تدريس اللغة التباوية بالتقنية ضرورة أم ترف - عين ليبيا

من إعداد: حامد آدم

ما من شك أن اللغة بشكل عام هي أداة وعصب عملية التواصل الاجتماعي بين الناس باختلاف ثقافاتهم وألوانهم وجنسياتهم وألسنتهم؛ بل ويمكننا القول إن أعظم ما ابتدعه الإنسان هو اللغة كأداة للتفاعل الاجتماعي ولنمو الفرد ونمو المجتمع.

إن اللغة التباوية كأداة للتواصل بين التبو؛ نتاج اجتماعي بطبيعتها، ومرآة تعكس تاريخ الشعب التباوي واهتماماته، وهي الوسيلة التي تساعد على نقل التقاليد وتكوين الأهداف، وتساعد على قيام التنظيمات الاجتماعية وتعطيها استمراراً في الزمان والمكان.

إلا أنها في المقابل ليس لها حضور في المجال التقني أو الشبكة العالمية (الإنترنت) كما ينبغي أن يكون، فلا تزال كثير من المصطلحات التقنية أو المؤلفات العلمية المرجعية لا تتوفر باللغة التباوية، وأما حضورها في الإنترنت بشكل عام فهو في حدود 3% فقط ، وأغلبها دردشات ونصوص متكررة في مواقع مختلفة.

ومن جهة أخرى، فإن توظيف التقنية في العملية التعليمية بشكل عام ضرورة حتمية لمواكبة التغيرات والتطورات الحاصلة في كافة المجالات.

تقنيات التعليم لا تعني فقط استخدام الأجهزة والاتصالات، بل تتعدى ذلك إلى طريقة التفكير لوضع منظومة تعليمية وفق خطوات منظّمة، ووفق نظريات التعليم والتعلّم الحديثة، من مثل (الموارد البشرية، والموارد التعليمية، والموارد المالية، والوقت المتاح، ومستوى المعلمين، ومستوى المتعلمين (بما يحقّق أهداف المنظومة).

إن تعليم اللغة التباوية ليس تبدعا من العلوم والفنون، فيجب أن يخضع تعليمها إلى النظريات الحديثة في تعليم العلوم عامة وتعليم اللغات خاصة سواء كانت لغة أولى أو لغة ثانوية.

يتميز هذا العصر بالتغيرات المتسارعة الناجمة عن التقدم العلمي والتقني ومن أهمها تقنية المعلومات، لذا من الضروري مواكبة العملية التربوية لهذه التغيرات لمواجهة المشكلات التي قد تنجم عنها مثل: كثرة المعلومات، وزيادة أعداد الطلاب، ونقص المعلمين المؤهلين، وبعد المسافات، وازدياد الحاجة إلى التعليم، وظهور مفهوم التعليم مدى الحياة، وقد أدت هذه التغيرات إلى ظهور أنماط عديدة للتعليم الفردي أو الذاتي الذي يسير فيه المتعلم حسب طاقاته وقدراته، وسرعة تعلمه، ووفقاً لما لديه من خبرات ومهارات سابقة، وقد ظهرت مفاهيم تعليمية جديدة؛ مثل مفهوم التعليم المبرمج، ومفهوم التعليم باستخدام الحاسب، ومفهوم التعليم عن بُعد، والذي يتعلم فيه الطالب في أي مكان دون الحاجة إلى وجود المعلم بصفة دائمة.

ولا بد لتعليم اللغة التباوية أن يكسب المتعلم القدرة على التعامل مع المعلومات، وكيفية الحصول عليها من مصادرها المتعددة، وكيفية تنظيم هذه المعلومات وتوظيفها، والقدرة على الربط بين المعلومات، وإدراك العلاقات المتبادلة بينها، واستنباط معلومات جديدة منها، وتحليل المعلومات، علاوة على القدرة على استيعاب مخرجات التقنيات الحديثة واستخدامها، ومهارة الحفاظ عليها، وصيانتها وتطوير أدائها.

وفي الطرف الآخر، فعلى أرباب تقنية المعلومات وبمساندة أرباب اللغة التباوية ومختصيها أن يقوموا بتطوير تقنيات للغة التباوية وليس العكس، وقد يتطلب هذا تعريفاً جديداً لبعض مفاهيم اللغة التباوية ولكن في نفس سياقها اللغوي والفصيح.

ولذا فإنه يجب خدمة اللغة التباوية من حيث البرمجيات المساندة، مثل برمجيات الصرف والنحو ومساعدات الدلالة والمترجمات من وإلى اللغة التباوية وخرائط المفاهيم اللغوية ودراسة الظواهر اللغوية… إلخ، ولكننا نواجه مشكلة في ثقافة كثير من مختصي ومعلمي اللغة التباوية نحو مجال تقنية المعلومات لخدمة اللغة التباوية، كما أن هناك فجوة رقمية بين هؤلاء المختصين في اللغة وبين تلاميذهم الذين تربوا في كنف التقنيات الحديثة ومن أهمها تقنية المعلومات.

ومن جهة أخرى فهناك جملة من المطالب يحسن الأخذ بها عند تبني استخدام التقنية في تعليم اللغة التباوية وتعلمها؛ كما أن هناك العديد من الوسائل والتطبيقات المستخدمة لتعليم اللغة التباوية؛ فمثلاً يجب استخدام المعامل اللغوية في تعليم الناطقين بغير التباوية مثلما تستخدم المعامل الآن لتدريسنا -نحن التبو- اللغة الإنجليزية او الفرنسية وغيرها.

إن هناك بعض المعوقات لاستخدام التقنية في التعليم لدينا بشكل عام وفي تعليم اللغة التباوية بشكل خاص، فمنها ما يعتقده بعض المعلمين من أن استخدام التقنية في التعليم قد يلغي دور المعلّم، حيث يمكن للمتعلّم تلقي دروسه مباشرة، من دون الحاجة إليه، ولكن الحقيقة أنه يتغيّر دور المعلم من الملقّن إلى مدير أو مرشد للتعليم، من خلال تخطيطه للموقف التعليمي، في إطار أسلوب النظم واختيار مصادر التعلّم التي تتناسب مع الأهداف التي خطّط لها وتسجيل ملاحظاته عن مدى تقدّم المتعلم ومن ثمّ توجيهه.

وختاماً نجد أن اللغة التباوية اليوم تشهد تحديات عصرية وعالمية في العصر الحالي، بسبب الظروف الراهنة التي تحيط بها، منها إطلاق الدعوات إلى تهميشها، أو تغيير سماتها، أو الانتقاص من وظيفتها ومن قدرتها، هذه الظروف تفرض علينا إعادة حيوية اللغة التباوية من جديد بإسلوب جذاب عن طريق تعليمها وظيفياً في ميادين العلم والمعرفة، وخلق تذوق فني وإبداعي لدى المتعلمين وخصوصا الصغار؛ للإقبال على تعلم اللغة التباوية بإسلوب حديث يبعث في أبنائها الإحساس بقيمتها، وكنوزها الثمينة، وقدرتها على الإبداع والاستيعاب لكل العلوم والفنون بحيث يتمكنون من استعمالها في جميع المواقف اللغوية الأدبية والعلمية.



جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا