الفصل الأخير من التراجيديا الليبية! - عين ليبيا

من إعداد: حسام المصراتي

جنود المارينز الأمريكي يصلون طرابلس، التي لطالما تغنوا بها في نشيدهم متوعدين بالعودة …! “من تلال مونتيزوما إلى شواطئ طرابلس” (From the Halls of Montezuma To the shores of Tripoli) محملين بثأر آخر جديد وحقد لا ينقصهم كي يتزودوا بالمزيد. ونشكر بمرارة من ادعى “نصرة النبي عليه الصلاة والسلام” ليعبر عن استنكاره بقذف بلده وأهله للجحيم، واحراق ما تبقى من وطن لازالت جراح حربه الأولى تنزف في كل انحاء جسده المُنهَك، قتلاً وتشريدا وسجناً وجوعاً.

انه الفصل الأخير .. وليست الخواتيم كعادة الدراما العربية التي تنتهي بحل كل العقد وأن تعيش كل الشخوص في حب ورفاه والسعادة والاضواء تعم ارجاء المكان …بل انها كأغلب تلك النهايات الشكسبيرية الدموية والمؤلمة ..!

وإن اقترب الليبيون من مأزق هاملت الذي حسم أمره بعد تردد طويل بقوله الشهير: “إما أن أكون أو لا أكون”.. للأسف انتظرنا طويلاً ولكن لا أحد ممن تبوأ العرش استطاع أن يحسم أمره ليقول: “اما ن يكون هذا البلد أو لا يكون”…!

وانما تُركِت سفينتها تتلاطمها الأمواج حتى التقطها القراصنة المارينز …

(واسدل الستار)

سيناريو 11 سبتمبر الليبية:

ولكن، من المستفيد من تحويل بلد مسلم آخر الى “افغانستان” أخرى بقيادة مشائخ السعودية وقطر ومرة أخرى في 11 سبتمبر ..! إلا انها 11 سبتمبر ليبية هذه المرة ..!

لعل التفاتة سريعة لما حدث في أفغانستان ابان نشوء ما يسمى بـ”القاعدة” في الأحضان الأمريكية يفسر لنا ما يحدث. فالجميع يعرف بأن أمريكا هي من صنعت ما يسمى بـ “القاعدة” – وهذا بإعترافهم – لمواجهة السوفييت وكان تنظيم القاعدة هو “الوسيلة” لانهاء الوجود السوفييتي بأفغانستان، وبعد انتهائها من أمر السوفييت للأبد، التفتت بعد ذلك للعدو التاريخي الأكبر والأخطر وهو “الاسلام” وكان تنظيم “القاعدة” أيضاً هو الوسيلة والذريعة لخوض الحرب ضد الاسلام

وبدون وجود القاعدة وسيناريو 11 سبتمبر لن تجد أمريكا المبرر لخوض الحرب ضد عدوهم التاريخي “الاسلام”. وما يؤكد ذلك كتاب صمويل هلنجتون “صدام الحضارات” والصادر عن الخارجية الأمريكية في تسعينيات القرن الماضي والذي أشار فيه بوضوح بأن الاسلام هو العدو الأكبر بعد السوفييت. والحرب القادمة ستكون ضد الاسلام. والمعروف أن أمريكا لا تبحث عن مبرر من أجل المجتمع الدولي بل من أجل الرأي العام الامريكي.

وما يحدث في ليبيا ليس ببعيد عن السيناريو “في افغانستان” …. فما يسمى بـ”أنصار الشريعة” وبعض كتائب من يوصفون بـ “المتطرفين” الأخرى في ليبيا هم (الضوء الأخضر) لأمريكا لتقوم بشن الحرب ضد الأرهاب في ليبيا. ولا أستغرب بأن حراك بنغازي وحرق القنصلية ورسالة الظواهري وراؤه أمريكا بالأساس – عن طريق مشائخ المخابرات الأمريكية في السعودية وقطر- فهاتان الدولتان لاتحتوي فقط القواعد الأمريكية بل أيضاً منظومة من المشائخ يشكلون القوة الأخطر في تحريك “دراويش العالم الاسلامي” .. و”الشباب البسطاء” الذين يحركهم المشائخ كالدمى ولا يملكون إلا السمع والطاعة حتى وإن خالفوا شرع الله .. فالشرع هو ما يقرره “مشائخ المخابرات الامريكية”….!

وحتى وإن ضحت أمريكا ببعض رجالها .. ففي المقابل سيكون تدخلها العسكري مبرراً وشرعياً بحجة الحفاظ على أمن المتوسط والحفاظ على التدفق الآمن للطاقة. خصوصاً بعد اعلانها بسحب رعاياها من ليبيا قبل كارثة قنصليتها بأيام، فهل يوحى لأمريكا..!

الفيلم ورسالة الظواهري الموجهة لليبيين:

اطلاق الفيلم المسيء للنبي عليه الصلاة والسلام ورسالة الظواهري لإعلان مقتل “أبويحي الليبي” ” وفي نفس التوقيت كانتا جرعة مركزة -على الطريقة الأمريكية- والتي لم يحتمل الكثير من الشباب المتحمس لنصرة الاسلام وضرورة الثأر لإبن بلدهم ولم يكن ثمة فرصة لأن يتريثوا أو يدرسوا عواقب ما هم مقدمين عليه.

ثم لا أحد من هؤلاء كان في وارد أن يتساءل لماذا وفي هذا التوقيت بالذات وبعد أشهر من انتشار خبر مقتل الرجل “يظهر الظواهري” لتأكيد خبر مقتله؟ وليبعث برسالة مشحونة بالعواطف الدينية والتحريض لـ”أحفاد المختار” على النيل من قاتل “أبو يحي الليبي – حسن محمد قائد” والذي يكنون له كل الاحترام والتقدير بإعتباره أحد العلماء الليبيين الشباب ومن نذر نفسه للجهاد في سبيل الله. وهذه مقتطفات من بعض ما جاء في بيان الظواهري:

“أزف للأمة الإسلامية وللمجاهدين ولأمير المؤمنين الملا محمد عمر والمجاهدين في ليبيا نبأ استشهاد أسد ليبيا وضرغامها الشيخ حسن محمد قائد”، في إشارة إلى الليبي. …. “يا أمة الإسلام ويا أحرار ليبيا أحفاد عمر المختار، فها هو أبو يحيى سار على دربه وقاد المجاهدين مثله وطلب العلم مثله ثم قتله الصليبيون مثله، إن دماءه تصيح بكم وتستنهضكم وتحرضكم على قتل وقتال الصليبين فلا تتخاذلوا وتتخلوا عنها… وان “استشهاد شهدائنا سيجعل رسالة الجهاد أكثر انتشارا وقبولا وأرسخ جذورا”.

ولم يذكر الظواهري كيف توفي أبو يحيى الليبي، إلا أنه أشار في شريط الفيديو إلى أنه سجلها في شهر رمضان الفائت.

ولإختيار هذا التوقيت أيضاً من قبل (الدكتور أيمن الظواهري) أثره بالطبع على سباق الرئاسة الأمريكية فإن “الظواهري” ظهر ليقدم هدية اعلان مقتل “ابو يحي الليبي” في الموسم الانتخابي ليكون صفقة أخرى تضاف لرصيد اوباما بعد صفقة “مقتل بن لادن”؟ لترفع من رصيده ضد مرشح الجمهوريين.

والأهم من ذلك أنه تزامن مع ظهور الفيلم المسيء للنبي عليه الصلاة والسلام … وفي ذكرى 11 سبتمبر..! ويدركون جيداً ما سيثيره هذا الفيلم من ردة فعل غاضبة في العالم الاسلامي وأن السفارات والبعثات الدبلوماسية هي ضمن أهم المواقع المستهدفة من قبل اولئك الغاضبين والمحتقنين نتيجة للإساءة لمقدساتهم ويعلمون جيداً ما يعنيه المساس بمحمد عليه الصلاة والسلام. وأن ردود الفعل ستتعدى حتماً الهجوم على السفارات وحرق العلم الأمريكي الى ردة فعل أعنف وأكثر دموية وخصوصاً مع انتشار السلاح في ليبيا تحديداً … ولذلك لن نستغرب أن يكون السفير الأمريكي (كريستوفر ستيفنز Christopher Stevens) مجرد كبش فداء، ولا ضير من التضحية ببيدق طالما سيكون المقابل الإنفراد برقعة الشطرنج.

وتلك النتائج والصور الدموية العنيفة لسحل “كريستوفر” وعري جسده المشوه ستكون كفيلة بتعبئة الرأي العام الأمريكي -الرافض بقوة لتجربة عراق وأفغانستان أخرى- وليدرك الرأي العام الأمريكي بأنهم ليس أمامهم من خيار سوى الدفاع عن الأمن القومي الأمريكي وضرورة محاربة “الأرهابيين الاسلاميين” أينما وجدو وخصوصاً التنظيمات الاسلامية المسلحة في ليبيا. بل بالعكس ربما نشهد احتقانا مماثلاً من قبل الشارع الأمريكي للمطالبة بالثأر لكريستوفر ولو أدى ذلك لسحق ليبيا وما عليها، وهذا لا يكلف امريكا بضع ساعات لتفيذه.

فهنيئاً لأنصار الشريعة ومن دفعته الحمية لنصرة دينه … فقد كنت كبراقش التي جنت على أهلها .. ودون أن تعلموا كنتم أنصاراً “لليهود والنصارى … أي دمار تقودون إليه ليبيا هذا البلد المسلم…! فما من أحد سيتفيد من تدمير ليبيا وتحويلها الى افغانستان أخرى سوى “اليهود والنصارى” فهل يعقل أن نقاد إلى حتفنا كالأنعام – أجلكم الله- عن طريق مشائخ الـ CIA المأجورين في السعودية وقطر … تلك المحميات التي لايعنيها لا الاساءة للنبي الكريم عليه الصلاة والسلام ولا الاسلام بأسره…!



جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا