بين روندا والصومال! - عين ليبيا

من إعداد: عبدالرزاق الداهش

المسافة بين روندا والصومال ليست بعيدة تاريخيا، ولعله أكثر قربا من حيث الجغرافيا، ولكن هناك ما هو أبعد من التاريخ، والجغرافيا.

روندا اليوم تحقق أعلى معدلات النمو، وزيادة قياسية في دخل الفرد، واقتصاد ناجح بامتياز، واستقرار سياسي على أرضية التداول السلمي للسلطة، والدولة المؤسساتية، والتنوع الخلاق، والنجاعة.

أما الصومال اليوم، فهي الأسوأ من حيث معدلات النمو، وتدني كارثي في دخول الأفراد، ودولة فاشلة، بكل المقاييس.

بدأت الفوضى في الصومال قبل أن تبدأ الحرب الأهلية في روندا، والتي كانت أكثر وحشية، وأكثر دموية، وأكثر مأساوية.

تدخل العالم في روندا بعد صمت كارثي، وسبات ضميري، وتخلى عن الصومال بعد أنت تخلت الصومال على نفسها.

واليوم نجد أنفسنا كليبيين على مفتر طريق، فهل سنتوجه إلى روندا، أم نواصل السير على الرصيف الصومالي، ما بين عمامة اتحاد المحاكم الإسلامية، وخوذة محمد فارح عديد؟ وهل العالم على استعداد لمساندة ليبيا كي تكون روندا ثانية، وواحة ديمقراطية، في صحراء المنطقة؟

لقد تخلى الرونديون على خطاب الكراهية، وعلى الروح العدائية كضحايا، وكجلدين، وبدأوا في ترميم وئامهم المجتمعي في صفقة مع التاريخ، وتحول القتلة، والمحرضين على القتل إلى أماكنهم في الزنازين، لتتنفس روندا الحرية.

ولكن العالم الذي ساعد روندا على الانخراط في العصر، وتسليم كراكيب الماضي لمستود النسيان، والتصالح مع المستقبل، ليس بمقدوره أن يساعد أي بلد لا يريد أن يساعد نفسه.

مشكلة ليبيا في بعض الليبيين، قبل أن تكون مشكلتها في أطراف غير ليبية، لم تدخر مالا، ولا جهدا في تخريب ليبيا.

كيف نريد العالم أن يكون معنا، ونحن نخذل أنفسنا؟



جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا