تطلعات الليبيين واخفاقات الحكومة والمؤتمر مستمرة - عين ليبيا

من إعداد: د. ناجي بركات

كل الشعوب تتطلع الى الحرية وتشتاق ان تعيش لحظتها وتنعم بها. الشعب الليبي عاش لحظات الحرية من يوم 17 فبراير الى 30 نوفمبر 2011م وعندما استلمت حكومة الكيب الدولة من المكتب التنفيذي واستمرارية المجلس الوطني الانتقالي بدأت نواقيس الخطر على هذه الحرية تتلاشى. لقد عشنا تلك الايام وكلنا امل بأن تصل ليبيا الى بر الامان ومازال هذا الامل وحتي وان طالت المدة. لقد مات القذافي ولكن لم تتحرر عقول الناس من ثقافة عهد المقبور. لقد كنا خائفين من الحرب الاهلية ولكنها لم تحدث وكنا خائفين من تقسيم البلاد ولكن هذا لن يحدث وكنا خائفين بأن الثورة ستسرق وفعلا سرقت وضاع امل الليبيين في الحرية .

الان نتطلع ليوم كامل بدون انقطاع كهرباء او الانترنت او المياه. نتطلع بأن نذهب الى مستشفى ونجد به العلاج الكافي والاستقبال الجيد. نتطلع بأن نسير في الشوارع نحن وبناتنا وأطفالنا ، دون خوف عليهم من عديمي الاخلاق والذين في كل مكان. نتطلع اليوم بأن نخرج ونزور اهالينا في مناطقنا وأصدقائنا في المدن الأخرى ولكن لا نستطيع. نتطلع ان نذهب الى بنغازي بالسيارة ولكن نخاف ان يتطاول علينا من يحرسون بوابات المدن. كل هذا يحدث اليوم ولا الحكومة ولا المؤتمر لديهم حلول رغم انهم قاربوا على نهاية مدتهم وهي 18 شهرا. لا نلومهم كثيرا ولكن نلومهم بأنهم لا يقولون في الحقائق وتركوا ليبيا واستقروا في طرابلس ودعوا المليشيات لتحميهم ونسو بأن في ليبيا هنالك بنغازي مهد الثورة والبيضاء والتي سقط بها اول شهيد وغريان ولتي تحررت برجالها وسبها بعيدة عن الانظار والزاوية بميدان شهدائها الاغر وزوارة بصمودها ضد الدجال. هكذا نست الحكومة والمؤتمر ليبيا وتمركزوا في العاصمة ويرسخون في المركزية اللعينة وعاد الصوص للعاصمة وعاد المتسلقين للعاصمة ومعهم حكومتنا ومؤتمرنا يحرسهم وبكل فخر.

نتطلع كل يوم الى ان نسمع خبر يفرحنا عن ليبيا ولكن للأسف لا يوجد. اليوم قلت لا اريد ان اتصفح الاخبار ولا اريد قراءة اخبار ليبيا ولا مشاهدة الاخبار علي القنوات. حوالي الساعة الواحدة بعد الظهر اتصلت بمجلس التخصصات لمتابعة رسالة تحويل المبلغ المالي الى كلية طب الاطفال بلندن، فوجئت بأن الرسالة مازالت نائمة بالمالية ولا احد يعير اهتماما علما ان نتيجة ممن تقدموا للامتحان جاهزة مند اربعة اسابيع وتكليف الامتحان سددت من قبل الطلبة قبل 3 شهور. تكلمت مع وكيل وزارة المالية عدة مرات ومع مصرف ليبيا المركزي وكلهم يقولون لم نري اي رسالة. الذي استلم الرسالة بالمالية نائم عليها.. لقد تأسفت لهذا العمل الاجرامي وهذه الادارة الفاسدة وان هنالك 43 طبيب يعلم الله بحالهم ولهم كل الحق ان يرفعوا دعوة ضد هؤلاء الفاشلين اداريا. بعدها وعدوني اليوم ان الامور سيتم تسويتها قبل نهاية الاسبوع.. بعدها سمعت ان الرواتب بوطني لن تصرف لأنه لا توجد سيوله لأن تصدير النفط وصل الى اقل المستويات نتيجة مزاعم المليشيات بحمايته من السرقة ومن سيطرة الاخوان عليه. مؤامرات ودسائس تحاك ضد هذا الشعب والذي مازال يتطلع الى ذلك اليوم ويرى فيه رحيل هذه المليشيات. وكل من لديه قروش دسهم خوفا من دخول البلاد حقبة الفوضى العارمة. النفط في الحضيض والكهرباء في أسوء حال ومن هو المتضرر. انه المواطن الغلبان. هل من حل لهذا المواطن المسكين والذي اصبح يطارد من مكان الي مكان

لقد وقع وزير التعليم العالي والبحث العلمي علي قرار إيفاد اكثر من 5000 تائر للدراسة بالخارج. هذا قرار مفروض وقعه نعيم الغرياني والكيب العطيب. اذا هم من الثوار الحقيقيون، فعلا يستحقون هذا ولهم الاولوية. طريقة الاختيار يجب ان تكون حسب المعايير وكل حسب تخصصه ورغبته. الذي لا يريد التخصص فهذا هو اختياره. ليبيا تريد مكافأة هؤلاء وهو شيء جميل ونتمنى ان تكافي ممن اشتغلوا بالمستشفيات في ليبيا وخاصة من كانوا علي الجبهات وهؤلاء هم من انقذ المئات من الثوار واسعفوا العشرات. كذلك لا ننسي من كانوا بالمستشفيات العامة وهم يسهرون علي أداء الخدمات للمواطنين. هم ثوار ويجب ان يعطوا الفرصة كذلك.. اذا لا يمكن ارسالهم ويمكن توفير تدريبهم بالداخل، هذا شيء جميل ولكن يجب ان لا نهملهم ويجب ان نعترف بهم وبما قدموه وخاصة ممن اشتغلوا بقطاع الصحة

لقد قامت بعض القبائل بالاجتماع واصدار بيانات وكلها تريد من الحكومة الرحيل وفي اقرب وقت. ليس هنالك أي مفر من الامر الواقع وهو الرجوع للقبلية والقبيلة في بعض الاحيان ولكن هذه الايام في ليبيا اصبح واقع ينادي به الليبيون.. الدنيا والعالم يتحضر يوم بعد يوم ونحن نتراجع للوراء ونبحت عن من يحل مشاكلنا ونذهب بعيدا للقبيلة. اليوم ليبيا من شرقها الى غربها تتجه للقبيلة ولا يفوت اسبوع الا ويجتمع رؤوس القبائل سوء بالشرق او بالغرب ويصدرون بيانات كلها للمحافظة علي وحدة ليبيا ونبد العنف وابعاد المليشيات وتحدير الحكومة والمؤتمر على ادائهم الضعيف. من يقوم بحسم ما يجري في ليبيا هذه الايام يمكن ان تقوم به القبائل ويمكن ان لا تقوم به القبائل. لقد اعجبني كلام قبيلة العواقير وهي طلبات شرعية وكل ليبي يطمح ان يراها قد تحققت يوما. لكن ما يجري هذه الايام والصراع الرهيب بين مختلف القوي السياسية والقبلية والجهوية والعرقية، اصبح يندر بأن القبيلة لا يمكن ان تحل محل الحوار الوطني الشامل والذي يشمل القبيلة كعنصر اساسي في هذا لحوار

المؤتمر الوطني العام ولجانه في اجتماعات مستمرة واليوم قالوا انهم يريدون المؤتمر يجتمع يوميا ويناقش الوضع الامني بليبيا. اجتماعات واجتماعات عن الاوضاع الامنية في ليبيا الحبيبة. لقد سائمنا هذه الاجتماعات وكما يقول المثل “تمخض الجمل فولد فأر”. مدن الشرق الليبي منسية تماما ولا تمثيل للحكومة بها والقبائل تندد وتجتمع ولا حول ولا قوة لهم وحالها حال الجنوب ومدن الجبل الغربي. ان تجاهل الحكومة للمنطقة الشرقية والتركيز علي العاصمة وبسط السلطة منها يذكرنا بالمقبور وكيف كان يسيطر علي البلاد. كل هذا سيؤدي الى عواقب وخيمة جدا. السيد رئيس الوزراء يجب ان يقوم بالبقاء ولو اسبوع في المنطقة الشرقية ومثله في الجنوبية ومثله في الجبل الغربي. معروف ومن زمان ان بعض المناطق مثل مناطق الجبل الغربي وترهونة وورشفانه والزاوية وبني وليد وبنغازي والبيضاء وطبرق وسبها ومصراته، لها تاريخ مشرف في تحرير ليبيا وهي بوابة العاصمة. طرابلس هي العاصمة ومن حرر ليبيا ايام الطليان هي هذه المناطق وهم من قالوا كلمتهم. العاصمة خليط من كل مدن ليبيا ومن بها دائما يرجعون الى مدنهم في الولاء واهل طرابلس الاصليين قليلون.

يكفي اجتماعات ويكفي ضحك علي الناس وكما اعترفتم بأن ليبيا لا يوجد بها جيش ولا شرطة ولا قانون، فاعترفوا للشعب بانكم غير قادرين على تسير البلاد واطلبوا من الشعب ان يعينكم كما طلب السيسي من شعبه واعانه واندحر الاخوان الى الابد. يكفي وكفاية من الاجتماعات الهزلية والمسرحيات الفارغة والا هي بس مرضاة لضميركم بأنكم تعملون.. الشعب سيعتز بكم اذا طلبتم منه المساعدة والشعب هو سيد الشارع. راهوا مرارة الليبيين فاضت اكثر وخاصة هذه الايام لا كهرباء ولا رواتب ولا امن وانبطاح كامل لمليشيات ومصداقية فقدت. لم يبقي الا شيء واحد لأعضاء المؤتمر وهو… لا اريد كتابته؟

نتطلع الي يوم مشرق وفيه نري اطفالنا واطفال ليبيا يستعدون لعام دراسي جديد ونقول هل سيكون لهم مستقبل في ليبيا والتي بدأت تتبخر وتتلاشي يوما بعد يوم. الشباب يرحل عن هذا الوطن ومنهم من بداء في تقديم اللجوء السياسي كما كنا نفعل في الثمانيات. لقد تحطمت تطلعاتنا بأن نري هذا الوطن قوي وعزيز ولكن الجبناء افقدوه عزته والان يحاولون ادلاله. الان كل واحد يلوم في الاخر ويبتعد عن المشهد السياسي وترك الساحة للمتسلقين والجبناء وانهم كثيرون هذه الايام وهم من يمسك في مفاصل الدولة. لم نراهم ايامات التحرير ولم نسمع عنهم وهم الان من يتهم في قادة هذه الثورة بالفساد ويعرقلون كل ما هو مفيد لهذا الوطن. لا تهمهم ليبيا بقدر ما يهمهم المنصب اللعين ولعنة الله عليهم اجمعين. الوطني غالي ولا يمكن ان يباع رخيص لهؤلاء المفسدين ومن يراهن على الشعب الليبي سينتصر بعون الله والخزي والعار للجبناء من المتسلقين ومن كانوا غائبين ايامات الثورة.

ليبيا حرة وستبقي حرة بعون الله



جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا