تسويف السفهاء - عين ليبيا

من إعداد: د. عيسى بغني

في سابقة لم تحدث من قبل ندد ممثل الأمم المتحدة بليبيا في إحاطته لمجلس الامن ببرلمان طبرق يوم الخامس من سبتمبر 2018م وصف القلة المتحكمة في شئونه مجموعة نفعية تريد البقاء في المشهد والمحافظة على مزاياها حيث قال “الكثير من أعضاء مجلس النواب يخفقون في القيام بعملهم على النحو الواجب. ويسعون إلى تخريب العملية السياسية لتحقيق مآرب شخصية خلف ستار الإجراءات”، مبينًا أنهم “ببساطة ليست لديهم النية في التخلي عن مناصبهم. ومن أجل طموحات شخصية، دفع جميع مواطني ليبيا أثماناً باهظة”.

هذا غيض من فيض فآخر رزاياهم إتفاق أكثر من مئة عضو من برلمان طبرق (مقاطع وغير مقاطع) على تغيير المجلس الرئاسي برئيس ونائبيه، والهذف من ذلك الهروب من الإستحقاق الإنتخابي القادم، وإدامة تواجدهم الطفيلي في المشهد الليبي لسنتين قادمتين.

ورغم ذلك التشنيع أما ممثلين لأكثر من خمسة مليارات من سكان الارض، كان مجلس النواب على موعد لمناقشة الأستحقاقات الإنتخابية في جلسة يوم الأثنين 10 سبتمبر 2018م وكانت النتيجة تأجيل الجلسة بسبب سفر رئيس المجلس عقيلة صالح إلى مصر، ولا حياة لنائبيه ولا لأعضاء المجلس التعيس الذي قال عنه المبعوث الأممي أنه تم انتخاب أعضاء مجلس النواب قبل 4 سنوات من قبل 15% من السكان. وأقول أنه لايزال مترمما على دولة منكوبه بهم.

مجلس الأمن الممثل لأكثر من خمسة عشرة دولة منها خمس دول عظمى كسلطة دولية تهتم بشؤون بحقوق الإنسان لم يكن له مشكلة مع برلمانات العالم، ولم نسمع أنه ندد ببرلمان واحد، وكانت كل قضاياه العادلة متعارضة مع الحكومات الدكتاتورية مثل حكم باتستا وبوكاسا وبنوشيه، وصدام والأسد والقذافي و تشافيز وغيرهم. والسبب في ذلك أن الدكتاتور (الحاكم بأمر الله) يقيم ما يحلوا له دون حسيب أو رقيب ومعظمهم يتصفون بجنون العظمة، أما مجالس النواب فهم ممثلون للشعب أي من خيرة العقلاء الأوفيا، وهو ما عبر عنه الرسول في عدة أحاديث بتخريجات مختلفة ” أن لا تجتمع أمتي على ظلالة” والأمة يعني بها جمهور أو مجموعة من المسلمين وهو تفسير عقلي ونقلي؛ أن رأي الجماعة المسلمة يكون على صواب، وبذلك فإن مجلس النواب الليبي إما أن لا يوجد به مسلمون أو أن الحديث نقلا وعقلا يجانبه الصواب، ونحتاج إلى سنن أخرى تتماهى مع عبث ذلك المجلس. الجميع يعلم أن هذه الخزعبلات المدعومة إقليما لن تستمر إلى الأبد وستنتهي في يوم ما إلى غير رجعة وسيكتب التاريخ عن تعاسة المواطنين المخطط لها إقليما والذي يتم تنفيذه بأيدي نشك في إنتمائها إلى هذا الوطن.

أردف سلامة يقول أن «الشعب الليبي اتخذ قراراً واضحاً حول كيف ينبغي أن يحدث هذا التغيير – من خلال الانتخابات» مؤكدًا أن ذلك «قد انعكس بشكل واسع أثناء مشاورات الملتقى الوطني».موضحًا أنه «لكي يتم إجراء الانتخابات هناك شروط يجب توفرها. سوف تتطلب جهدًا كبيراً لتحقيقها، لكنها قابلة للتحقيق.

بالمقابل نرى أن المجلس الرئاسي ممثلا  في رئيسه قد إنتقلت له عدوى مجلس النواب، وإستطاب الشهرة ونعومة الكراسي، فلجاء إلى إجراءات نكوصية للمحافظة على كرسيه في بلد ينهار (إنه الإستمتاع بنسيم البحر ووجبة غذاء على ظهر سفينة تيتانك المهددة بالغرق)، فهو رئيس المجلس الرئاسي، ورئيس الوزراء، ورئيس لجنة الأزمة، ورئيس لجنة الكهرباء، وأخيرا وزير الدفاع!!! وفي كل يوم تتهاوى أركان الدولة من مشاكل إقتصادية إلى معضلات أمنية إلى فساد مباح على روؤس الأشهاد، لم يستطيع المجلس الرئاسي ذو الايدي المرتعشة أن يتقدم قيد أنمله في أي مجال سوى في نقص السيولة وزيادة الأسعار وعدم القدرة على إصدار أي قرار تعالج به المختنقات اليومية رغم إستمرار دخل الدولة من ريع النفط، فهو مجلس عاجز حتى النخاع، وفي النهاية هو مجلس مؤقت قدم إلى المشهد الليبي بالتعيين،  “فليس مستغربًا أن الليبيين يرغبون بتغيير قيادتهم السياسية”.

أخيرا مسألة إتفاق المجموعات المتقاتلة بالزاوية، وهو إجتماع مهم لوقف إطلاق النار، ولكن ماذا بعد؟ فالسواتر لا زالت ترتفع إلى عنان السماء في مشروع الهضبة وشارع ولي العهد وصلاح الدين، والطريق الدائري الثالث، والطرق الرئيسية مغلقة مثل طريق المطار وطريق صلاح الدين وهما المذاخل الرئيسية للعاصمة (من خمسة مداخل يتيمة ) والإختراقات الأمنية تزداد، والتحالفات تتغير، فمثلا كيف إختفي اللواء 301 من المشهد وهو الذي كان حاميا لأمن جنوب طرابلس وبمهنية لفترة ثلاث سنوات (أي ما يقارب من 30% من محيط المدينة)، وكيف تحولت القوة المرابطة في المنطقة من بئر الغنم إلى الكريمية من مكانها وأصبح هذا الطريق لا حماية له مما ينبئ برجوع الحرابة به من المجموعات الخارجة عن القانون. وما فائدة تكدس أكثر من ثمانية مجموعات مسلحة داخل المدينة، ويقوم نفر من ألأفارقة بتفجير أهم مؤسسة في ليبيا وهي مؤسسة النفط وفي وضح النهار وفي وسط المدينة!!!، عن أي حماية وتخطيط ومهنية نتحدث.

الفاعلون والنفعيون  والمتربصون مغرمون بالتسويف في هذه الايام، وخطابهم إنحناء للعاصفة حتى تمر، ولكن الشعب يجب أن يقول كلمته من خلال الوقفات الإحتجاجية والمذاخلات الصحفية وفي البرامج الحوارية لرفض الوضع القائم والتحرك قدما إلى إنتخابات رئاسية وبرلمانية دون التفكير كثيرا في المسالة الدستورية، فدستور 1951 لم يحترمه الليبيون عند إنقلاب 1969م، واالإعلان الدستور للقذافي لم يحترمه هو ولا الشعب الليبي، والإعلان الدستوري سنة 2011 م تعرض لإنتهاكات وتعديلات تقترب من العشر.



جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا