ثقافة الفساد عند جماعة الوفاق والكرامة - عين ليبيا

من إعداد: عمر الفيتوري السويحلي

للكلمات والمصطلحات حدود يُدركها العقل والمنطق ويتفاعل معها ويُدرك مميزاتها أو عيوبها إلا مصطلح الفساد في بلادنا فقد أذهل العقل وتجاوز المنطق وكل مألوف فالمصطلح في بلادنا تجاوز قدرة العقل على الفهم أو الإدراك وغابت بل واختبأت القيم والأخلاق من هول التضخم في مصطلح الفساد، فلم يحدث في كل الدول التي تشتهر بالفساد أن يخرج رموز الفساد في شرق البلاد وغربها ليشنوا حربا هوجاء على الفساد حسب فهمهم واستخدم مصطلحات يذهل عنها الأطهار في حديثهم عن الفساد.
من العجيب أننا أصبحنا نتعايش مع الفساد والفاسدين كأنه قدر محتوم بل ونُظهر لهم الاحترام بل وبعضنا يزكي المدير منهم ليكون وزير ويزكي سعادة الوزير المخضرم ليكون في مناصب ـرفع وأعلى فهو صاحب اللواء .
إن ثقافة الفساد في بلادنا أصبحت مقبولة كثقافة الزنا عند الغرب التي أصبحت تعد من الأمور العادية تحت عنوان الحب والحرية الشخصية.
لقد انقلبت المفاهيم في بلادنا حيت يوصف من يتولى منصب ولم يسرق بأنه غبي حيث أتيحت له الفرصة ولم يخدم على نفسه (لم يسرق)، فأطلقو مفاهيم جديدة باستخدام مصطلحات غريبة وعجيبة من قولهم (بأن الحلال ما حل بين يديك حتى وإن كان ليس من حقك، والحرام عندهم ما حرمت منه).
بكل العناوين انتشر الفساد وإن كنا لا ننكر وجوده ما قبل فبراير ولكن بعدها جاءنا عبر شخصيات سياسية التي سرقت مئات الدولارات في مختلف القطاعات وأمام مسمع ومرأى الأجهزة الرقابية.
لقد وصل الأمر لأحد الوزراء أن شرعن عملية العمولة واعتبارها حقا مشروعا واستمر الفسادين حتى وصل الأمر بأحد أعضاء المؤتمر الوطني العام سرقة 2 مليون بحجة النضال.
أما عن مخصصات الكورونا في شرق ليبيا وغربها فحدث وارفع الصوت وتحدث بكل ألفاظ الجاهلية فهم يستحقون ذلك.
وكما يقال فإن حاميها حراميها فالمجلس الرئاسي تحدث عنه ولا عجب وهو من أنكر على الفساد حدوده الضيقة وهم يسبحون في محيطات الفساد فهم آية وعجب من عجائب الله فكأنهم لم يدرسوا دينا ولم يسمعوا عن خلق قويم وهم المسؤولون عن كل ما يدور من معاناة الشعب من نقص في السيولة وانعدام الكهرباء فشغلهم الشاغل الحفاظ على مناصبهم ومزاياهم حتى على حساب معاناة شعبنا.
أين الرقابة الإدارية وأين هيئة الفساد وأين ديوان المحاسبة الذي امتنع عن إصدار تقريره السنوي؟ أين مكتب الادعاء ومن بيده إقامة الدعوى ضد الفاسدين فهم يتناولون مسكنات الفساد فلا يعقل أنهم عاجزون عن ممارسة صلاحياتهم ولا يستطيعوا محاصرة الفساد وحرصهم على الاستمرار في مناصبهم بل أصبحوا للأسف عناوين الفساد.
أما في الضفة الشرقية فحدث عن الفساد والفاسدين وربما ابن القائد البذر والذي لم تعلم له غزوة إلا على المصارف حيث كانت فاشلة إحداها في طرابلس وناجحة الأخرى بالمصرف المركزي ببنغازي والتي ذهبت بين محبرة المصرف المركزي وسيدها الذي يُمارس الفساد بأوراق مطبوعة عبثا، وجاء ابن القائد وتحدث في ساحة الفساد عن وزير المالية الذي حول أكثر من خمسين مليون دولار إلى تركيا وبأسعار السوق الموازية وكذلك لا ننسى ما يُعرف بالاستثمارات العسكرية.
الفساد في هذه الضفة تعاون عليه سعادة المستشار مع سفيره في أرض الحرمين والذي يُقيم اليوم بأرض الهاشميين وباقي مستشاريه من فك الودائع بمصر والأردن والسفر إلى أدغال أفريقيا وكذلك صفقات عصر الاقتصاد والذي طلب من مصنع الأسمنت خمسة ملايين دولار ليصدر شهادة السجل التجاري لهم وخلاصة القول أن كل الوزارات والمؤسسات وكل السفارات وكل المصارف من صغيرها في قرية إلى كبيرها في العاصمة لم يعد للطهارة والعفة والخلق فيها مكان بل وبعضهم مرتبط بعصابات الخطف وإفشاء أسرار العملاء (إلا من رحم ربي) كما صار بكل وظيفة في وطننا فاسد ومساعد له وصارت الحياة كلها فساد وكأن الحلال والعفة صار جرما في بلادنا.
لابد اليوم من وقفة جادة من كل المجتمع لتجريم الفاسدين والمرتشين ومقاطعتهم والتشهير بهم ونشر غسيلهم فذلك واجب على كل شريف.
لابد من نشر غسيل الفساد بالداخل والخارج ولابد أن تدور الدوائر عليهم يوما، ولابد أن يطال الحرام صحتهم وذرياتهم فنحن الجموع المسكينة المعذبة التي تقف عند المصارف بالساعات الطوال ومن لا نجد في رصيدنا شئ بعد تلك الساعات لأن مرتباتنا تأخرت، نحن الجموع التي تنتظر رجوع الكهرباء بعد ساعات طوال في العاصمة فحالنا يُحاكي ما حدث لسيدنا لوط عليه السلام في قريته الفاسدة عدوة الطهارة ((فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ ۖ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ (56)) فليس لنا اليوم إلا أن ندعو الله أن يلعن كل من سرق أموالنا وضيع مستقبلنا أن يجعله الله آية وعبرة وأن نراهم أذلاء في يد العدالة تُطبق عليهم آية الحرابة لأنهم يسعون في الأرض فساداً ((إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ)) وما ذلك على الله بعزيز.
وفي الختام نرى بلادنا تُدمر بأيدينا للأسف أمام أعين الجميع خاصة المجلس الرئاسي مجتمعًا الذي يتحمل المسؤولية القانونية والأخلاقية أمام الشعب الليبي وفي كل بقاع ليبيا باعتباره السلطة الشرعية التي فرط فيها بإعطاء فرصة للمتمرد على الشرعية حتى وصل إلى مشارف طرابلس لكن الشرفاء من أبناء شعبنا البطل الذي يؤمن بالدولة المدنية الديمقراطية أعطوه درساً في الشجاعة بدحر كتائبه وإفشال مشروعه لحكم ليبيا وإلى الأبد إن شاء الله.



جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا