تحليل التداعيات الاقتصادية للتوترات التجارية المتصاعدة بين الولايات المتحدة والصين - عين ليبيا
من إعداد: أ. أحمد بن حليم
شهد الربع الأول من عام 2025 تصاعدًا ملحوظًا في التوترات التجارية بين الولايات المتحدة الأمريكية وجمهورية الصين الشعبية، مما أدى إلى تداعيات اقتصادية كبيرة على الاقتصاد العالمي. يستعرض هذا التقرير التطورات الأخيرة في السياسات التجارية، وتأثيراتها على أسواق رأس المال، وسلاسل التوريد العالمية، والمؤشرات الاقتصادية الكلية في كلا البلدين.
قامت الإدارة الأمريكية الحالية بتنفيذ سلسلة من الزيادات التصاعدية في الرسوم الجمركية على الواردات الصينية، بنسب متتالية بلغت 34%، ثم 104%، ثم 125%، وصولاً إلى 145%، وأخيرًا 245%. وقد أثار هذا التصعيد مخاوف بين الخبراء الاقتصاديين بشأن التأثير المحتمل على التضخم والنمو الاقتصادي.

سجلت أسواق الأسهم الأمريكية انخفاضات ملحوظة منذ بداية عام 2025. وفقًا للبيانات المتاحة، انخفض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 من 5,996.66 نقطة في 20 يناير 2025 إلى 5,396.63 نقطة بحلول 15 أبريل 2025، مسجلاً انخفاضًا بنسبة 10% تقريبًا. وتشير التقديرات إلى أن هذا الانخفاض يمثل خسارة في القيمة السوقية تقدر بحوالي 4 تريليون دولار أمريكي، مع خسائر إضافية بقيمة 1.5 تريليون دولار في 16 أبريل 2025.

في المقابل، سجل الاقتصاد الصيني نموًا بنسبة 5.4% في الربع الأول من عام 2025، وفقًا لتقارير فاينانشال تايمز. واتخذت الصين مجموعة من الإجراءات الاستراتيجية للتخفيف من آثار الرسوم الجمركية الأمريكية، بما في ذلك:

تظهر قطاعات التكنولوجيا تأثرًا خاصًا بالتوترات التجارية. تشير التقديرات إلى أن 90% من هواتف آيفون يتم إنتاجها في الصين، وقد قدرت شركة كاونتر بوينت ريسيرش أن مخزون شركة آبل من الهواتف في الولايات المتحدة لا يكفي سوى لستة أسابيع. ونتيجة لهذه المخاوف المتعلقة بسلاسل التوريد وتأثير الرسوم الجمركية، خسرت شركة آبل حوالي 638 مليار دولار من قيمتها السوقية خلال ثلاث جلسات تداول في منتصف أبريل 2025.
استجابة لهذه التحديات، قامت وكالة الجمارك وحماية الحدود الأمريكية بإدراج 20 فئة من المنتجات المستثناة من الرسوم الجمركية، بما في ذلك الهواتف وأجهزة الكمبيوتر والإلكترونيات وأجهزة معالجة البيانات، مما يعكس الاعتماد الكبير على سلاسل التوريد الصينية في هذه القطاعات الحيوية.

حذر رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، من احتمالية ارتفاع معدلات التضخم والبطالة نتيجة للرسوم الجمركية، مشيرًا إلى أن “من المرجح جدًا أن تسبب الرسوم الجمركية ارتفاعًا مؤقتًا في الأسعار”. هذا التصريح يسلط الضوء على المخاطر المحتملة التي تواجه الاقتصاد الأمريكي على المدى القصير والمتوسط.
تشير البيانات الحالية إلى أن التصعيد في التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين قد أدى إلى آثار سلبية ملموسة على أسواق رأس المال الأمريكية وسلاسل التوريد العالمية، خاصة في قطاع التكنولوجيا. في حين أن الصين قد اتخذت إجراءات استراتيجية للتخفيف من هذه الآثار وحافظت على نمو إيجابي، تظل المخاطر قائمة بشأن التضخم والنمو الاقتصادي العالمي.
يوصى بمزيد من التحليل ومراقبة المؤشرات الاقتصادية الرئيسية في الأشهر المقبلة لتقييم الآثار طويلة المدى لهذه التوترات التجارية وتأثيراتها المتشعبة على الاقتصادات العالمية.
جميع الحقوق محفوظة © 2025 عين ليبيا