النفط والمال والسلاح والسيطرة - عين ليبيا

من إعداد: د. عيسى بغني

عندما يكون الساسة الليبيون عديموا الأهلية تصدر أربعة دول كبرى قراراً يوم الأربعاء 27 يوليو بطرد العسكر أياً كانوا من مرافئ تصدير النفط الليبية تبعاً لقررارت دولية منها القرار رقم 2362، وسيحمل المعرقلين تبعات فعلهم. البيان صدر عن وزارة الخارجية الأمريكية وبموافقة كل من بريطانيا وفرنسا وإيطاليا، ويحصر القرار التصدير للمؤسسة الوطنية للنفط في طرابلس وتحت رقابة حكومة الوفاق وفقا لقرارات مجلس الأمن رقم 2259 (2015) ، 2278 (2016) ، و 2362 (2017).
المفارقة هنا عدة أسئلة، أولها ان الحكومة الأمريكية أصدرت بيان سابق لوحدها تؤكد فيه أن الحراسة والتصدير حصري لحكومة الوفاق، في حين أن الرئاسي يتخلى عن دوره وينضم إلى الكرامة في حربها ضد جضران الذي ولد من رحم دوحة الكرامة، والذي كان من أشد مناصروه لمنع التصدير مؤسسة النفط التابعة للبرلمان!!! والمفارقة الثانية أن تقوم الكرامة بعمل نفس تصرف جضران بتسليم المواني للمؤسسة الموازية من أجل قفل الحقول لسنوات قادمة بفعل الحصار الدولي لها. دعك من البرلمان وكثلة 94 التي لا يوجد منها إلا الإسم، والسيادة الوطنية حيث لا وطنية ولا سيادة، وبلاغات النواب والمؤقتة فرقعات بائسة للمحافظة على مرتبات نواب دول إسكندنافية لشعب يقترب من فقر الصومال.
ولكن السؤال الأهم ما الذي يجعل الكرامة تستميت على تفعيل المؤسسة الموازية حيث لا مؤسسة هناك؟ من الواضح أن هناك عدة أسباب يمكن تفسير ذلك، وقد تكون جل هذه السياسات من خارج ليبيا وبالتحديد من محمد دحلان ذلك اللمعي الذي ناصب عداء معظم القوى الفلسطينية وعرف وتعرف على دهاليز الإستخبارات الإسرائيلية، وعندما أصبح في عداء من محمود عباس، غادر الضفة ووجد له دور في الإمارات لإفشال جميع الإنتفاضات الجماهيرية بعد 2011 م.
من المعروف وبتصريح من علي حبري أن ضباط جيش البرلمان يتم تمويل رواتبهم من المصرف المركزي في طرابلس أما القوات المساندة المدنية فيتم سداها من الحكومة المؤقتة، وكذلك صفقات الاسلحة والذخيرة والصواريخ والمفخخات وتجهيز ساحات العمليات ووسائل النقل وحتى الطائرات من فرنسا جميعها تمول من الأموال الليبية المودعة والمجمدة في الإمارات وكذلك بقروض من فروع المصارف ببنغازي مثل الوحدة والتجارة والتنمية، مما تسبب في ديون على الحكومة المؤقتة تناهز 20 مليار دينار. ورغم الإستلاء على مذخرات مصرف ليبيا المركزي في بنغازي ولا يستبعد البعض ضلوع الحكومة في إستيراد 340 حاوية فارغة إلى ميناء طبرق، بدعوى إستيرادها للسلع التموينية ولم يتم الكشف عن المنتفعين منها فضلا عن محاكمهم. هذه الديون جميعها تشكل ضغط على المصارف مما قد تضطر إلى إعلان إفلاسها في أي يوم، كما حدث لمصرف الإعتماد والتجارة الإماراتي في لندن والذي فقد بسببه ألاف المودعين مذخراتهم، وكما حدث ل 26 مصرف تركي زمن العسكر في سنة 2001 حيث أعلنت المصارف إفلاسها وتبين أن معظم أموالها مستثمرة في مشاريع تنموية أخرى لا علاقة لها بالمصارف، ولولا قرارات الحكومة لدك معاقل الفساد لخسر ملايين الأتراك مذخراتهم بجرة قلم.
خلاصة القول أن تعميد مؤسسة النفط الموازية ليس لمكافحة الفساد، أو تجفيف تمويل المليشيات، فمؤسسة النفط في طرابلس لا علاقة لها بقبض المبالغ المالية ولا علاقة لها بصرف المال وتوزيعه (بل أنها في ضائقة من أمرها حاليا بسبب القيود عليها)، وهيكلية مؤسسات عريقة مثل المؤسسة الوطنية للنفط والمصرف الليبي الخارجي والمصرف المركزي لا تسمح لها بالتصرف الفردي ولا ألية لذلك، وأن معظم الفساد المنتشر في ليبيا هو فساد مقنن بسبب الإنقسام السياسي وعدم وجود محاسبة على الخروقات، وهو منتشر في معظم مدن ليبيا وبمستويات مختلفة.
إن نقل تبعية حقول ومواني النفط إلى المؤسسة الموازية بطبرق، يعطي البراح لتدجينها بل وأمرها كما يحدث لمجلس النواب والحكومة المؤقتة والمصارف والبلديات وشركة المواني وحتى الضمان الإجتماعي، وبذلك يمكن إيجاد مصادر لسد القروض وتسديد العجز وتوفير ميزانية تسيرية تستطيع وضع برامج لدخول الإنتخابات القادمة في غياب وفشل مشروع التحرير العسكري للبلاد، ولكن ذلك لا يعدوا أن يكون حلما جميلا، فالقوى العظمى لها شركات ولها مصالح ولها إلتزامات لا تسمح بالسياسات العبثية لمجلس النواب ومؤسساته الخرقة، ولا تزن الأمور بميزان بناء العمارات أو قضاء الإجازات في شرم الشيخ ولا بترتيبات إنتخابات لشخص قضاء بين المتقاعدين عمرا وإن تم مغازلتهم دهرا.



جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا