تصفية زعيم القاعدة.. هل هي رافعة سياسية؟ - عين ليبيا

من إعداد: فاضل بن عاشور

المقدمة

هل تُشكل عملية تصفية زعيم القاعدة أيمن الظواهري رافعة سياسية لشعبية الرئيس الأمريكي بايدن والحزب الديمقراطي في داخل الولايات المتحدة الأمريكية؟ وهل يمكن اعتبارها تعويضا عن الفشل الذريع الذي مُنيت به الإدارة الأمريكية في عملية الانسحاب المرتبك من أفغانستان؟ هل تعد زيارة بيلوسي رئيسة مجلس النواب الأمريكي إلى تايوان مظاهرة دبلوماسية لاستعراض القوة الأمريكية؟ وما هو الهدف الاستراتيجي من ورائها في ظل التصعيد والتوتر في العلاقات الأمريكية – الصينية الروسية؟.

تواجه إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن جملة من التحديات في تعاطيها مع قضايا السياسة الدولية والإقليمية والتي تتمثل في السياسات والاستراتيجيات غير المتوازنة التي تنتهجها الإدارة الأمريكية في مواجهة الأزمات الجيوسياسية والاقتصادية في مناطق عديدة من العالم. والتي قد انعكست سلباً – إلى جانب قضايا أخرى داخلية – على شعبية الرئيس جو بايدن والحزب الديمقراطي طبقا لاستطلاعات الرأي العام.

لقد اتسمت سياسات إدارة الرئيس بايدن وكذلك أهدافها الجيوسياسية والأمنية بالتضارب أحيانا والتناقض أحيانا أخرى والتخبط والارتباك في كثير من الأحيان، وقد بدأ ذلك واضحا في علاقاتها غير المستقرة مع دول الشرق الأوسط خاصة دول الخليج وعلى رأسها السعودية والإمارات، وعلاقاتها المرتبكة مع نظام السيسي في مصر، وعلاقاتها المتوترة مع إيران وموقفها المتردد من الملف النووي الإيراني، وتراجع دورها في كل من العراق وسوريا وليبيا. مع ذلك فإن التحديات والمخاطر الاستراتيجية الكبرى التي تواجهها إدارة الرئيس جو بايدن تتمثل في التصعيد والتوتر الخطير والمتزامن الذي تشهده علاقات الولايات المتحدة الأمريكية مع الدولتين العظمتين روسيا والصين، وكوريا الشمالية وإيران، والذي يُهدد باحتمال إشعال فتيل حرب غير محدودة بينها.

كما اتسمت سياسات إدارة الرئيس بايدن الخارجية في علاقاتها مع شركائها وحلفائها الأوروبيين وغيرهم، بغياب التنسيق والتعاون والتشاور خاصة في إطار السياسات المتعلقة بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا والعلاقات مع الصين.

بصفة عامة يمكن القول إن تعاطي إدارة بايدن مع قضايا السياسة الدولية والإقليمية جاء بشكل أو بآخر بعيدا كل البعد عن الالتزامات والأولويات والأهداف المعلنة من جانب مرشح الحزب الديمقراطي لانتخابات الرئاسة الأمريكية والرئيس المنتخب جو بايدن والتي كان على رأسها تحقيق الاستقرار الإقليمي وتقليص الوجود العسكري الأمريكي ونشر الديمقراطية ومكافحة الإرهاب.

رد الفعل الصيني (غير المرحب بالزيارة الاستفزازية لتايوان) من المفترض أن يكون موضوع دراسة معمقة من جانب مؤسسات صنع القرار في إدارة الرئيس بايدن، أي أن الرد الصيني “الأسوأ” يفترض أن يكون متوقعا باعتباره أحد الاحتمالات أو السيناريوهات المحتملة. السؤال الذي يفرض نفسه ما هي الأهداف الجيوستراتيجية الأمريكية من وراء هذه الزيارة “الاستفزازية” للصين في الوقت الذي تسعى فيه الدبلوماسية الأمريكية إلى تحييد الصين في حرب روسيا ضد أوكرانيا؟.

قد يكون محض صدفة أن الإعلان عن عملية تصفية زعيم القاعدة أيمن الظواهري قد تزامن مع أخبار زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي بيلوسي لتايوان وردود الفعل الصينية على تلك الزيارة “الاستفزازية” وزيادة حدة التوتر في العلاقات بين البلدين وفي المنطقة.

من جهة أخرى، عقب الإعلان عن عملية تصفية زعيم القاعدة أيمن الظواهري في مقر إقامته في أفغانستان لفتت وزارة الخارجية الأمريكية انتباه المواطنين لضرورة أخذ الحيطة خوفا من تعرضهم لعمليات انتقامية من جانب القاعدة. أي أن هناك احتمالات لردود فعل انتقامية من جانب القاعدة والذي قد يكون “إجراء روتيني” في مثل هذه الحالات. لكن هل من مصلحة الولايات المتحدة أن توسع قاعدة التحديات والمخاطر في هذا التوقيت غير المناسب في ظل الحرب القائمة في قلب أوروبا؟.



جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا