المحاصصة هي من تقتل قيام الدولة المدنية - عين ليبيا

من إعداد: د. ناجي بركات

لقد احتفل الليبيون بذكري عيد الاستقلال 67 ولكن يبدوا ان ارث كبير ترعرع فيهم ولم يتخلصوا منه رغم ان مستوي التعليم لدي الليبيين والليبيات يعتبر الأكثر نسبيا في افريقيا وخاصة شمال افريقيا. قبل هذا الاستقلال والذي نعتز به كليبيين ويجب أن نحتفل بهذا.

كانوا الليبيون لا توجد لديهم حكومة ولا دستور ويعيشون تحت رحمة الايطاليين ومن قبلهم الاتراك ولا يتجاوز عددهم المليون نسمة. جاءت المملكة والتي رسخت فكرة المحاصصة على عرف القبيلة وهي جزء مهم من مكونات ليبيا ونجح الملك في هذا واستمتع الليبيون قليلا وبداءة حركة التغير والتعليم ولكن قبل زوال الملكية بعدة سنوات تغير مفهوم المحاصصة من القبيلة الى عائلات وافراد من قبيلة واحدة او مجموعة واحدة واستحذت فكرة المحاصصة في عقول الليبيين ونجحت الى حد ما

المحاصصة هي عملية اعتماد فكرة ان لكل قبيلة وطائفة واقليم حصة في مواقع الدولة الرسمية من وزارات وادارات ومؤسسات وسلك دبلوماسي، وعلى هذا الأساس تشكلت حكومة الأمم المتحدة بقيادة فايز السراج.

القذفي استعمل المحاصصة لضرب القبائل ببعضها واشعال الفتنة بين الليبيين وعلى سبيل المثال كان من يأتي الى الحكومة او المنصب يجب أن يكون ولائه للقذافي أولا وثانيا يجب أن يكون من قبيلة معينة يستعملها القذافي في صراعه مع الاخرين محاولا تهميش القبائل القوية.. نجح كثيرا في هذا واستعمل القبلية في إيجاد طبلين ومنافقين وهم اليوم اعتلوا الكثير من المناصب ورسخوا فكرة المحاصصة.

ما يحدث في ليبيا حدث في العراق مند أن قتل صدام حسين والى اليوم المحاصصة في حكومات العراق متواجدة ومدفوعة من قبل العالم الخارجي حيث يعرفون بأن قيام الدولة المدنية لا يبني على المحاصصة حيث من يأتون به سوء في منصب رئيس وزراء او وزير او مدير إدارة لن ولم يكن ولاءيه لوطنه وانما لقبيلته وعشيرته فقط وبهذا تستمر الدولة في الفوضى وتعمي بصائر الحكام وتنجح دوائر الشر من الداخل والخارج في قتل روح العمل لدي الأغلبية من المواطنين.  هذا ما يحصل الان بليبيا حيث قتلت روح الوطنية وتنامت فكرت الانفصال وصار الجميع يبغض بعضهم البعض ونجحت فكرة القذافي وحتي وهو تحت الارض

تعتبر المحاصصة المشكلة الأساسية والرئيسية التي تسببت بكل ما حصل سياسيا وأمنيا واقتصاديا واجتماعيا وحتى ثقافيا في ليبيا والى هذه اللحظة مازالوا يريدونها كذلك. المستشارين لحكومة فايز السراج ووجود الأمم المتحدة بخططها المعلنة وغير المعلنة وتقاطر سفراء الدول على مكتب حكومة الوفاق، جميعهم مشارك في هذه المحاصصة ومستمرين في إعطاء نصائح للحكومة بأن أسلم شيء لجعل تلك القبيلة او المنطقة او الحزب يؤيدونك هو أن تعطيهم حصة في حكومتك وتسلم من شرهم.. فمثلا في ليبيا نصح السراج بأعطاء وزارة الحكم المحلي والشؤون الاجتماعية والصحة والعمل الى الجنوب الليبي. ومن الاقتصاد والمالية والنفط للشرق الليبي وإعطاء الزنتان الدفاع والتعليم ومصراته ما تبقي من وزارات مع جزء بسيط لطرابلس والاخرون ليس لهم مكانة في ليبيا.

على مر العصور تسببت المحاصصة في قتل قيام الدولة المدنية ونموها وازدهارها. فهي مبنية على العرق والقبيلة والايديولوجيات الحديثة. لهذا من يتولى هذه المناصب الحساسة في الدولة وجاء الى هذا المنصب عن طريق المحاصصة، لن يخدم الدولة وانما سيقوم بخدمة قبيلته وعرقه وايديولوجياته وينسي الدولة. لقد جاء لهذا المنصب ليس لكفاءته الإدارية او السياسية او المهنية وانما جاءوا به، لأنه عنصري ولا يخدم الا أبناء قبيلته وعرقه وايديولوجياته. هذه هي المحاصصة اللعينة والتي تقتل روح الوطن ووحدة الوطن والنهوض بالوطن. كذلك المحاصصة تفرق المجتمع وتجعل روح الانتقام والحسد والكراهية بين أبناء الوطن. الأخطر من هذا كله، المحاصصة هي الطريق المؤدية الا انفصال الدولة وتفككها الى أقاليم وقبائل ومناطق تريد الانفصال وتهديم الدولة الواحدة. هذا هو ما يخططون له ويريدونه وحتى وان لم يحدث ستظل الدولة منهارة ومتشتتة ولن تقوم لها قائمة وتستمر الفتنه كما خططوا لها ويريدونها. لهذا جلب السراج الى قيادة ما يسمي بحكومة الوفاق والتطبيل له بأنه معترف به دوليا ووجوده في طرابلس فقط ونسيانه لشرق وجنوب ليبيا وكذلك الجبل الغربي ومناطق تبعد عن طرابلس 100 كيلومتر مثل بني وليد وترهونة والزاوية. كذلك تملقه وتسلقه لإرضاء مدن قامت بقتل وتخريب اللحمة الاجتماعية في ليبيا. يسير مثل الأعمى ويقودون فيه دون ان يكون هو القائد لإخراج ليبيا من براثن المحاصصة وتهديم البنية التحتية لليبيا سوء الاقتصادية او الاجتماعية او الأمنية. هو ومن معه في الرئاسي يعتبرون مسؤولين عن هذا ونتمني منهم يوما أن ينبذوا المحاصصة في تسير أمور الدولة.

ما الحل للخلاص من المحاصصة:

  • أن تنتخب رئاسة الحومة والدولة وبأسرع وقت للتخلص من عدة أشياء واهمها من الاجسام الغريبة المتعفنة بالمحاصصة
  • ألا يكون في الدستور أي مادة تنص على هذه المحاصصة وجعل الكفاءة والمهنية الأساس  عندما يتم اختيار قيادات في الحكومة والإدارات والمؤسسات.
  • ان يختار من يتولون مناصب سيادية في الدولة حسب الكفاءة والمهنية وأن يكون ولائه للدولة فقط وليس للقبيلة او العرق او الأيديولوجيات الحديثة
  • أن تتولي القبيلة الأمور الاجتماعية فقط وليس لهل حق في التدخل في أمور تسير الدولة ومن يسيرها
  • على كل مدينة وقبيلة وعرق وايديولوجية البداء في عملية المصالحة الوطنية وجمع السلاح وحت المليشيات بالانضمام في الدولة وبجميع مؤسستها
  • على الأمم المتحدة ومن يقف مع الليبيين ومحاولة اخراجهم من هذا المستنقع المبني على المحاصصة وإرساء فكرة القبلية والعرق في اذهان الجميع ومحاولة إيجاد حلول مبنية على هذا الطرح، ان يتفهموا ويأخذوا عبرة من العراق والتي تقتلها المحاصصة
  • الإسراع بالتغير وابعاد حكومة المحاصصة الحالية حيث نهب ثروات ليبيا وافقار الشعب واذلاله وصل الى اعلي المراتب من قبل هذه الحكومة ومن يقودها

لقد كافح الليبيون ضد الاستعمار الإيطالي ونالوا استقلالهم وعاشوا سنوات تحت الحكم الملكي والذي زرع المحاصصة وجائهم القذافي وزمرته وأشعلوا فتيل المحاصصة بخلق عدوات وتنصيب أبناء القبائل الموالية له. جاءت ثورة فبراير ونجحت في هدم 42 سنة من طغيان القذافي ومحاصصته المكرة والمبنية على الخبث ليس الا. هذه الثورة تمت سرقتها وزرعت من جديد المحاصصة مع ثاني حكومة تم تنصيبها بعد الثورة وهي حكومة الكيب وزيدان والان السراج. من قتل روح قيام الدولة المدنية في ليبيا هي المحاصصة والتي دفعت بها الأمم المتحدة وشجعت من ذكرناهم لرئاسة الحكومات وايهامهم بأن المحاصصة هي ستوحد الليبيين وستجعل ليبيا دولة واحدة.. انهم أخطاؤا وليتهم يرفعون ايدهم عن وطني ويتركون الليبيين يختارون من يمثلهم حسب الكفاءة والمهنية وليس حسب ولائه لشيخ القبيلة او العرق او الأيديولوجيات الحديثة.

ليبيا لن تنجح ولن تقفز الا الامام ولم ولن يحدث بها حل سياسي ونمو اقتصادي وتناسق اجتماعي وامن وامان الا إذا تخلصنا من المحاصصة وابعاد القبيلة والعرق والأيديولوجيات الحديثة عن الدخول في رسم سياسات الدولة الليبية المدنية الحديثة.

ليبيا قادمة بعون الله



جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا