تأملات في مؤامرة 88 لسنة 1975 - عين ليبيا

من إعداد: عبدالحكيم عامر الطويل

تحت تأثير الضغوطات الوطنية الحقوقية المتواصلة التي انهالت على “المردوم في جهنم ” في آخر عهده من الداخل والخارج، قرر سنة 2007 أن يتراجع خطوة إلى الوراء وإن كان ذلك بمسرحية مخادعة كعادته، إذ أنشأ لجنة جديدة (وما أكثر لجانه!) غرضها غير المعلن هو المراوغة والتسكين إلى حين، والمعلن هو الزعم “بالتحقق” من عدالة (!) تنفيذ القانون 4 لسنة 1978، على أساس أنه قانون عادل طيب صدر لصالح المواطن لكن المواطن نفسه نفذه بتجاوزات غير عادلة! (بعد كل هذه السنين؟) ولأن أبي هو أحد المتضررين من هذا القانون مذ كنت في الـ15 من عمري سارعت أسوة بغيري إلى تقديم ملف ضخم لرئيس فرع هذه اللجنة بحي الضهرة الطرابلسي، لكن لأن المردوم كان قد اغتصب من أبي عقار آخر قبل ذلك في سنة 1975 سألت رئيس اللجنة ما إذا كانت لجنته تختص بالنظر في تظلمات قانون تلك السنة الذي حمل الرقم 88، إلا أنني فوجئت به لا يدري شيء عنه، فما بالك بتعديله!

في الواقع قبل أن يغتصب المردوم أملاك الليبيين بالقانون 4/78 كان قد اغتصب أملاك المئات غيرهم (إن لم يكونوا بالآلاف) قبل ذلك ب 3 سنوات بالقانون 88/75، لكنني لا أدري لم علق في ذهن الغالبية الابن الرابع غير الشرعي هذا، وبناءاً على توصية من أحد الأصدقاء قررت زيارة مصلحة الأملاك العامة لاستشارة أخيه القانوني الذي يعمل هناك، إلا أنني ما أن وطئت مدخل المصلحة حتى فوجئت بوجود مكتب باسم القانون 88/75 ضمن قائمة طويلة معلقة في السقيفة لأسماء مكاتب وإدارات المصلحة، إذاً فالقانون مازال معترف به هنا، مما شجعني على الاتجاه رأساً نحو مكتبه بدل المكتب القانوني.

حينما وصلته وجدته صغيراً لا يتناسب وضخامة عقاراته!! (تبين لي فيما بعد أنه يضم ملفات 400 مالك في طرابلس فقط!) حتى موظفي هذا المكتب لم يزدن عن واحدة! سألتها فلم أجد أي إجابة، حاولت التأكد من أن عمارة أبي مازالت على الأقل موجودة هنا فتفاجئني الموظفة بما هو خير وأبقى، فرغم حملة حرق السجل المدني التي شهدتها في طفولتي – ضمن معالم حرق كل الوطن – لم أكن أتخيل أنه مازال بإمكاني رؤية ملف خارج بيتنا يحمل عنوان: “عمارة عامر علي الطويل”! ها هو المردوم إذاً يعترف من عمق حفرته بملكية أبي لحلاله رغم سلبه إياه! كنت أتصور أنه بعد اغتصابها سَتُعطى رقماً (عملاً بمحاربته لنجومية كل رموز الوطن!) أو حتى أحد تلك الأسماء الخضراء الجوفاء التي حاصرت كل مدارسنا وشوارعنا وشركاتنا، لكن ها أن مشيئة الله قد أعمته، فظلت أملاك الشرفاء منا تحمل أسمائهم الثلاثية، حتى في أسوأ أيامها.

ولأنني أدركت أنه لم يعد لي ما أفعل هنا هممت بمغادرة المكتب، إلا أن شاباً أنيقاً نحيفاً ذي شاربين يدخل علينا، ثم تقدمه الموظفة على أنه رئيس المكتب، جيد قلت في نفسي، فها أن العناية الإلهية قد أتت لي بمن لابد وأنه يملك الإجابة الكاملة لسؤالي، لكن بدل أن يجيبني سحب كرسي ولم يدعني للجلوس، ثم شبك قدميه وقال لي باختصار بارد خافت: عليك بمراجعة المصرف! قلت: أي مصرف؟ فإذا به يرد نافثاً من حاشيتيْ فمه ما بدى لي أنه خام الشماتة مع أنه حاول يائساً أن يغلف إجابته بشيء من الحكمة والذكاء: المصرف الذي أخذتم منه القرض! فما كان مني إلا أن أجبته بإحباط تام: معقولة رئيس المكتب ومش عارف قانونه؟ رد مرة أخرى بضرورة مراجعة المصرف بطريقة جعلها هذه المرة وكأنها يود القول: الزيارة انتهت! لكنني قلت له متصنعاً عدم فهم إشارته: ليست لدي أي مشكلة مع المصرف! مشكلتي هي معك أنت وأمثالك الذين يرددون هذه الفكرة المغلوطة، فبدل أن تكون أدرى الناس بحقيقة صدور هذا القانون تساهم في تجهيل الناس به، وبغض النظر عن قبولنا به من عدمه، لا يجب أن يحمل رئيس المكتب المنفذ له على مستوى الوطن كل هذا الجهل بشأن يفترض أن لا دخل للمزاج الشخصي فيه.

على أي حال اقتنعت بأنه أحد المقتنعين بذاك المبرر الذي سَطَّحه المستفيدين من اغتصاب هذه الأملاك وعملوا على تسويقه على مر الأجيال، فتوجهت إليه مباشرة وقلت له: إذاً فأنت من المقتنعين بأن من طُبق عليهم هذا القانون كانوا قد أخذوا قروضاً مصرفية، وحينما لم يسددوها صدر هذا القانون لاسترداد قيمتها! أهكذا بهذه البساطة تسطحون حقوق الآلاف من الليبيين؟ أيعقل أنك مدير مكتب القانون 88/75 ولا تدري أن المادة الأولى منه “أممت أراضي اشتراها ليبيون قبل سنة كاملة من صدور قانون التطوير العمراني” الذي تشيعون أن قانون مكتبك قد صدر لاسترداد قروضه؟ كيف يمكن لقانونك هذا أن يسترد قروض لعقارات لم تُبن بأي قرض؟ بل بنيت قبل صدور قانون القروض هذا بسنة كاملة؟ ألا تعرف أن القانون 88/75 لا ينص أبداً في أي مادة من مواده على أنه صدر لاسترداد قروض لا مسددة ولا غير مسددة؟ ألا تعرف أن القانون 88/75 ينص صراحة في مادتيه الأولين على أنه يؤمم جميع أملاك الذين طبق عليهم باستثناء “سكنهم الخاص”؟ ألا يعني ذلك أنه كان مجرد بالون اختبار ومقدمة وتوطئة للقانون 4/78 الذي صدر بعد 3 سنوات؟

تململ ذلك الرئيس في جلسته وأضاف على هدوءه المفتعل نظرة سخرية وجهها لي لدقائق دون أن يزخرفها بأي تعليق، لكنني لم أكن أنتظر منه إجابة بقدر ما كنت مكتنز برغبة جامحة في أن أسمعه زبد ذُلٍ اجتمع في نفسي طوال 32 سنة، لم أنتظر منه رد لأن الكلمات كانت قد انهمرت من فمي من حيث لا أدري:

“دعني أوكد لك أولاً أنني لا أذكر أي حادثة أخرى أصدرت فيها الدولة قانون لاسترداد أموال مصارفها، فالمصارف في كل العالم ليست بحاجة إلى قوانين إضافية لعقود الاقتراض التي تبرمها مع المقترضين، فالناس في كل مكان يقترضون يومياً من المصارف بعد أن يوقعوا عقوداً تحدد شروطاً تضمن حق الطرفين، منها طريقة السداد والمدة الأقصى لها، أول هذه الشروط هو تأمين المصرف لحقه كاملاً قبل حتى أن يستلم المقترض الدفعة الأولى من قرضه وذلك بإجباره على رهن أي ملكية له قيمتها تعادل قيمة القرض إن لم تكن تزيد! حتى أنه متى عجز عن إرجاع حق المصرف يضع هذا المصرف فوراًَ يده على هذه الرهنية، فيعود حقه كاملاً غير منقوصاً، طبعاً عبر المحكمة، دون أن يستنجد بالدولة لتصدر له أي قانون آخر يضمن استرداد حقه.

هنا تململ رئيس المكتب وكأن هذه التفاصيل القانونية أثقلت عليه، فسارع إلى سؤالي: “هل حجزت المحكمة عليكم أم لم تحجز؟” أجبته: يا ليت الموضوع وصلها أصلاً، فهذا ما لم يحدث أبداً مع ضحايا القانون 88/75، في الواقع لم تفت عُشر المدة القصوى لسداد الدين، هل تعرف مقدارها بالمناسبة؟ 10 سنوات، هذا هو المكتوب في عقد القرض، أي أن المصرف سينتظر 10 سنوات قبل أن يفكر في استرداد حقه في العقد، وهل تعرف المدة القصوى لسداد القروض السكنية حالياً؟ ألا تتراوح ما بين 20 و25 سنة؟ فلماذا أصدرت الدولة قانون لمصادرة ملكية بعض الليبيين بعد مجرد سنتيْن من أخذهم قروضاً “بالقانون”؟ مع ملاحظة أن الدولة ذاتها هي التي أجبرتهم على أخذها تحت تهديد فقدانهم لأراضيهم إذا لم يقوموا ببنائها! (دعنا لا نتحدث عن الذين استولت المادة الأولى على أراضيهم التي اشتروها بلا قروض بل وقبل حتى سنة كاملة من صدور قانون هذه القروض!) هنا أجاب رئيس المكتب: “غريب كلامك! كيف تفرض الدولة على الناس أخذ قروض؟ أيعقل هذا؟ في العادة الناس تجري وراء المصارف طالبة قروض”، أجبته: يعني استغربت هذا ولم تستغرب تأميم قانونك لأراضي لم يشتريها ملاكها بأي قروض قبل سنة كاملة من صدور قانون القروض هذا؟ ماشي على أي حال … شد عندك:

حتى سنة 1972 كان هناك الكثير من الليبيين العاديين (من غير ممن يحسبون على العهد الملكي) يملكون أراضي فضاء يرغبون في استثمارها مستقبلاً بعد أن اشتروها وسجلوها باسمهم بكل الطرق القانونية التي كانت سائدة آنذاك، آنذاك لم يكن هناك شيء اسمه تخصيص، كان هناك سجل عقاري والناس تبيع وتشتري جهاراً نهاراً مادام لديهم القدرة الشرائية، إلا أنهم في أواخر سنة 1972 فوجؤوا بطاويات عسكرية ينزل منها عسكريون يخبرونهم بضرورة حضورهم إلى لجنة حَصْر الأراضي الفضاء داخل المخطط العام لوزارة الإسكان (هكذا كانت تسمى حينها)، ومع أنها كانت المرة الأولى التي يتعاملون فيها مع العسكر في شؤون تجارتهم إلا أنهم ذهبوا إلى مقر تلك اللجنة، هناك أعلمهم رئيسها (بشير الجبو الذي لا أعلم أين هو اليوم) بوجوب بناء أراضيهم كعمارات سكنية مساهمة منهم في حل مشكلة السكن! وعلى حسابهم! فيما عُرِف آنذاك بخديعة التطوير العمراني (كأننا لسنا دولة نفطية سكانها أقل من أي ميزانية مرهقة)، نعم، أغرتهم اللجنة بفرص الاستثمار والربح الوفير مما أسال لعاب الكثيرين منهم، لكنه لم يكن لديهم أي خياراً آخر كما يبدو للوهلة الأولى، فمن لم يطع “أوامرها” خَيَّرته ما بين خياريْن اثنين لا أكثر:

1. إما أن يقترض من أحد المصارف الليبية قرضاً بفائدة سنوية مركبة قدرها 5.5%، من أعلى الفوائد الربوية آنذاك،

2. أو تغتصب وزارة الإسكان أرضه مقابل تسعيرة قررتها هي بنفسها لم يدر أحد على أساس أي دراسة جاءت مادامت أقل بكثير جداً من سعر السوق العادي آنذاك: مجرد 6 دينار للمتر المربع! أي 15% فقط من ثمن شرائها!

نعم أصدرت دار الإفتاء الليبية فتواها رقم 59/93هـ التي نصت على:

لا يجوز للحكومة أن تحدد سعراً معيناً للأراضي المملوكة لأصحابها، وتُلْزِم صاحبها بألا يبيع بأكثر منه، قال الباجي شارح الموطأ: إن إجبار الناس على بيع أموالهم بغير ما تطيب به أنفسهم ظلم ومناف لملكهم لها، واغتصاب أموال الناس مجمع على تحريمه،

لكن هذه الفتوى لم تكن قد صدرت إلا بعد سنة كاملة من تهديد وزارة الاسكان بالاستيلاء على أراض ليبية حلال، وبما أنه لم يكن للكثيرين آنذاك السيولة اللازمة خشوا من خسارة أرضهم و85% من ثمنها، اضطر الكثيرين منهم اضطراراً قهرياً للقبول بأخذ القرض المصرفي وتَحَمُّل فائدته الربوية العالية التي كانت تزداد سنوياً كلما تأخر الدفع، ومع عدم قبولهم أصلاً بشرعية هذه الفائدة إلا أنه لم يكن لديهم أي خيار آخر! قالوا بينهم وبين أنفسهم، ربما سنكمل البناء ونسدد القرض دون أن نتورط في فائدته الربوية، أحد هؤلاء كان أبي، حيث تقدم بالمستندات المطلوبة إلى المصرف التجاري الوطني لوجود حساب جاري لديه فيه، كان على رأس هذه المستندات عقد رهنية من الدرجة الأولى لصالح المصرف قيمته أكبر بكثير من قيمة العمارة التي لم تُبن بعد! إضافة إلى قيمة قرضها كذلك! طبقاً لهذا العقد، صار مسموحاً له باستلام القرض على 4 أقساط إذا جهز خرائط البناء واستخرج شهادة البناء،

لكنه ما أن باشر البناء حتى صُدِم بارتفاع أسعار مواد البناء فاق توقعاته، بل واختفى بعضها وظهر في سوق موازية بـ3 أضعاف سعرها الأصلي، كما ارتفعت تكاليف اليد العاملة 3 أضعاف، هذا على أي حال نتيجة طبيعية للقرار المفاجئ الذي ألزم كل أصحاب الأراضي المجاورة ببنائها، فدخل إلى سوق بناء المدينة المئات في أيام، لذا من الطبيعي – كما في أي مكان وزمان – أن تتضاعف أسعار سوق البناء، (هذا الظرف مماثل لظرف السنوات القليلة الأخيرة في عهد المردوم في جهنم الذي شهدنا فيه ارتفاع هائل في أسعار الأسمنت بعد أن تم الإعلان زوراً عن منح قروض سكنية وقبل حتى استلامها)، فصارت هذه القروض بحاجة إلى قروض إضافية حتى تصير ذات فائدة،
لهذا أُجْبِر أبي على الاقتصاد في كل مصاريفه حتى نجح في سحب الـ ¼ الثاني من القرض، إلا أنه نتيجة لاستمرار ارتفاع أسعار مواد البناء واختفاء بعضها لم يتمكن من إنهاء سقف الدور الأول كما يشترط البند 2 من المادة 2 من عقد هذا القرض الإجباري، لذا لم يعد من حقه سحب الـ ¼ الثالث ما بالك بالرابع، وكان هذا سيعَرَّضه إلى خسارة حقوقه في أرضه وكل ما يملك لصالح رهنية المصرف الباهظة، فماذا يفعل؟ اضطر إلى تدبير مبلغ بسرعة لإكمال العمارة، فباع حُلِي أمي وعقار آخر كان يملكه وكل ما يملك غيره عدى مسكننا الوحيد، بل استلف أيضاً من الأصدقاء والأقارب ليجمع كل تحويشة عمره لغرض واحد فقط هو إكمال بناء العمارة حتى يكون قادراً على تأجيرها سريعاً لسداد قرضها والتقليل من فائدته الباهظة وفك الرهنية،

في أواخر 1974 نجح في إتمام بناء العمارة كاملة بنصف القرض دون الحاجة إلى رُبْعَيْه الأخيرين، لكن بلغت كلفة بناءها 3 أضعاف كلفتها التقديرية، مع كل هذا لم يتقدم المصرف بأي إجراء يفيد بإخلال أبي لبنود العقد الذي أبرمه معه (وعلى المُدَّعِي البَيِّنة!) وبما أن العقد شريعة المتعاقدين طبقاً لنص المادة 147 من القانون المدني الليبي، فطبقاً للمادة 3 من هذا العقد كان يمكن للمصرف أن يفي قرضه خلال 10 سنوات كحد أقصى، أي سنة 1982! مع ذلك قرر أبي أن يسدد قيمته بسرعة ليتجنب إثم فائدته السنوية التصاعدية الباهظة، فتمكن في آخر أشهر 1975 من تأجير 3 شقق وحرص على قبض مقدم إيجارها سنة كاملة ليدفعها كجزء من ½ قرض المصرف، وكان من الممكن أن يسدده كله بسهولة في أقل من سنة واسترجاع كل خسائره إذا ما أجَّر باقي شقق العمارة ومحلاَّتها، إلا أنه دون سابق إنذار أعلمته وزارة الإسكان في 08/04/1976 بتطبيق القانون 88/75 على عمارته، وبالتالي لم يعد له الحق في التصرف فيها بأي شكل بعد هذا التاريخ، دون حتى أن تقول له ما ترددونه أنتم الآن! أي أن الوزارة لم تعلمه بخطأ أو تقصير ما ارتكبه! كل ما قالته هو أن القانون 88/75 ينص على أن عمارته آلت ملكيتها إلى الدولة مادامت زائدة عن سكنه الشخصي، أي أنها كانت مجرد مقدمة للقانون 4/78 ذاته دون أن يدرك الليبيين هذه الحقيقة للأسف، وحينما ذهب أبي إليها ليأخذ ما بقي من معدات بنائها الخاصة به منعه ضابط جيش (لا شرطة) من الدخول إلى عمارته، مهدداً إياه بعدم الاقتراب منها مجدداً! ليسمح ذات الضابط لأحد الأسطوات غير الليبيين الذين كانوا يعملون مع أبي بأخذها فيما بعد! فيا له من ترغيب عجيب من وزارة الإسكان – كما ردد أبي حينها – ليساهم الليبيين معها في تطوير بلادهم عمرانياً! منذ ذلك اليوم صار الإحباط ليس فقط جزءاً جوهرياً من الشخصية الليبية بل للاقتصاد الليبي ككل.

حينما عُدت إلى البيت قررت تلخيص ملابسات تطبيق هذا القانون في النقاط التالية لأقدمها إلى رئيس لجنة مراجعة القانون 4/78 مادام رئيس مكتب القانون 88/75 يجهل حقيقته أو يتجاهل لا فرق، هي مجرد محاولة لعلني أنجح عبرها في إقناع رئيس لجنة القانون 4/78 بضرورة مراجعة حتى هذا القانون مادام صدوره أسبق وتأثيره ومصدره مماثلاً لابنه الرابع غير الشرعي، مع ملاحظة أن الكلام ما بين قوسين أضفته بعد تقديمي لهذه النقاط:
1. من طُبِّق عليهم القانون 88/75 إما أنهم لم يأخذوا أي قروض قبل سنة من صدور قانون التطوير العمراني أو أنهم أخذوها تحت تهديد فقدان أرضهم كلها أو 85% من ثمنها حينما طلبت منهم وزارة الإسكان آنذاك المساهمة الإجبارية “في مؤامرة” التطوير العمراني هذا الذي لم يظهر للوجود أصلاً بقدر ما ظهرت مؤامرات عديدة مثله فيما بعد آخرها مؤامرة إزالة بغرض التطوير،

2. أبي لم يبنِ العمارة إلا بنصف القرض، باقي التكلفة كانت من ماله الخاص الذي بلغ 3 أضعاف قيمة القرض،

3. لم نسمع قبلاً بأيلولة ملكية العقار الذي يُبْنَى بقرض إلى المُقْرِض متى شاء حتى ولو لم يخالف بنود العقد بينهما!

4. المادة الثالثة من عقد قرض البناء تؤكد على أن أيلولة ملكية هذه العمارة للمصرف – لا للدولة – تكون في حالة وحيدة وهي عدم تسديد هذا القرض بالطريقة الوحيدة التالية: “… على أقساط شهرية متساوية وخلال مدة لا تجاوز 10 عشر سنوات على أن يبدأ سداد القسط الأول بعد الشهر الذي يلي الشهر الذي تم فيه إنجاز البناء أو بعد 18 شهر من تاريخ أول سحب أي تاريخ صرف أول دفعة من القرض أيهما أقرب”، إلا أن القانون 88/75 صدر ونُفِّذَ قبل نهاية رُبع هذه السنوات،

5. فترة تسديد ال10 سنوات تُعَدُّ مريحة للجميع، لذا من الصعب جداً على أي مقترض الطعن فيها أو عدم تسديد قرضه أثناءها مهما كانت ظروفه، بالتالي كان المصرف على يقين من أنه سيسترد كافة قروضه قبل آجالها القصوى المحددة دون الحاجة إلى أي تشريع جديد من الدولة أو أي تدخل منها كإصدار قانون 88/75،

6. المُقْرِض ذاته – المَصْرِف – لم يُصدر القانون 88/75، كما لم يُعْلِن بأي شكل تأخر أو رفض مقترضيه إيفاء قرضه! (وعلى المُدَّعي البيِّنة) فلماذا وزارة الإسكان أحرص من المصرف على أمواله وأدرى منه بمصالحه؟

7. من غير المألوف أن تُصْدِر الدول قانون عام ينفذ على الجميع لمجرد معاقبة فئة صغيرة أَخَلَّت بشروط قرض مصرفي من أحد مصارفها! يكفي منطقياً أن يلجأ المصرف إلى القضاء، والتشريع الليبي يتوفر له منذ ذلك الوقت على ما يكفيه من مواد قانونية لاسترجاع حقوقه التي تُمَس في مثل هذه الحالات (هذا إذا مُست حقأ!)،

8. حتى لو فرضنا أن الدولة قامت بعمل استثنائي وأصدرت القانون 88/75 لحماية مصارفها فإن نص هذا القانون لا يقول أبداً إن تأميم هذه العمارات جاء نتيجة لإخلال أصحابها ببنود القرض! مادته الثانية تنص صراحة على أنه: “تؤمم كل أرض مملوكة لمواطن إذا كان قد أقام عليها مبنى لغير سكنه الخاص وذلك بالاستعانة بالتسهيلات الائتمانية التي منحت طبقاً لأحكام القانون 116 لسنة 1972 المشار إليه”، لذا علينا ألا ندع جملة “بالاستعانة بالتسهيلات الائتمانية” تبعدنا عن المغزى الحقيقي لهذا القانون، فمن جملة: “لغير سكنه الخاص” نفهم أنه مجرد تمهيد للقانون الذي سيصدر بعده بـ 3 سنوات والذي أعلن أن البيت لساكنه ولا حق للمواطن الليبي في أن يملك عقار غير سكنه الخاص، أي قانون 4/78، أي أن نص هذا القانون يثبت – من حيث لا يدري كاتبه – أن من طُبِّق عليهم لم يرتكبوا أي خطأ، وما صدر لإصلاح خطأ أو تقصير ارتكبه المقترضون في حق قرضهم أو مصرفه! وإنما ببساطة لأنه … غير سكنهم الخاص، أي أنه كما قلت كان مجرد تمهيد سري للقانون 4/78 الذي صدر بعده بـ 3 سنوات، هذه نقطة هامة على الجميع الانتباه إليها،

9. حتى ولو أخل المقترض ببنود هذا العقد فإن الحجز على العقار يفترض أن يكون بأمر محكمة تنفذه الشرطة القضائية بناءاً على حكم متحصل على صيغة تنفيذية استنفذ كل إجراءات التقاضي المتعارف عليها والتي عادة ما تستغرق سنوات ما بين محاكم من درجات مختلفة، وهذا ما لم يحدث إطلاقاً،

10. قَدَّرت لجنة تطبيق هذا القانون بوزارة الإسكان آنذاك عقار أبي بأقل من 50% من كلفته ومن سِعره في سوق العقارات آنذاك (سأذكر هذا التقدير بعد قليل)، فلماذا لم تشتر وزارة الإسكان هذه العقارات بالاعتماد على سعر السوق بدل إقحام كلمة “تعويض” في غير موضعها؟ أليس هذا هو السلوك القانوني التقليدي المعمول به في أي مكان وزمان والذي من شأنه أن يكمم الأفواه وينهي أي قضية مطالبة أو تعويض مستقبلية؟

11. العجيب هو أن وزارة الإسكان لم تحسب في ما تسميه بالتعويض ثمن الأرض، ولم تقدم أي بديل عنها، فلماذا هذا الاجحاف طالما أن الأرض لم يتم شراؤها بالقرض وطالما أن هدف وزارة الإسكان آنذاك كان العمارة التي تزعم أنها بنيت بالقرض لا الأرض؟

12. حتى هذا الذي تسميه تعويض خُصِمَ منه قيمة ½ القرض المستلم، فلماذا يخصم إذا كان قد تحول إلى مواد بناء دخلت في صلب بناء العمارة وذهبت بالكامل إلى الإسكان مع ذهاب العمارة إليها؟ ألا يعني هذا قبض ثمن هذه العمارة مرتين؟ أهناك إجحاف أكثر من هذا؟

13. كما خُصم من هذا الذي تسميه تعويض كل الإيجارات المستلمة من العمارة (التي كانت ستذهب لتسديد القرض) قبل أن تغتصبها الدولة بالقانون 88/75، فلماذا يُخصِمَ الإيجار طالما كان مسموحا به قانوناً بل وظل قانونياً حتى بعد 3 سنوات حينما انتهى بصدور القانون 4/78؟

14. ثم هل أعادت الدولة قيمة هذه الإيجارات إلى من دفعها للمالك؟ بالطبع لا، فلماذا تحتفظ الدولة بها مادامت ليست جزء من قيمة القرض؟ ثم تحت أي بند دخلت قيمة هذه الإيجارات خزينة الدولة؟

15. الأكثر غرابة هو أن تخصم الفائدة الربوية السنوية لكامل القرض (5.5%) مع أن أبي لم يستلم إلا نصفه!

16. لنفرض أن وزارة الإسكان اعتبرت بناء العمارة بقرض منها هو بناء لصالحها (وهذا غير صحيح طبعاً)، فلتأخذ ½ العمارة فقط طالما أنها بنيت بنصف القرض إذا كان قصدها هو حقاً إعادة قيمة القرض!! ولتترك نصفها الباقي الذي بناه مالكها بماله الخاص!

17. بعد كل الخصميات التي ذكرتها كان صافي ما سمي بالتعويض الذي عُرِضَ على أبي مجرد 30% مما تكبده! لكن قيمة العقارات آنذاك وفي أي مكان من العالم لا تُحتسب قيمتها بكلفتها وإنما بقيمتها وهي جاهزة في سوق العقارات الفعلي، فكانت قيمة هذا الذي تسمونه تعويض لا تتجاوز 25% من قيمتها الفعلية في السوق، فانظر الآن كيف يمكن تسمية خسارة 75% من حلال رحيق العمر بكلمة تعويض!

18. الطامة الكبرى هي أن الدولة باعت هذه العمارة لساكنيها الحاليين ليس بالمبلغ الذي أعطته للمالك وإنما بمبلغ التعويض الأصلي الذي عرضته عليه قبل كل هذه الخصميات! أي أنها خصمت قيمة الإيجارات مرة أخرى من الساكنين الحاليين مع أنها استلمتها من المالك الأصلي!!

19. ثم ألم تغتصب الدولة هذه العمارة بحجة حل أزمة السكن؟ كنا نظنها ستوزع شققها مجاناً على المواطنين، فأين ذهب الآن الفارق ما بين السعر الذي منحته للمالك والذي قبضته من السكان الحاليين؟ وتحت أي بند نسمي هذا الفارق؟ سرقة؟ رشوة؟ إغتصاب؟ لا تقولوا تكاليف بناء لأن الدولة استلمت العمارة جاهزة، ولا هي تكاليف صيانة لأن الدولة استلمتها جديدة “من ملعقتها”، ولا تقولوا ربح لأنه يفترض أن تقدم الدولة خدمة لا مشروع تجاري مربح كما يزعم شعار البيت لساكنه ذاته! هل فهمت لم أستخدم كلمة “إغتصاب” هنا بدل “تعويض”؟

20. من المهم جداً كذلك معرفة أن رئيس اللجنة التي شكلها المردوم في جهنم لمراجعة تطبيق القانون 4/78 كان قد اعترف تاريخياً بأن ما يُسمى بالتعويضات التي صُرفت لضحايا هذا القانون لم تكن عادلة، فالمادة 3 ب من مقترح هذه اللجنة لإلغاء هذا القانون الصادر بتاريخ 31/12/2011 تنص على: “ويكون لمن سبق تعويضه من المُلاًَّك عن العقار أو صُرفت له مبالغ عنه تحت أي وصف الحق في الفرق بين قيمة ما قبضه وقيمة عقاره وفقاً للأسس المذكورة”

21. نعم بعض ممن طبق عليهم هذا القانون رفضوا استلام ما يسمى بالتعويض لأنه كانت لديهم مصادر دخل أخرى تغنيهم عن مذلة “شحاتة” حلالهم، ربما لبعضهم الآخر مشاكل قانونية في ملكية الأرض حالت دون محاولة مطالبتهم بحقوقهم في هذه الحالة، لكن أبي لم يكن موظفاً بالدولة ولا في القطاع الخاص، مصدر دخله الوحيد كان تجارة العقارات، لذا وجد نفسه مرغماً على أخذ هذا التعويض، لا تنازلاً منه عن حق ملكيته له بقدر ما كان لإعالة أسرته المتكونة من 7 أفراد، فما كان ليجد ما يطعمهم أو يدفع مصاريف الكهرباء والماء والهاتف والدراسة بعد تطبيق هذا القانون طالما أن كل ثروته وضعها في هذا المشروع، أي أنه خاف من فقر فوري كان ليجعله عاجزاً منذ اليوم الأول عن دفع أقساط الكهرباء والهاتف والماء ومصاريف قوت عياله، معتبراً بينه وبين نفسه بأنه أخذ “مجرد دفعة أولى من قيمة إيجارات عقاره التي كان ليتحصل عليها لو ظل مالكاً له”،

22. بهذا يدخل قبول أبي بما يسمى التعويض ضمن البيع بالإكراه الذي تنص عليه المادة 127/مدني والتي مازالت سارية المفعول إلى الآن، هذا هو النص الحرفي لأول فقرتيْن فيها:

• يجوز إبطال العقد للإكراه إذا تعاقد شخص تحت سلطان رهبة بعثها المتعاقد الآخر في نفسه دون حق، وكانت قائمة على أساس،

• وتكون الرهبة قائمة على أساس إذا كانت ظروف الحال تصور للطرف الذي يدعيها أن خطراً جسيماً محدقاً يهدده هو أو غيره في النفس أو الجسم أو الشرف أو المال،

كما أن القانون الليبي ينص على أن خرق العقد أو حتى مجرد تعديله يقتضي “إتفاق الطرفين”، وإلا صار ذلك الخرق أو التعديل باطلاً لاغياً كأنه لم يكن طبقاً لنص الفقرة الأولى من المادة 147/مدني: العقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين، أو للأسباب التي يقررها القانون.

أي أنه كان من المفترض أن يلغى عقد القرض المصرفي بالنسبة للمطبق عليهم القانون 88/75 – إذا كانت هناك أصلاً حاجة للإلغاء – بالاتفاق ما بين المقترضين والمصرف، لا أن تتدخل جهة ثالثة هي الطاغية، مما يجعل هذا الإلغاء باطلاً طبقاً لنص هذه المادة سارية المفعول حتى الآن،

23. كما أن فتوى دار الإفتاء الليبية رقم 59/93 هـ الصادرة بتاريخ 02/10/1973 تحرم تطبيق هذا القانون من أوله، إذ تنص على: الأراضي التي استولت عليها الحكومة وسلمتها للبلدية لتقسيمها وبيعها للمواطنين إن كانت مملوكة للمواطنين بإرث أو بوجه من وجوه التمليك الصحيحة شرعاً فهذه لا يجوز للحكومة أن تأخذ منها شيئا إلا برضا صاحبها أو للمنفعة العامة كتوسيع مسجد وإنشاء طريق عام، وفي كلتا الحالتين لابد من دفع قيمة المثل للمالك، إلا إذا رضي بالأقل، واذا أخذت الحكومة شيئاً – أرضاً كان أو غيرها – بغير رضا المالك فلا يجوز تملكه ولا الانتفاع به، لأنه مغصوب، والانتفاع بالمغصوب – مع العلم بأنه مغصوب – حرام.

24. هناك أيضاً قول مأثور ينص على أن: ما بُنِيَ على باطل فهو باطل: هذه الحكمة تؤكد على صحة إعادة الأملاك المغتصبة إلى أصحابها سواء أكرهوا على أخذ مقابل أم لم يأخذوا مادام هذا المقابل جاء وفقاً لقانون ظالم باطل مخالف للشرع والقانون الوضعي والتقاليد الاجتماعية التي توارثتها الإنسانية منذ قرون،

25. حتى هذا الذي تسمونه التعويض لم يسمح المردوم في جهنم بسحبه كاملاً! مجرد 500 دينار يمكن سحبها كحد أقصى في الشهر! أي أن حتى هذا الذي يسميه تعويض لم يكن بإمكان أبي استثماره في أي مشروع تجاري جديد يعوض خسائره الفادحة، مجرد مبلغ مالي يجنبه الجوع أو قطع الكهرباء والماء لا أكثر، (الحمد لله أن التعليم والصحة كانا آنذاك مجاناً، لكانت كارثة هؤلاء مضاعفة!!)

ثم بدأ إعلامنا الرسمي بمقارنة من طبق عليهم هذا القانون بالمحتل الإيطالي البغيض!!! لقد اعتبر إعلامنا اغتصاب عماراتهم مجرد خطوة “في طريق استرداد أموال الشعب”!! كأنهم لم يشتروا أملاكهم بالقانون وإنما استولوا عليها (ظاناً أن الناس كلها قراصنة مثله!!!)، أو أنهم إيطاليون مستعمرون لا أفراد بسطاء من هذا الشعب، كافحوا واقتصدوا طوال سنوات حتى وصلوا إلى ما هم عليه،
وكأن هذا لا يكفي حُرِمَ أبي من ممارسة أي نشاط اقتصادي حينما سَمَحَت التشريعات الليبية بذلك في مطلع تسعينيات القرن الماضي بحجة أنه كان من آكلي أموال الشعب! فظلت أسرتنا ذات ال 7 أفراد تكافح طوال سنوات من أجل البدء من جديد لكن بشرف، بذلنا أقصى ما نستطيع من أجل إكمال دراستنا دون الحاجة للغير، وفي الوقت الذي كنا نرى فيه زعماء الميليشيات الخضراء تلعب بالدولار والسفر، كنا نقتصد سراً تلك ال500 حائرين كيف يمكننا دفع كل التزاماتنا بها، لم نستطع شراء أي أثاث منزلي جديد ناهيك عن سيارة جديدة إلى أن أنهينا دراستنا، أما السفر للخارج فكان ترفاً لا نجرؤ أصلاً على فتح سيرته أمام أبينا، وحينما وفقنا الله في إكمال دراستنا صرنا نكافح نفوذ الخضر من أجل الحصول على أي وظيفة، في الوقت الذي كان فيه الرعاع يهيمون فرحاً بسلبهم “مجاناً” دكاكين أبي، ثم يقسمونها إلى دكاكين أصغر يزدادون حراما بها على ما أعطاهم سيدهم، وبينما كنت وإخوتي نبحث عن أصغر شقة يمكنها أن تسمح لنا بتكوين حياة جديدة كان آخرون يسكنون ملكنا بنشوة وكأنهم هم الذين بنوه وتعبوا من أجل توفير أفضل مواصفات البناء فيه، وبينما كنا نحلم بالحصول على أي عمل خارج الدوام يساعد في تأخير قطار الزواج يستولي متنفذ كبير من ميليشيات المردوم الخضراء على الطابق تحت الأرضي الذي صممه أبي ليكون مرآب حضاري لسكان عمارته، جاعلاً إياه مجرد مخزن ضمن سلسلة مخازن شركة أبوه التي أورثها له من حرام أملاكنا.

بقي أبي يعيش مع أمي بلا أي عمل وظيفي أو حر منذ 1978 وحتى تاريخ نشر هذه الكلمات، ظلا يصرفان مما نستقطعه أنا وإخوتي من مرتباتنا التي نعيل بها أسرنا كذلك دون أن نمارس أي عمل خاص بنا حتى الآن، وما أدراك ما المرتب في بلادنا، لهذا كم فرحت حينما سمعت بتأسيس: “رابطة المُلاَّك المتضررين من حكم الطاغية”، وفرحت أكثر حينما علمت أنها لم تهمل القانون 88/75 وباقي قرارات الزحف والتأميم التي أصابت الآلاف من الملاك الليبيين الشرفاء من غير القانون 4/78، متمنياً من الله أن تجد هذه الرابطة كل نصير حتى تنجح في تحقيق أهدافها التي تصب كلها في إعادة الشرعية والقانون والحق لأصحابه، فما ثورة 17 فبراير غير رد المظالم والحقوق التي اغتصبها المردوم في جهنم؟

لكنني أتمنى ألا “يأكل” القانون 4/78 مشهد الأملاك المغتصبة لوحده كما يحدث الآن في وسائل إعلامنا، فها قد بيَّنت أن هناك قانون مماثل له في الجريمة والتأثير صدر قبله ب3 سنوات، كما أن قرارات اغتصاب الشركات والمصانع والأسواق الدكاكين التجارية التي استولى عليها المردوم عبر قرارات الزحف والتأميم تدخل ضمن الأملاك المغتصبة لا فرق بينها وبين الأملاك التي طبق عليها القانونيْن 4/78 أو 88/75، فالمتأمل بِعَين فاحصة لمواد القانون 88/75 يدرك أنه كان تجربة أولية طبقها الطاغية على فئة صغيرة محددة من الليبيين ليجس بها نبض الشارع ويستخلص الدروس التي أهلته بعد 3 سنوات من النجاح في الاستيلاء على أملاك كل الليبيين، كان هذا القانون مجرد اغتصاب تمهيدي لملكيات وطنية قانونية ضمن مشروع خبيث أكبر استهدف نزع ملكية كل الوطن بالقانون 4/78.

لهذا أطالب الحكومة بإلغاء القانون 88/75 وتطبيق كافة الاجراءات التي طبقتها أو ستطبقها على القانون 4/78 طالما أن هذين القانونين متطابقين تماماً في الهدف وأسلوب التطبيق والضرر، آخذين بعين الاعتبار وجود قوانين أخرى مماثلة أصدرها الطاغية انتزع بموجبها الملكية الفردية لمواطنين ليبيين آخرين امتلكوا أملاكهم بالطرق القانونية النافذة آنذاك.

عبدالحكيم عامر الطويل

hakimatom@yahoo.com



جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا