المشاشية وترهونة والأصابعة، ليبيا تناديكم! - عين ليبيا

من إعداد: د. عبيد الرقيق

المتتبع للشأن الليبي هذه الايام يدرك الخطر الذي قد يهدد العاصمة طرابلس في ظل الدفع في اتجاه الصراع المسلح داخلها من قبل قطبي الصراع الرئيسين: “الكرامة والفجر” وما قد يترتب عن ذلك من مغامرات وصراعات تتغذّى على الجهويّة والقبليّة في المكوّن الاجتماعي للعاصمة ذاتها!، بالنظر الى اختلاف وجهات النظر بين اهالي طرابلس فيما يتعلق بالصراع الدائر الان بين الفجر والكرامة مما قد يدفع الى مزيد التعقيد وتصعيد الموقف ونشوء حالة الاقتتال الامر الذي يهدد امن وسلامة العاصمة ومن يسكنها.

ونظرا لحالة الاحتقان المزمن في المنطقة الغربية الناشئ عن الانقسامات السياسية والاجتماعية والمناطقية ، تبعا لطرفي الصراع الرئيسي فان الوضع في الغرب الليبي تسوده حالة من التشظّي والتفرّق، كنتيجة حتمية لمجمل الاحداث التي جرت على الارض منذ بداية الانتفاضة وحتى ما بعد سقوط نظام القذافي ، مما خلق بيئة اجتماعية مضطربة ومفككة بدرجة يصعب لملمتها سريعا.. ولهذا تكون الحاجة ملحة لتكوين جسم اجتماعي مناطقي يصلح ان يكون بمثابة بؤرة لامّة لليبيين في هذه الاوقات العصيبة بالذات.

ان الوضع في الغرب الليبي في حاجة ماسة الى وجود نواة اجتماعية فاعلة يمكن الوثوق فيها والالتفاف حولها سعيا للوصول الى تكتل شعبي واسع النطاق يشمل كل ابناء الشعب الليبي شرقا وغربا، جنوبا وشمالا. ان البحث عن نواة اجتماعية فاعلة تكون اساسا قويا للم شمل الليبيين في المنطقة الغربية وتوحيدهم بما يساهم في رتق النسيج الاجتماعي الذي يتسع خرقه مطلع كل يوم جديد.!. تدفعنا الى النظر للخريطة الاجتماعية في منطقة الغرب الليبي لنجد ان هناك بعض المناطق ظلت تحتفظ بمكانتها الاجتماعية الرفيعة لدى كل الليبيين ويحتفظ لها اغلب الليبيون بمشاعر فياضة من الود والقبول، هذه المناطق يمكن حصرها في ثلاث: (ترهونة والمشاشية والاصابعة)، فهم من يمكن التعويل عليهم في اتخاذ خطوات فاعلة بحضورهم الاجتماعي المميز في الغرب الليبي وذلك من خلال مبادرة وطنية للمصالحة تدفع في اتجاه تجنيب العاصمة ويلات التقاتل مثل ما حدث ويحدث في بنغازي من تقاتل شارف على دخوله العام الثاني!!

ان الحضور الاجتماعي لترهونة والاصابعة والمشاشية بما يشكله من كتلة بشرية كبيرة على خارطة ليبيا السكانية وما اتصفت به هذه المناطق من مواقف حيادية حتى الآن حيال كل المعارك التي جرت وتجري بين ابناء ليبيا ، يجعلهم مقبولين دون غيرهم من كل الاطراف المتصارعة ومن كل اطياف الشعب الليبي ، مما يحمّلهم مسئوليات وطنية جسيمة ينبغي الوقوف عندها من قبل اعيان وحكماء تلك المناطق والإسراع في الاعلان عن مبادرة وطنية تستهدف انقاذ ليبيا من مصير مجهول قد يحمل في طيّاته ماهو اسوأ من الراهن! وقبل الاعلان عن هذه المبادرة ينبغي ان تنسّق الاطراف الثلاثة جهودها وتضع خارطة طريقة واضحة المعالم ومحددة الاهداف ترتكز على ما يلي:

1- تعهد الاطراف الثلاثة بتشكيل قوة مشتركة مسلحة من ابناء هذه المناطق الثلاث وتضم جميع العسكريين من الجيش والشرطة السابقين والذين يحملون ارقاما عسكرية قبل العام 2011.

2- تتولى هذه القوة المشتركة تأمين العاصمة بالتعاون مع ابناء طرابلس من العسكريين المصنفين قبل 2011 من الجيش والشرطة وتحل محل كل التشكيلات المسلحة المتواجدة الآن في طرابلس والتي يجب ان تعود لمناطقها فورا بمجرد الاحلال.

3- التنسيق مع السلطة التنفيذية القائمة في العاصمة الى حين الاتفاق على حكومة وطنية موحدة والتي تلتزم من ثم بدعم وتأييد هذه المبادرة والعمل على انجاحها.

4- تعهد الاطراف الثلاثة برعاية مشروع وطني للمصالحة يشمل كل مناطق ليبيا شرقها وغربها وجنوبها وشمالها والشروع فيه في خط متوازي مع برنامج تأمين العاصمة.

ان ذلك يمليه الواجب الوطني فحري بأبناء تلك المناطق الثلاث ان يهبّوا لإنقاذ الوطن المكلوم الذي يستصرخ كل ذي ضمير ، ويساهموا بالعمل الصادق الجاد في تجنيب العاصمة ويلات التقاتل والدمار، ليبرهنوا انهم جنودا اوفياء لوطنهم ليبيا ، وأنهم بتظافر جهودهم واخوتهم الليبيين جميعا سيعيدون للوطن امنه واستقراره . ليتسابق الجميع في مضمار الشرف والتضحية من اجل الوطن ، وليعلم الجميع ايضا ان التاريخ يسجل كل المواقف ولن يرحم المتخاذلين المتقاعسين عن نداء الوطن والواجب.



جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا