تقشف قصير النظر على حساب الثقافة.. إغلاق المكتبات العامة يتزايد في بريطانيا - عين ليبيا

عواقب إغلاق المكتبات وخيمة على مستقبل المجتمعات المحلية. [إنترنت]

يعد إغلاق المكتبات لتوفير المال “واحدا من أكثر القرارات القصيرة النظر التي يمكن أن يتخذها المسؤولون العموميون”، بحسب بيان المؤتمر العالمي للمكتبات والمعلومات الذي انعقد نهاية أغسطس الماضي في العاصمة اليونانية أثينا.

ويعد المؤتمر الدولي السنوي أهم فعالية رائدة في قطاع خدمات المكتبات والمعلومات، حيث يجتمع أكثر من 3500 مشارك من أكثر من 120 دولة.

ومع ذلك يظهر المسح السنوي البريطاني أن التخفيضات الحادة في ميزانيات السلطات المحلية أدت إلى إغلاق 17% من فروع المكتبات، في بلد لطالما عرف بالمكتبات العامة العريقة.

وبسبب النقص الحاد في الموظفين والتمويل، أظهرت الأرقام أن إنجلترا وحدها أغلقت ما يقرب من 800 مكتبة منذ عام 2010 حتى العام الجاري، بحسب إفادة صحيفة الغادريان البريطانية.

وغالبا ما يُنظر إلى المكتبات على أنها هدف سهل لتقليص الدعم الحكومي، واعتبر بيان المؤتمر أن عواقب إغلاق المكتبات وخيمة على مستقبل المجتمعات المحلية.

وفي عام 2017، أظهرت التقديرات أن أكثر من 120 مكتبة أغلقت أبوابها في إنجلترا وويلز وأسكتلندا. ووجدت دراسة حديثة أجرتها مؤسسة كارنيغي أن الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاما في إنجلترا هم الفئة العمرية الأكثر استخداما للمكتبات، وما زال نصف الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و34 عاما يزورونها بانتظام، وفقا للدراسة.اعلان

ورغم الاعتقاد بأن الخدمات المكتبية تنتمي لزمن سابق وتعد من بقايا عصر انتهى بانتشار أجهزة القراءة الإلكترونية والهواتف الذكية، تعيد المكتبات الأكثر نجاحا تشكيل نفسها لتصبح مناسبة للقرن الحادي والعشرين.

ويأمل النشطاء في أن يؤدي النقاش العام حول الأزمة إلى الضغط على الحكومات لحماية نفقات المكتبات من التقليص، ويقول الخبراء إن التقشف يؤثر مباشرة على الفقراء بشكل خاص، فالمكتبات تلبي -بالدرجة الأولى- احتياجات الآباء والمسنين والعاطلين عن العمل الذين لا يستطيعون شراء الكتب.

تاريخ المكتبات العامة
وبدأت المكتبات العامة في العصور القديمة، وكانت معروفة وتستخدم من قبل اليونانيين والرومان وفي شمال أفريقيا والشرق الأوسط والعالم العربي والإسلامي، ومع ذلك لم تنشأ في أوروبا وأميركا حتى القرن الثامن عشر والتاسع عشر.

وفي الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا، بدأت المكتبات العامة بتبرع من العديد من الشخصيات مثل رجل الصناعة أندرو كارنيغي والمؤلف والعالم بنجامين فرانكلين الذي يعد من مؤسسي الولايات المتحدة، وآخرين من المحسنين وفاعلي الخير.

وأدرك كل من بنجامين فرانكلين وأندرو كارنيغي أن الكتب والمعرفة التي يحوزونها لا ينبغي أن تكون لأنفسهم فحسب، بل لخدمة الجمهور وأي شخص يريد أن يتعلم، وبسبب هذا الاعتقاد جعلوا الكتب متاحة لعامة الناس.

وعلى مدار التاريخ، تم تطوير مجموعات الكتب، وفي الوقت الحاضر وإلى جانب الكتب المطبوعة والمواد التقليدية، تقدم المكتبات العامة حاليا مجموعة واسعة من الوسائط والتقنيات الحديثة الأخرى، مثل تسجيلات الفيديو والكتب الصوتية والكتب الإلكترونية والأقراص المدمجة وغيرها.

وبالمثل، تحولت أدوار ومهام المكتبة العامة لتشمل القراءة الترفيهية إلى جانب القراءة المهنية والتعليم، وخاصة التعليم المستمر مدى الحياة وحتى الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية.

وعرفت الحضارات القديمة في بلاد الرافدين ومصر المكتبات العامة، وفي عصر الحضارة الإسلامية وجدت المكتبات العامة ملحقة بقصور الخلفاء وتابعة للمدارس والجوامع وفي الحواضر العربية الكبرى مثل بغداد ودمشق والقاهرة.



جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا