بطل معركة القرضابية…المجاهد رمضان السويحلي - عين ليبيا

المجاهد رمضان السويحلي

بداية المشوار الكفاحي للمجاهد البطل رمضان السويحلي بمعركة الهاني الشهيرة في 23 أكتوبر 1911. عندما كان في صفوف فرقة مصراتة المقاتلة المشاركة في المعركة تحت قيادة الشهيد أحمد المنقوش الذي أستشهد على ثراها والذي أوصى قبل استشهاده بأن يتولى قيادة مجاهدي مصراتة المجاهد رمضان السويحلي, وبدون تردد قبل المجاهد رمضان السويحلي هذا الشرف وتولى القيادة رغم الخسائر التي حلت بهذه الفرقة, حتى أصيب بجرح في فخده الأيمن مواصلا مقاومة قوات العدو حتى تفرق شملها, حيث تلقى هذا الجيش المهزوم درسا آخر في معركة عين زاره في 8 ديسمبر 1911, وواقعة طيراز في 19 ديسمبر 1911 ولم يكن بين هذه المعارك إلا فاصل زمني ــ يعد بالأيام التي تحولت فيها أرض طرابلس إلى محرقة ومقبرة للمعتدين, وعلى أثر هذه الهزيمة المنكرة قرر قادة هذه الحملة المجنونة (الغزاة) بأن يتوجهوا إلى مصراته لغرض الانتقام من أهلها الذين شاركوا في هزيمة الجيش وقد حاول هذا الجيش أن يجد موطأ قدم على شواطئ قصر أحمد إلا أن المجاهدين وعلى رأسهم قائدهم رمضان السويحلي كانوا لهم بالمرصاد وأمطروا على العدو بوابل من الرصاص وملتحمين معهم في قتال ضاري سقط فيه من الشهداء 50 شهيد وكان من أبرز قادة هذه المعركة المجاهد الحاج على لاغا الذي استشهد فيها والتي دارت رحاها في 26 يونيو 1912 ف وقد تمكن العدو بقواته المتداعية أن يشيع الرعب بين السكان وذلك بالفتك بالأبرياء.

وبعد هذا العدوان الدموي تم احتلال (إماطين) في 8 يوليو 1912 غير أن هذا الإحتلال لم ينل من عزيمة وإرادة الثوار في مقاومة الغزاة الطليان حيث واصل المجاهدون الدفاع والالتقاء مع الطليان في معركة (الرميلة) بمنطقة الغيران في 20 يوليو 1912 وقد خسر العدو 1000 قتيل وفقد فيها المجاهدون 50 شهيدا و60 جريحا وقد أصيب المجاهد رمضان السويحلي أثناء هذه المعركة وكادت تكون الإصابة قاتلة لولا عناية الله وحفظه.

وبهذا فقد هبت الرياح بما لا تشتهي الإدارة العسكرية الإيطالية أمام شدة المقاومة الوطنية وأجبرت قادتها على إبرام معاهدة ـ أوش ـ في 15 أكتوبر 1912 ابرمها الأتراك مع الطليان كصفقة, والتي كادت أن تؤثر على الروح المعنوية وتولد الإحباط في الجبهة الوطنية وما كان من المجاهدين الا رفض هذه المعاهدة والتصدي لبنودها الاستعمارية وهو ما كان وراء تراجع العدو عن المعاهدة. وقد كان المجاهد رمضان السويحلي على رأس هذه المقاومة وهو كان السبب الرئيسي في تلاحم القوى الوطنية وبهذا الموقف المشرف تعززت مكانة المجاهد رمضان السويحلي, مما دعى الطليان لمقاومته ومحاولة كسبه لتنفيذ أهدافه العسكرية.

ولكن بذكاء وبدهاء سياسي جعل الإيطاليون يعتقدون أنهم أوقعوا بالمجاهد رمضان ولكن هذا المجاهد دائما يردد قوله تعالى (وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى) وتوجه المجاهدون بقيادة رمضان من مصراته إلى سرت وبالاتصالات السرية بالقنوات الوطنية المرابطة في بئر ــ بتعزاز ــ وتم الاتفاق أن يرابط ويثبت المجاهدون في مواقعهم لمواجهة القوات المعادية على أن ينقض المجاهد رمضان السويحلي على هذه القوات والانقلاب عليها من بداية المعركة.

وفي صباح يوم الخميس 28 /4 /1915 دارت رحى معركة القرضابية التي تعتبر (أم المعارك), وكانت ملحمة بطولية انتصر فيها المجاهدون على قوات العدو. وعقب هذا النصر المعزز للمجاهدين ــ عاد المجاهد رمضان السويحلي ــ مجللا بأكاليل النصر وأزاهيره, وفي طريق العودة ألتحم المجاهدون مع القوات الإيطالية المهزومة على أرض تاورغاء ــ حيث أابتلعت أراضي السبخة فلول العدو. وبعدها وعلى أرض رأس الطوبة جرت معركة في 25 مايو 1915 وقد استشهد فيها مائة شهيد وقامت حكومة مصراتة في 15 أغسطس 1915 برئاسة المجاهد رمضان السويحلي الذي قام على الفور بمحاربة ـ الفتنة ـ عام 1916 بين القوات الوطنية والتي نزل على أثرها المجاهد سليمان الباروني عل شواطئ مصراته في ابريل 1916 والتي تزامنت مع وجود (صفى الدين) كغرض الضرائب وجباية الزكاة واستلام الغنائم وهي بذور فتنة أثارت حفيظة أهالي مصراته, حيث قاموا برفض هذا البرنامج وبذلك اتجه دعاة السنوسيين إلى باقي المناطق لتأليب الشعور المعادي لرمضان وتعميق جذور الفتنة بين الأشقاء, وللرجال مواقف فقد وقف الشيخ عمر المنصوري والشيخ معروف والشيخ سلطان بن شعبان في وجه هذه الفتنة وقد تم القضاء على رأسها وقتله وانهزمت السنوسية وفرّ صفي الدين وانطفأت جمار الفتنة في مهدها.

وفي أعقاب الحرب العالمية الأولى التي قامت في أغسطس 1914 جرت المؤامرات عن طريق العملاء ضد الحركة الوطنية والمكائد التي دبرت للإيقاع بين المجاهد رمضان والسيد أحمد الشريف, حيث خاطب السيد أحمد المجاهد وصفي بك الخازمي على أنه كان عازما على إكرام رمضان بك السويحلي الكرم الذي يليق به كرمز من رموز الجهاد الوطني وبنهاية الحرب العالمية بانتصار قوات الحلفاء وانتهاء الحكم العثماني, تولدت فكرة قيام الجمهورية الطرابلسية وكان هذا في 16 نوفمبر 1918 ف بعد مشاورات مع زعماء الحركة الوطنية ــ سليمان الباروني ـ مختار بك كعبار , بجامع المجابرة بمسلاتة وأمام حشد كبير من القوى الوطنية تم اختيار أعضاء الجمهورية ومن أبرزهم ــ رمضان السويحلي ـ سليمان باشا الباروني ـ أحمد المريض ـ عبد النبي بالخير, وتم اختيار مجلس الشورى برئاسة الشيخ محمد سوف, واختيار مجلس شرعي برئاسة الشيخ عمر العيساوي, وبعد هذا المخاض تم إعلان الجمهورية الطرابلسية كأول جمهورية في العالم العربي, وكان مولد هذه الجمهورية بعد أحداث عصيبة كادت تؤدي بوأد هذه الفكرة الوطنية, ومن أبرز الأحداث تلك المفاوضات التي جرت مع الطليان بواسطة عبد الرحمن عزام مع زعيم مصراتة ـ رمضان سويحلي ـ وما دار من خلاف بين إسحاق باشا ورمضان السويحلي والذي كاد يكيد لرمضان بالقضاء عليه ليسهل عليه السيطرة على الوضع المتوتر, ولكن إرادة الله حالت دون هذا الهدف وقد بادر الأمير عثمان بعد إعلان الجمهورية الطرابلسية بتسليم ما بعهدته المالية إلى الزعيم رمضان السويحلي بما في ذلك الأسلحة والذخيرة , وهو ما أثار حفيظة قوات الاحتلال الإيطالي التي توعّدت بالقتل لكل من يساند قيام الجمهورية الطرابلسية , وما كان من القوى الوطنية إلا تحدي هذه التهديدات , وقد خاطبت الجمهورية دول العالم ـ بأنها داعية سلام وأنها تدين العدوان وتتمسك بالمبادئ الإنسانية والحضارية .وكان المجاهد رمضان قد تغيب عمدا عن المفاوضات التي جرت مع الإيطاليين واكتفى بتكليف مفاوضين من بينهم من يمثلون الجاليات الأقلية مالطية ويهودية.

وفي يوم الأربعاء 16 أبريل 1919 كان الاجتماع في قصر بن غشير والذي شارك فيه المجاهد رمضان بنفسه باعتباره أبرز زعماء الحركة الوطنية وممن يتمتعون بثقتها بالرغم من محاولة الوفد الايطالي من خداع زعماء القوى الوطنية وذلك بإملاء شروط بالمعاهدة المراد إبرامها لا يرغبونها وأصر الجانب الليبي على وضع رأيه والتي عرفت ـ بصلح ببنيادم ـ والذي عصفت به الأيام بسبب اختراق الوالي الإيطالي لبنود المعاهدة وفرض الوصاية للتدخل في الأمور الشرعية للبلاد.

وهو ما كان موضع المعارضة الشديد من قبل هؤلاء الأعضاء وقد اعتبره الجانب الإيطالي المتطرف هو استسلام وتنازلا عن السيادة الإيطالية , ومن ناحية أخرى أبدى الإيطالي المحتل سعادته بهذا الاتفاق الذي يهدف لوقف نزف الدماء لجيوشه حفاظا لهيبة إيطاليا والذي اعتبره الجانب الوطني ـ انتصارا تاريخيا ـ وظهر هذا في الاستعراض الذي نظمه فرسان المجاهدين إبرازا لمظاهرة القوة والثبات في المبدأ وإن التاريخ يقول أن المجاهد رمضان السويحلي هو بطل القرضابية بدون منازع.



جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا