الكذب حتى الثمالة!! - عين ليبيا

من إعداد: د. عبيد الرقيق

لا احد من الساسة يجهل حقيقة دامغة, وهي ان الاعلام سلاح ذو حدَين, فإما ان تطوَعه وتتحكم فيه بما يحقق اهدافك, وإما ان تفقد السيطرة عليه فينقلب عليك وتكون نتائجه عكسية مضادة. والمتتبع للاحداث هذه الايام في بني وليد, يدرك تماما ان السيطرة على الاعلام مفقودة بدرجة فاقت حد التصور, لذلك تضاربت الاخبار حول اعتقال او مقتل شخصيات بارزة من رموز القذافي, لقد تمادى الاعلام التضليلي في غيَه واستهتاره بعقول الليبيين الى درجة فاقت حد الخيال!

عندما يعلن عن موت خميس القذافي في اكثر من ثلاثة  مناسبات خلال عام واحد, واعتقال موسى ابراهيم في اكثر من مناسبتين في نفس المدة, لا تملك الا ان تعلق ساخرا بأنهما “بسبعة ارواح!!” مع احترامي لعقول البعض الذين يصدَقون كل مايسمعون وقد يبلغ بهم الجهل العنادي حدا, يجعلهم لايصدقون مايرون فيخالفون بذلك قاعدة “ليس الخبر كالعيان” لا يمكنك الا الوقوف مشدوها, فيشرد تفكيرك بما قد يتجاوز حدود عقلك لتجد نفسك وبدون وعي قد انضممت اليهم فتصدَق ما يصدَقون وتكذَب ما يكذَبون! لكن ما ان تفيق من خيالك حتى تدرك لماذا البعض لايزال غير مصدَق بأن القذافي مات وانتهى؟!

الاحداث الجسيمة التي تدور في بني وليد, وماينتج عنها من قتل لمواطنين ليبيين من كل الاطراف ليست حدثا عابرا تطويه آلة الزمن, فيتوارى سريعا, مثل تلك الاحداث تبقى عالقة في الذاكرة السياسية والتاريخية للبلد, وبهذا الحجم وجب على السلطات الحاكمة ادراك مدى خطورة واثر الاعلام المصاحب والاستعداد مبكرا لمواكبة  الحدث ومتابعة الاخبار بمزيد من الشفافية والمصداقية, من خلال تحديد مصادر رسمية للاخبار متمثلة في وجود ناطق عسكري يستمد الخبر من ميادين المعركة كماهو متعارف عليه دوليا. اما ان تترك الامور وهذا الفراغ الاعلامي فانه حتما سيحاول الكثير ممن يستبقون الاحداث او ممن يحاولون استغلالها ملء الفراغ لتنفيذ توجهاتهم واغراضهم دون النظر الى اثر ذلك على الرأي العام المحلي والعالمي.

لقد اهتزت مصداقية السلطات الليبية الحاكمة كثيرا بعد ان صدر ماصدر من تصريحات غير مسئولة ومن الناطق الرسمي للمؤتمر الوطني العام! وسيلقي هذا التصرف الاهوج بضلاله على مجمل الاحداث اللاحقة وستكون ردود الفعل السلبية عنوانا للمرحلة القادمة في تعامل الشعب مع سلطاته الحاكمة وهو ما يؤدي للأسف الى فقدان تدريجي للثقة بين الحومة والشعب  وهو ما سيفتح البابا واسعا امام الشكوك والتأويلات في كل ما تقدم عليه السلطات الحاكمة من افعال او اقوال بما يهدَد قوة السلطات ويجعلها عرضة للانتقاد والمعارضة حتى بدون اسباب !

الاجدر بالمؤتمر الوطني العام ان يكون في حجم المسئولية وان يعلن وبكل شجاعة اعتذاره للشعب الليبي وأن يقيل المتحدث الرسمي ويجري تحقيقا في الأمر بما يؤدي الى الوصول الى مصادر الاخبار الكاذبة لاتخاذ الاجراءات المناسبة ضدها او أن يأتي بالدليل القطعي ويظهره للشعب والعالم اجمع دون مواربة او تأخير. ان الحقيقة ستتكشف حتما وستعرَي  كل مروجي الاشاعات والاكاذيب وحينها ستكون غضبة الشعب اكبر من ان يحتويها بيان اعتذار! وسيقصر حبل الكذب وان كان حتى الثمالة!



جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا