تقرير لـ«هيومن رايتس ووتش»: المهاجرون الإثيوبيون يواجهون ظروف احتجاز مُسيئة في السعودية

أعادت السعودية قسرا ودون اتباع الإجراءات اللازمة مئات آلاف الإثيوبيين. [AFP]
قالت منظمة مراقبة حقوق الإنسان “هيومن رايتس ووتش” الخميس، إن الإثيوبيين الذين يخوضون الرحلة الخطرة بالقوارب عبر البحر الأحمر وخليج عدن يواجهون خطر الاستغلال والتعذيب في اليمن، على يد شبكة من مجموعات الاتجار بالبشر.

وأشارت المنظمة في تقريرها إلى مواجهة المهاجرين الإثيوبيين ظروف احتجاز مسيئة في السعودية، قبل ترحيلهم قسرا دون اتباع الإجراءات الواجبة إلى أديس أبابا.

وبحسب التقرير فإن السلطات في إثيوبيا أو اليمن أو السعودية، لم تتخذ أي تدابير تُذكر إن وُجدت للحد من العنف الذي يواجهه المهاجرون، أو فرض إجراءات لطلب اللجوء، أو التحقق من الانتهاكات التي ترتكبها قوات الأمن التابعة لها.

وأرجعت المنظمة الأسباب التي دفعت بمئات آلاف الإثيوبيين إلى الهجرة على مدار العقد الماضي، إلى مجموعة من العوامل، تشمل البطالة والمصاعب الاقتصادية الأخرى والجفاف وانتهاكات حقوق الإنسان، حيث قاموا بالسفر بالقوارب عبر البحر الأحمر ثم برا عبر اليمن، إلى السعودية.

ونوهت بأن السعودية ودول الخليج المجاورة لها هي دول مهجر مفضلة نظرًا إلى توفر فرص العمل فيها، وتسافر الغالبية بصورة غير نظامية ويفتقرون إلى الوضع القانوني لدى وصولهم إلى المملكة.

من جانبه قال الباحث الأول المعني بأفريقيا في “هيومن رايتس ووتش” فيلكس هون:

الكثير من الإثيوبيين الذين كانوا يأملون في حياة أفضل في السعودية يواجهون مخاطر هائلة في الرحلة إليها، منها الموت في البحر، والتعذيب، وكافة صنوف الانتهاكات. ينبغي للحكومة الإثيوبية، بدعم من شركائها الدوليين، أن تدعم العائدين إلى إثيوبيا والذين ليس معهم إلا ما يرتدون من ثياب، ولا يعرفون إلى من يلجؤون لطلب العون.

وقامت المنظمة بمقابلة 12 إثيوبيا في أديس أبابا رُحِّلوا من السعودية من ديسمبر/كانون الأول 2018 إلى مايو/أيار 2019، كما قابلت عاملين بمنظمات إنسانية ودبلوماسيين معنيين بالقضايا المتصلة بهجرة الإثيوبيين.

هذا وقدرت المنظمة الدولية للهجرة أن ما يناهز 500 ألف إثيوبي كانوا في السعودية عندما بدأت الحكومة السعودية حملة الترحيلات في نوفمبر/تشرين الثاني 2017.

واعتقلت السلطات السعودية ولاحقت قضائيا ورحّلت أجانب خالفوا نظم العمل والإقامة، وكذلك من عبروا الحدود بصورة غير نظامية، نحو 260 ألف إثيوبي أي 10 آلاف شهريا في المتوسط  رُحِّلوا من المملكة إلى إثيوبيا بين مايو/أيار 2017 ومارس/آذار 2019، بحسب المنظمة الدولية للهجرة، والترحيلات مستمرة.

من جهتها أعلنت وزارة الداخلية السعودية عبر “تويتر” في 2 أغسطس/آب الجاري أنها أوقفت 3.6 مليون شخص، بينهم 2.8 مليون على خلفية مخالفات لنظم الإقامة، و557 ألفا لمخالفة نظام العمل، و237 ألفا جراء مخالفات عبور الحدود، إضافة إلى المذكور، أوقفت السلطات 61,125 شخصا بتهمة عبور الحدود بصورة غير قانونية إلى المملكة، و51 بالمئة منهم إثيوبيين، وقد أحالت السلطات 895 ألف شخص للترحيل، بخلاف ما يتعلق بمن عبروا الحدود بصورة غير قانونية، فالأرقام المذكورة غير مقسمة بحسب الجنسية.

وأضاف التقرير:

هناك 11 شخصا من الـ12 الذين تمت مقابلتهم بعد ترحيلهم كانوا قد تعاملوا مع شبكات تهريب وإتجار بالبشر متصلة إقليميا بكل من إثيوبيا، وجيبوتي، وأرض الصومال، وأرض البونط، واليمن، والسعودية.

لجأ المهربون خارج إثيوبيا لا سيما في اليمن إلى استخدام العنف أو التهديد به لابتزاز فدية من أقارب المهاجرين أو الأشخاص الذين هم على اتصال بهم، بحسب من أجريت هيومن رايتس ووتش معهم المقابلات.

الشخص الـ12 كان يعمل في السعودية بصورة قانونية، لكن رُحِّل بعدما حاول مساعدة أخته التي وفدت إلى المملكة بصورة غير قانونية.

ووصف من أجرت المنظمة معهم مقابلات خوضهم رحلات عرضت حياتهم للخطر لمدة وصلت حتى 24 ساعة، عبر خليج عدن والبحر الأحمر لبلوغ اليمن، وفي أغلب الحالات كان العبور في قوارب مكتظة دون طعام أو ماء، مع منع المهربين المسلحين إياهم من الحركة في القوارب.

وقال أحد الرجال لـ”هيومن رايتس ووتش”:

هناك نحو 180 شخصا في القارب، ومات 25 منّا،، كان القارب في خطر، تتقاذفه الأمواج،، كان مكتظا بالركاب وعلى وشك الغرق، لكن الدلالين [الوسطاء] أمسكوا ببعض الأشخاص ورموا بهم في البحر، نحو 25 شخصا.

وقال من أجرت المنظمة معهم المقابلات إن المهربين قابلوهم وأسروهم لدى الوصول إلى اليمن.

وقال 5 إن المهربين اعتدوا عليهم بدنيا لابتزاز النقود من أقاربهم أو معارفهم في إثيوبيا أو الصومال، وفي حين كان يمنيون هم من يديرون المخيمات التي أُسر المهاجرون فيها، فإن أشخاصا إثيوبيين هم من ارتكبوا الانتهاكات في الأغلب، وفي حالات عديدة، قال الأقارب إنهم باعوا ممتلكات كالبيوت أو الأراضي لتحصيل نقود الفدية المطلوبة.

وبعد سداد الفدية للمهربين أو الهرب، يمضي المهاجرون في العادة شمالا إلى الحدود اليمنية-السعودية، فيعبرون مناطق ريفية وجبلية، وقال من أجريت معهم “هيومن رايتس ووتش” المقابلات إن حرس الحدود السعوديين أطلقوا عليهم النار فقتلوا وأصابوا الكثيرين من العابرين معهم، ورأوا جثثا في الدروب الحدودية، وسبق أن وثقت “هيومن رايتس ووتش” قيام حرس الحدود السعوديين بإطلاق النار على المهاجرين وقتلهم أثناء عبورهم الحدود، بحسب التقرير.

وقال رجل عمره 26 عاما:

كانت هناك جثث تتعفن على الحدود، تتحلل. كأنه قبر.

وقال 6 أشخاص ممن أجرت المنظمة معهم المقابلات إن شرطة الحدود السعودية أوقفتهم، في حين تمكن 5 من العبور لكن اعتُقلوا لاحقا.

ووصفوا ظروف السجن المسيئة في عدة منشآت احتجاز جنوبي المملكة، منها عدم كفاية الطعام وعدم ملائمة دورات المياه أو الرعاية الطبية؛ وتدهور مرافق الصرف الصحي؛ والازدحام؛ والتعرض للضرب على يد الحراس.

وتابعت “هيومن رايتس ووتش” في تقريرها تقول:

الطائرات التي تعيد المُرحَّلين من السعودية تصل إلى أديس أبابا عادة إما عند مبنى الطيران الداخلي أو مبنى الشحن بمطار بول الدولي.

تجري عدة منظمات إنسانية فحصا أوليا للتعرف على أكثر الحالات عرضة للخطر، مع ترك المُرحَّلين الآخرين دون مساعدة.

وقال عاملو إغاثة في إثيوبيا إن المُرحَّلين يصلون عادة دون أمتعة، أو نقود لشراء الطعام أو ركوب المواصلات، أو مأوى، ولدى الوصول، يحصلون على أقل القليل من المساعدة في التعامل مع إصاباتهم البدنية والنفسية، أو نقلهم إلى حيث يقطنون، والمكان في بعض الحالات يبعد مئات الكيلومترات عن أديس أبابا.

وعلمت “هيومن رايتس ووتش” أن قسما كبيرا من تمويل الهجرة الواردة من شركاء إثيوبيا في مجال التنمية مخصص لإدارة الهجرة على المسارات عبر القرن الأفريقي إلى أوروبا، ولمساعدة الإثيوبيين العائدين من أوروبا، مع توفر دعم ضئيل لمساعدة العائدين من السعودية.

وأضاف الباحث الأول المعني بأفريقيا في “هيومن رايتس ووتش” يقول:

أعادت السعودية قسرا ودون اتباع الإجراءات اللازمة مئات آلاف الإثيوبيين إلى أديس أبابا، والذين لم يحصّلوا خلال رحلتهم سوى الديون والصدمة.

ينبغي للسعودية أن تحمي المهاجرين على أراضيها والخاضعين لسيطرتها من خطر المهربين، وأن تضمن عدم تواطؤ موظفيها مع هؤلاء المجرمين، مع إمداد المهاجرين بفرصة الطعن في احتجازهم وترحيلهم.

اقترح تصحيحاً

اترك تعليقاً