تصريحات الرئيس التشادي ..إرهاصات الحرب القادمة! - عين ليبيا
من إعداد: د. عبيد الرقيق
تستوقفني دائما بعض حالات التهور الاجتماعي التي يصاب بها بعض الليبيين حين يعتقدون واهمون أنهم أحسن من غيرهم وكأنهم شعب الله المختار! ويذهب بهم الشطط العنادي حدا يحتقرون فيه الآخرين فيتعالون عنهم ويوصفونهم بأوصاف دونية غير مبررة على المستوى القيمي والأخلاقي والإنساني! تلك وللأسف حالة مرض اجتماعي يصيب بعض الليبيين فيعيشون حالة وهم غريبة! في كثير الأحيان لا يتورع الليبيون المصابون بمرض الوهم ذاك من ضرب الأمثال في الدونيَة والاحتقار بالفرد التشادي او الباكستاني او المصري او التونسي!…الخ. فمن منا لم يطرق سمعه يوما قول احد المرضى الواهمين وهو يتحدث في الإعلام مثلا يشتكي حكومته قائلا بكل صفاقة “يحسبو فينا “تشادية” او “توانسة” او “باكستان”…الخ!
لأولئك الواهمون أقول ان الاستهزاء بخلق الله ليس إلا شيمة الدهماء الذين لا خلاق لهم ولا حياء, ولأولئك أقول: ان من تصفونهم بالدونيَة وتحقرونهم, قد يأتي اليوم الذي يكونون فيه أسيادكم وانتم العبيد! ستندمون على كل قول او فعل ارتكبتموه تطاولا وكبرا على أولئك البسطاء الذين قدموا إليكم بحثا عن لقمة عيش بعرق الجبين وشدة الساعد. هؤلاء البسطاء الفقراء الذين تصوَرهم مخيلتكم القاصرة بأنهم حقراء وتصنفونهم في الدرجات السفلى, هم في واقع الأمر اعز منكم وأقدر على صنع الحياة التي تعجزون حتى على مواكبتها فتموتون كمدا والما نتيجة خمولكم والكسل وقلة الحياء!
استحضرت هذه المقدمة لألفت انتباه من تبقى له ضمير من الليبيين إلى ان يتأملون فيما حولهم بحضور عقلي وإدراكي ويسلبون عنهم عباءة الأنانية وحب الذات وتحقير الآخرين, فينظرون إلى أنفسهم في المرآة عراة, ليتبيَنوا سوءاتهم لعلهم يحاولون من بعد سترها بما يليق فالظروف المحيطة بليبيا اليوم غير عادية وصعبة جدا وتهدد بالخطر القادم من كل الجهات! ليبيا اليوم فريسة سهلة ولقمة سائغة لكل من يطمع وما أكثر الطامعين فهل يفهم الواهمون؟! ليبيا يا سادة في خطر وأي خطر, ليبيا ألا تعترفون أنها اليوم اقل من شبه دولة وأنها عاجزة عن حماية نفسها وتحصين حدودها, فلا جيش يصون الحدود ولاحتى شرطة! الواهمون الذين يعتقدون ان ليبيا يمكن حمايتها بأسلحة الميليشيات التي هي مضادات طيران فشلت حتى في اسقاط طائرة واحدة من طائرات الناتو!! طيلة ستة أشهر!! الواهمون لا يدركون ان تشاد الجارة الجنوبية تملك جيشا منظما يتسلح بأسلحة فرنسية متطورة عن خردواتهم من الميم طاء وغيرها! الواهمون لا يدركون انه بإمكان الجيش التشادي احتلال الجنوب الليبي في أيام وانه بإمكانه الوصول إلى العاصمة خلال أسابيع! الواهمون لن يستفيقوا من سباتهم العميق وسيعاندون كعادتهم بان ذلك من المستحيل ويقولون في تهكم “معقولة يحتلونا التشاديون” !!
أقول لأولئك الواهمون سواء من العامة او ممن يتقلدون المناصب الآن, ستفاجئكم الأحداث بما هو عصي على فهمكم وتفكيركم الساذج وستبهركم الحقيقة الساطعة حين يجرفكم الطوفان القادم من الجنوب ومن كل الجيران الذين عيونهم على كعكة ليبيا المهملة المستباحة, وستفهمون بعد فوات الأوان لماذا طالبنا ونطالب بتفعيل الجيش الليبي عبر عودة كل أفراده السابقين الى معسكراتهم لا إقصائهم وإبعادهم! لقد قلنا ونقول انه لامستقبل لليبيا الا بتلاحم كل أبنائها دون تمييز وان الذي يصر على تقسيم الشعب الليبي ليس وطنيا ولا تهمه مصلحة الوطن. ليبيا أحببتم ام كرهتم لن تقوم لها قائمة كدولة ذات سيادة الا بوحدة شعبها وتظافر جهوده, ليبيا لن تحمي حماها وحدودها منطقة واحدة او اثنتين.. قبيلة او قبيلتين! ليبيا لا يصون أمنها وحدودها الا كل الليبيين وتلك هي دروس التاريخ! النيابة قد تكون في كل شيء الا في الدفاع والموت!!
بقى أن اذكر بأن تصريحات الرئيس التشادي لها ما بعدها وأنها تدق ناقوس الخطر القادم من الجنوب فهل يعي الساسة؟! هل يستذكر الشعب والساسة في ليبيا ما فعله القذافي بحماقاته عندما هاجم تشاد ووصلت القوات المسلحة الليبية الى العاصمة التشادية نجامينا ! ان نسى الليبيون ذلك, فالتشاديون قد لا ينسون ولذلك قد يتحينون الفرصة , وبالحسابات العسكرية التي يفهمها التشاديون وغيرهم من الجيران, ليبيا اليوم الحلقة الأضعف والأقرب استهدافا بالاحتلال خصوصا بالنظر إلى حالة الانقسام التي يعيشها الشعب الليبي ويحاول الساسة من الحمقى تكريسها, حين يقفون بالمرصاد لكل الدعوات الوطنية المخلصة التي تطالبهم بإعادة إدماج أفراد الجيش السابق وبناء الجيش الليبي على أسس فنية وطنية صرفة. المعركة مع تشاد قادمة لا محالة فان لم تكن بقوة السلاح ستكون بقوة السياسة التي ستضغط في اتجاه تقديم تعويضات مالية كبيرة لتشاد وهو ما صرح به الرئيس التشادي فيما يتعلق بملايين الألغام التي زرعتها ليبيا في تشاد حسب قوله. تلك التعويضات سترهق ليبيا اقتصاديا وماليا لمدة طويلة وفي نفس الوقت سيكون ذلك على حساب طموح الشعب في التغيير إلى الأفضل, وهو ما سينعكس سلبا على الحالة الاقتصادية والاجتماعية للشعب الليبي!
جميع الحقوق محفوظة © 2025 عين ليبيا