الكويت تعيش على نصف ديمقراطية

إلى أين تقود الاحتجاجات في الكويت؟
إلى أين تقود الاحتجاجات في الكويت؟

وصف تقرير غربي التجربة السياسية في الكويت بأنها “نصف ديمقراطية”، مستبعدا أن ينجح الإصلاحيون في تحقيق مطلبهم المتمثل في بناء نموذج مثالي للملكية الدستورية في منطقة الخليج.

وقال معدّ التقرير، الصادر عن المعهد الملكي للعلاقات الدولية ومقره لندن، تحت عنوان “البرلمان الكويتي: تجربة نصف ديمقراطية” إن الأزمة السياسية التي تعصف بالكويت أثّرت سلبا على الاقتصاد الكويتي مثلما قدّمت مثالا سيئا للمطالبين بالإصلاح في دول الخليج.

ويرجع التقرير أسباب الأزمة الأساسية في الكويت إلى الصراع بين أسرة آل الصباح الحاكمة، التي تملك السلطة المطلقة في البلاد، وبين تيارات المعارضة ذات الصلاحيات المحدودة في مجلس الأمة.

ويتولى أمراء من أسرة الصباح أهم المناصب الحكومية، إذ منهم يجب أن يكون أمير البلاد وولي عهده ورئيس الوزراء، ناهيك عن سيطرتهم على الوزارات السيادية كالدفاع والداخلية والخارجية والإعلام.

ويحتفظ الأمير الشيخ صباح الاحمد الصباح بحق حل البرلمان متى أراد ذلك.

وفي إطار صلاحياته التشريعية والرقابية يمكن للبرلمان الاعتراض على قرارات الحكومة، ولكن ليست لديه الصلاحيات لاقتراح حلول للمشاكل التي تواجهها البلاد والمصادقة عليها خلافا للحكومة.

كما لا توجد آليات واضحة لحل النزاعات التشريعية والتنفيذية، باستثناء حل البرلمان من قبل الحاكم، الذي أصبح أمرا معتادا مع كل أزمة تشهدها البلاد.

وخصص الكاتب جزءا هاما من التقرير لدراسة تأثير الأزمات السياسية المتلاحقة على اقتصاد ثالث أكبر مصدّر للنفط في “أوبك”، حيث تسبب الخلاف بين البرلمان المنتخب والحكومات المعينة في إعاقة إجراء اصلاحات اقتصادية تحتاج إليها البلاد بشدة وعرقلة تنفيذ مشاريع اقتصادية هامة وتشجيع الاستثمار الأجنبي في البلاد مما أثّر أيضا على البورصة والأسواق المالية.

ويخلص معد التقرير إلى أن حل الأزمة في الكويت يكمن في ضرورة اجراء إصلاحات جذرية في البلاد، وتفعيل الأحزاب السياسية، ومنح أعضاء مجلس الأمة حقائب وزارية؛ إلا أنه يستطرد في الختام متسائلا عن معنى الديمقراطية في بلد غني، برلمانه منتخب، وحكومته تسيطر على نفطه.

وتعيش إمارة الكويت منذ سنة 2006 أزمة سياسية حادة أطرافها الأساسية عائلة آل الصباح، الحاكمة، وكتلة الأغلبية، المعارضة في مجلس الأمة. أدت هذه الأزمة، منذ اندلاعها، إلى تقديم ثماني حكومات استقالاتها وحل البرلمان أربع مرات.

وشجّعت الأزمة التي شهدتها الكويت في شهر يونيو(حزيران) 2012 الكويتيين على المطالبة بالإصلاح والتأكيد على ضرورة تفعيل أداء مجلس الأمة وتوسيع صلاحياته.

وكانت المحكمة الدستورية الكويتية قضت في يونيو(حزيران) الماضي بحل مجلس الأمة “البرلمان” الذي انتخب في 2 فبراير(شباط) 2012. وألغى ذلك الحكم الانتخابات التشريعية التي شهدت فوزا ساحقا للمعارضة الاسلامية والقبلية وأعاد برلمان 2009 الذي حلّ في 2011، وتسيطر عليه قوى موالية للحكومة.

ومن المتوقع أن يقوم أمير البلاد بحل هذا البرلمان المعاد ويدعو مجددا إلى انتخابات جديدة ستكون الخامسة منذ حزيران(يونيو) 2006، وذلك وسط تكهنات بأن الحكومة تنوي تعديل النظام الانتخابي والدوائر الانتخابية المعتمدة حاليا.

وردّا على ذلك هدّدت المعارضة الكويتية بتصعيد الاحتجاجات محذّرة من تغيير نظام الانتخابات الحالي ومطالبة بإصلاحات سياسية وإقامة حكومة منتخبة. كما طالبت بحل البرلمان المعاد. وأكد نواب معارضون عزمهم تنظيم احتجاجات ومقاطعة الانتخابات القادمة إذا ما تم تغيير النظام الانتخابي.

ودفعت الاستقالات المتتالية للحكومات في الكويت، والتي جاء معظمها بسبب الخلافات بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، إلى دخول البلاد في أزمات سياسية متلاحقة. وترجع أغلب هذه الاستقالات إلى تهم موجهة من نواب البرلمان الكويتي للحكومة، تتعلق في أغلبها بسوء الإدارة ومخالفة الدستور والإخفاق في تبني سياسة مالية واقتصادية رشيدة.

ورفعت موجة الاحتجاجات التي اجتاحت المنطقة العربية في موفى 2010 من أصوات المعارضة المطالبة بمزيد من الإصلاحات. وقد نتجت عن ذلك إقالة البرلمان في 28 نوفمبر(تشرين الثاني) 2011.

ويتطلع الإصلاحيون في دول الخليج إلى التجربة الكويتية بأمل نحو تطوير نظام ملكي دستوري حقيقي في المنطقة، فيما يرى أنصار التيار المحافظ عكس ذلك.

اقترح تصحيحاً

اترك تعليقاً