بعثة المأسي في ليبيا - عين ليبيا

من إعداد: عبد الرحمن الشاطر

لطالما شنف المبعوث الأممي إلى ليبيا آذاننا بأن الحل لن يكون إلا ليبياً صرفاً وبارادة الليبيين وبأن هناك دولاً إقليمية ودولية تتدخل في الشأن الليبي وتعيق التوصل إلى حل وسوف يسميها في إحاطته لمجلس الأمن، فاذا به ينقل العاصمة الليبية من طرابلس إلى أبوظبي لبحث شأنين ليبيين مهمين اقتصادي والأخر سياسي ولا ملامة عليه عندما يجد من الساسة الليبيين من يرضى بهذا الانتهاك المشين لسيادة الدولة وقدسيتها.

ولطالما صرح بأن الملتقى الجامع الذي يخطط ويدعو له سيمثل ارادة كافة الأطياف الليبية والفرقاء المتنازعين فاذا به يختزل هذه الارادة في شخصين اثنين فقط يعتبر بانهما الحل والربط ليكون قد أسس حكم الفرد ودكتاتورية الفرد التي رفضها الشعب الليبي بانتفاضته في فبراير 2011.

ولطالما هرول بنا بكلامه المعسول بأنه لن يكون سببا في عودة العسكرتاريا الى ليبيا وأنه يتطلع ليكتب تاريخا مشرفا له ينقل ليبيا الى العصر ولا يشدها للخلف والتخلف.

اجتماع أبوظبي الأخير الذي دعا له وباركه هو القشة التي تقصم ارتباطنا وتأييدنا للبعثة الأممية فقد انكشف المستور ووضح التدليس وتم إشهار خيانة انتفاضة فبراير وتجييرها لأفراد وسرقتها من جماهيرها إلى طامعين في السلطة ويستعينون بدول وأجندات أجنبية لتحقيق أطماعهم.

الملتقى الجامع الذي عولنا عليه كثيراً وعلقنا عليه الآمال الكبيرة في إحداث مرحلة التهدئة للدخول إلى المرحلة الدائمة لنبني دولتنا على أسس مدنية ديمقراطية سليمة اكتشفنا أنه سيكون مسرحية مضللة يتحدث باسم الأمة الليبية والواقع أنه سيكون غطاء لتمرير مطالب شخصيات ليبية معينة ودول عربية وإقليمية معروفة.

لم نعد نرى أن البعثة الأممية منصفة لانه تبين انها لا تنظر أو تعتبر أوتقدر طموحات الشعب الليبي ولكنها تنظر اليه كشعب متخلف يمكن الضحك عليه بشعارات براقة، شعب يملك موارد طبيعية هائلة لا يستحقها وينبغي أن تستفيد منها دول الجوار ودول الطوق الأوربي.

لقاء أبو ظبي الأخير يقول لنا وداعا للملتقى الجامع وبالتالي وداعا للبعثة الأممية لأننا لسنا في حاجة لمن يقودنا الى دكتاتورية تدوم كما تدوم في بعض الأقطار العربية باسم الديمقراطية وشرعية انتخابات مبنية على دستورمنتهك بالتمطيط اللامحدود.

لم تعد هذه البعثة بعثة للدعم لخلق استقرار في ليبيا وانما بعثة توليد وتفريخ المشاكل والمآسي لأنها لا ترى ليبيا كدولة بها شعب يطمح للاستقرار والتمتع بخيراته في ظل حكم ديمقراطي سليم كما هو في العالم المتقدم وانما تراها بعيون دول طامعة في موارده مستغلة الفرقة وصراعات بين ليبيين هي التي خلقتها وهي التي تغذيها ومالم تسع البعثة لتحييد هذه الدول ومنعها بقوة مجلس الأمن من التدخل في الشأن الليبي فانها تكون شريكا اصيلا في المؤامرة على سرقة ليبيا بالكامل.

أقول للبعثة أن الشعب الليبي متفاهم ومنسجم ولا يحتاج لمصالحة وطنية لأنه متصالح مع نفسه ومن يوقد نيران الفتنة هم اشخاص قلائل يالاعلام والسياسة والمال والسلاح بمساندة دول معينة نعلمهم وتعلمهم البعثة وهذه ظاهرة مرضية ينبغي استئصالها وليست سببا جوهريا في اعاقة الوصول الى حل.

سعادة الدكتور غسان سلامة، الى مرحلة قريبة تطابقت رؤيتنا استنادا الى ارادة الشعب اليبي أن تكون الخطوة القادمة والمهمة هي الذهاب الى انتخابات تشريعية فقط تؤسس لمجلس نواب جديد يقود مرحلة التهدئة بعيدا عن الأجواء المشحونة بالتوتر والأطماع وهو السلطة التشريعية التي لها حق تشكيل الحكومة ومنحها الميزانية وتعيين المناصب السيادية وغير ذلك باطل وافتئات على الشعب.

وأن يحال مشروع الدستور اليه للنظر فيه بعيدا عن الضغوط والمماحكات والطعون القانونية وأن انتخاب رئيس للدولة سيتم بعد اصدار دستورعصري متوازن يراعي تطلعات الشعب الليبي للدخول الى العصر الحديث بكل معطياته واستحقاقاته.

سعادة الدكنور غسان سلامة أنا أفهم أن مهمة البعثة الأممية كاستشاري لابداء الرأي السليم والنصيحة الصادقة والمخلصة في لم شمل الليبيين لتأسيس دولتهم ولا أراها تارزي يفصل عباءة الدولة على أشخاص معينين وفق رغباتهم وطموحاتهم أنتم بثقافتكم أرفع من هذا المستوى أو هكذا أتصور و أرى.

لا ارى سببا وجيها لاعتبار ليبيا مزرعة لأفراد بعينهم. لقد كانت لكنها لن تعود للقيود تفاهمات لقاء أبوطبي الأخيرة ستقود الدولة الليبية الى الهلاك.

الدول شعوب وليست أفراد.



جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا