تساؤلات للسيد غسان سلامة حول تعديلات الاتفاق السياسي - عين ليبيا
من إعداد: د. مجدي الشبعاني
لا شك أن مقترح السيد غسان سلامة قلب الاتفاق السياسي رأسا على عقب، فهو ليس مجرد تعديل وإنما رسالة واضحة مفادها أن الاتفاق السياسي الذي أبرم في عام 2015م فشل في تحقيق أهدافه، فالحاجة أصبحت ماسة الآن لتعديله وإن كان التعديل قد شمل الجوهر كله، ولكن هل تكفي التعديلات وحدها بتحقيق النتيجة التي يطمح إليها الجميع وعلى رأسهم المجتمع الدولية وهي رفع المعاناة عن الوطن والمواطن والحفاظ على سيادته وما تبقى من خيراته ووقف الجريمة المنظمة التي نهشت أركانه واستنزفت خيراته، وبالتالي كان على واضعي هذه التعديلات أحاطتها بضمانات تكفل سرعة تنفيذها وفعاليتها والدقة والجودة في تحقيق أهدافها، وإن كانت غير ذلك فما هي إلا وسيلة لخلق أجسام جديدة وتأصيل للمشكلة لا حلها ،فالنتائج ستكون كارثية لا قدر الله، فلم يعد المواطن الليبي قادرا على التحمل أكثر من ذلك ، ونرجوا التمعن في التساؤلات القانونية التالية:
وهذا ما اختارته السياسة ولكن لم يتم تحديد مدة معينة ينص عليها صراحة، فهذه التعديلات ربطت الخروج من هذه المرحلة بتحقيق نتيجة، حيث أجازت استمرار السلطة التنفيذية في مهامها إلى حين إجراء انتخابات نيابية ورئاسية (ونلحظ استخدام مصطلح نابية وهي كلمة غير متداولة في ليبيا)، ولكن متى ستجرى هذه الانتخابات ومن سيشرف عليها (يجب تحديد موعد)؟
والباعث من الخوف في حال عدم قيام السلطة التنفيذية أو عملها على إعاقة المسار الانتقالي والقيام بهذه الانتخابات النيابية والرئاسية، فهل هذه السلطة التنفيذية ستبقى إلى مالا نهاية؟
ورد ذكر بعثة الأمم المتحدة لكونها عضوا فاعلا سيعمل رفقة مقرري مجلس النواب ومجلس الدولة للتحقق من توفر شروط التزكية للقوائم المتقدمة لشغور منصب مجلس الرئاسة، ومن المتعارف عليه أن هذه الأعمال من أعمال السيادة التي يتوقف دور الأمم المتحدة فقط كمراقب فقط دون أن يكونوا أعضاء منفذين، فوجب التنبه لهذا وتعديله.
إن اشتراط الاجماع كآلية وحيدة لاتخاذ القرارات في مجلس الرئاسة ، في ما معناه أن المجلس لن يتخذ قرارا أو ستيخذ قراراته في غير الوقت الملائم، فكيف سيُجمع مجلس الرئاسة على تسمية رئيس للحكومة وكل واحد من أعضاءه سيعمل وفق نظام المحاصصة، فلن يتم اختيار رئيس حكومة البتة، وسيتم هدم الأساس الذي نص عليه في هذا التعديل وهو تكافؤ الفرص والمساواة في تولي الوظائف الهامة وفي تعيين وإعفاء السفراء وممثلي ليبيا لدى المنظمات الدولية، فكلها ستتم وفق مبدأ المحاصصة، وسيتم هدم مؤسسات الدولة العليا والوسطى بناء على ذلك (نظرية قرعتي وحصتي وهات وخوذ)، وسيهدم مبدأ العدالة في الفرص والكفاءة والمساواة بين أبناء الوطن في تقلد الأصلح لها.
بالتالي نرى ضرورة النص على مخرج ما في حالة فشل مجلس الرئاسة في تسمية رئيس حكومة خلال مدة الأسبوع؟ وهل مدة الأسبوع هي مدة تنظيمية أم مدة يسقط حقهم وتكف يدهم عنه بعد ذلك؟
نص التعديل على أن رئيس الحكومة الذي يتم تسميته يقوم بايختار وزراءه خلال اسبوعين ليعرضهم على مجلس النواب بعد ذلك. وبالتالي يكون على رئيس الحكومة المسمى تشكيل حكومته وإعداد برنامجها لعرضها على مجلس النواب خلال أسبوعين من تاريخ تسميته. وتقديمها بشكل نهائي خلال شهر، على أن يقوم مجلس النواب باعتمادها خلال عشرة أيام من تاريخ تقديمها.
والتساؤل الذي يطرح نفسه: ماذا لو لم يقم رئيس الحكومة باختيار حكومته بشكل كامل خلال هذه المدة؟ هل يتم التمديد له أشهرا عدة؟ ثم ماذا لو لم يتمكن مجلس النواب من الاجتماع لاعتماد هذه الحكومة خلال المدة المحددة وله سوابق في ذلك؟ فهذا يعني استمرار معاناة المواطن دون حل واقعي ونتائج مثمرة.
لو تأملنا نص المادة التي اشترطت أن يكون طلب المساءلة وسحب الثقة موقعا من 50 عضوا من مجلس النواب، ولا يوجد دستور في العالم يضع مثل هذا العائق فأكثرها تشترط 25 عضوا، لأن مجرد تقديم الطلب لا يعني سحب الثقة، فهذا الاتهام يحتاج إلى دلائل وبراهين ثم يتم التصويت عليه بأغلبية موصوفة وهي الأهم بعد ذلك، فلماذا يسعى معدلوا الاتفاق السياسي على تحصين الحكومة بهذا الشكل؟ ثم إن التشاور مع مجلس الدولة الذي لم يساهم في إنشاءها ومنحها الثقة هو تزيّد لا فائدة منه.
ثم إن تسمية رئيس الحكومة تتم من قبل مجلس الرئاسة، فلم لا يكون لمجلس الرئاسة دور في سحب أو دعم رئيس الحكومة الذي قام باختياره، فكان الأولى أن يتم التشاور مع مجلس الرئاسة في ذلك.
نصت المادة (9) على أنه “يجوز لرئيس الحكومة إعفاء أي وزير، على أن يستمر الوزير في تسيير أعمال وزارته لحين قيام رئيس الحكومة بعرض البديل على مجلس النواب خلال عشرة (10) أيام من الإعفاء لمنحه الثقة”، أرجوا أن يتم إلزام الوزير بأن يكون إعفاؤه مسببا ومبنيا على مبررات قوية.
وخلاصة القول إن هذه التعديلات ستجعلنا ندخل في مرحلة انتقالية جديدة وطويلة الأمد، وغير واضحة المعالم، في غاية الخطورة ونتائجها غير محمودة، ومجرد التفكير بأنها خاطئة فيه تحميل للمواطن مالا يحتمل، لهذا أرى أن يتم الاتجاه مباشرة إلى الاستفتاء على مشروع الدستور الذي عملت عليه هيئة منتخبة من الشعب، والعمل وفق نصوصه وأحكامه والخروج من دائرة المراحل الانتقالية والحكومات المؤقتة، والأجسام المنتهية المدة، والعودة إلى الشرعية القانونية والحفاظ على السيادة الوطنية.
جميع الحقوق محفوظة © 2025 عين ليبيا