس ليست في جنوب المدينة، بل في قلبها، وليست حول مبنى جوازات صلاح الدين، بل دخل مبنى مصرف ليبيا المركزي.

قلنا في غير مرة وغير مناسبة أن فساد الاعتمادات يوفر ما يلامس العشرين مليار دينار كاقتصاد خفي.

وقلنا أن هذا الرقم الضخم يذهب إلى بارونات الاعتمادات من رجال أعمال، وجماعات مسلحة، وسياسيين، وأنه يغذي معارك سياسية، وحروب عسكرية، ومنظمات حزبية تحت برقع اهلية، وتبييض أموال.

وقلنا أن هذا الرقم الصادم هو فارق أسعار الصرف، وفارق أسعار السلع الغذائية والدوائية التي تورد بسعر مصرف ليبيا، وتباع للمواطن بسعر سوق المشير.

وقلنا بأن تردي الحالة الأمنية قد فتح الباب لقطاع طرق يسلبون مالك ونقالك وسيارتك أحيانا، ولكنك نادرا ما تصادفهم، وغالبا ما تتفاداهم.

وقلنا بأن تردي الحالة الأخلاقية قد فتحت الباب لقطاع طرق آخرين يسلبون جيبك، ومدخراتك، من خلال زيادة الأسعار، ولا تستطيع أن تتفادهم لأنهم في كل علبة حليب، ومعجون طماطم، وفي كل قنينة زيت، أو زجاجة دواء.

وقلنا أن تجارة الاعتمادات تذر أموالا أكثر من تجارة المخدرات، وأنها قد تؤدي إلى حرب على طرابلس، قد يذهب معها الكثير من اليابس والكثير من الأخضر.

فهل كان هناك من يسمع؟

لا يمكن حل مشكلة طرابلس، إلا بحل مشكلة مصرف ليبيا المركزي، بمجلس إدارة موحد يدير سياسة نقدية، من أجل رفع المعاناة على الناس، وإنهاء فساد الاعتمادات، وليس محافظ واحد يدير سياسة مافيوية من أجل البقاء.

نعم الشاب المقتول من أي طرف هو ضحية، والقاتل من أي طرف هو ضحية، والمسؤول الأول هو مصرف ليبيا الذي جعل دماء الليبيين أرخص من دينارهم الفاقد لثلاثة أرباع قيمته.

محتاجين حل مشكلة مصرف ليبيا قبل أن نكون في مصرف الدم ليحل مشكلتنا، ولن يحلها.

يكفينا دفع ما هو غالي من أجل ما هو رخيص.



جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا