حتى لا يتحول الحلم إلى كابوس - عين ليبيا
من إعداد: د. البدري الشريف
اصحابنا فى البرلمان و مجلس الرئاسة و مجلس الدولة قريبون جدا من الخروج من عنق الزجاجة و ربما ينطلقون مثل عفريت الجن الذى كان محبوسا فى الشيشة , و يقولون لنا شبيك لبيك يا شعبنا الليبى نحن بين يديك , ماذا تريد ؟ , و نحن كل ما نريده هو تطبيق الإتفاق السياسي لا أكثر و لا أقل .
الأمور رغم ما يبدوا من صعوبتها و رغم محاولات البعض اجهاض هذا الإتفاق السياسي الا انها فى الوقت الحاضر هى اقرب للحل و التحرك للأمام . لقد تعب الجميع , حتى الذين هوايتهم الجرى فى المارثون تعبوا . مراهنات كثيرة لخلط الأوراق سقطت, و لنقل بشكل واضح أن كثيرا من الشخصيات الجدلية و التى كان مراهنا عليها بأنها ستنسف الإتفاق فى اول فرصة اغراء لها بالسلطة و النفود انحازت للوطن . بالطبع ذلك لا يعنى أن هناك توافقا تاما مع هؤلاء او بينهم و لكن المهم أن نصل الى قناعة مشتركة بأن ليبيا ووحدتها هى البوصلة.
نعم هناك تطور فى مسار العملية السياسية رغم كل الصعوبات و العقبات , و يكفى ان ننظر كيف كان الحال منذ سنة مضت و كيف هو الآن . لم يكن اطراف الصراع يقبلون حينئد اللقاء و الحديث المباشر , و كانت الحوارات بينهم تجرى عن طريق الوسطاء , حتى وصلنا بقدرة قادر الى لقاءات حميمة بين اعضاء البرلمان و المؤتمر, بل و انشاء تحالفات جديدة بينهم ضد بعضهم . المحرضون متحفزون و يدفعون للصدام, و يحاولون تذكيرنا فى كل حين بما فعل هذا و ما فعل ذاك, و ماذا قال فلان و علان فى سابق الأيام . دائما يجروننا للماضى و يتعاملون و كأن الزمن ساكن لا يتحرك . ليعلم هؤلاء المحرضون بأنه فى زمن الفتن , ان كانوا حقا صادقين و مخلصين لوطنهم , كان عليهم ان يقولوا خيرا أو ليصمتوا ما داموا عاجزين عن طرح بدائل للحل . هذا لا يعنى مطلقا اننا ندعوا لنسيان الماضى أو تراكماته و احداثه و مظالمه , و لكن لذلك زمانه و مكانه و آلياته الخاصة , و التى تتم بها معالجة هذا الماضى الصعب و ذلك عند بدئنا فى تطبيق العدالة الإنتقالية المرتبطة ارتباطا وثيقا بالمصالحة الوطنية. أما الآن فعلينا ان ننظر للمستقبل القريب و البحت عما يحقق الوئام و الإستقرار لبلادنا والمضى فى بناء الدولة التى تجمعنا جميعا و دون أى استتناء .
الإتفاق السياسي بنى على مبدأ الشراكة فى السلطة الإنتقالية ,و هو امر اتبث جدواه فى حل النزاعات المسلحة فى العديد من البلدان التى شهدت حروبا اهلية, و بذلك فعلينا قبول كافة الأطراف التى شاركت فى الحوار و قبلته ووقعت عليه . الموضوع لا يتعلق بمشاعرنا و توجهاتنا و لكنه مسألة وطنية تتجاوز الخلافات الفكرية و الرؤى السياسية . بالطبع , متوقع أن قضايا عدة سيكون هناك جدل حولها , و اعتقد بأن هناك من الضمانات الكافية فى الإتفاق لكل طرف حتى لا يشعر أحد بالمغالبة لدرجة ربما تكون هذه الضمانات مبالغ فيها نوعا و لكن لا بأس طالما ان ذلك يهدف لتمتين الإتفاق .
لا معنى بعد الإتفاق ان يطعن أحد فى الشركاء الا وفق القانون وعند حدوث التجاوزات للإتفاق , و لكن غير ذلك فجميع المنضوين فى هذا الإتفاق هم شركاء و متساوون فى اهميتهم . الحديث الذى يقول به البعض نحو اقصاء بعض الأفراد او التنظيمات سواء من المجلس الرئاسى او من الحكومة بسبب مواقفهم السياسية , هو امر لا يخدم عملية السلام التى نسعى لتحقيقها و يتناقض اساسا مع روح الإتفاق السياسي الذى تأسس على مبدأ الشراكة فى الحوار و فى السلطة الإنتقالية . نحن تحكمنا المبادئ الحاكمة للإتفاق السياسي و هى المرجعية لحل أى خلاف فلا يجب ان ننجر الى اولئك الذين يحاولون دفعنا للوراء و علينا دعم الإتفاق لأنه يمثل خلاص ليبيا من الفوضى و بارقة الأمل لإعادة بناء الدولة الليبية .
دخول المجلس الرئاسي لطرابلس له اهمية كبيرة حيث انه عمليا يعنى اعلان انهاء حالة الحرب الأهلية التى اندلعت فى شهر يوليو 2014 و نتج عنها انقسام البلاد و هو انتصار للسلام و لليبيا كلها و ليس انتصارا لفريق على آحر.
لقد نتج عن الإتفاق السياسي 5 مؤسسات كل منها لها اختصاصاتها و التى حددها الإتفاق السياسي ,و هى الحوار السياسي, و مجلس الرئاسة , ,و مجلس الوزراء, و مجلس النواب , و المجلس الأعلى للدولة . المطلوب هو التعاون و التنسيق بين هذه المؤسسات فى تنفيد بنود الإتفاق السياسي و دعم السلام و حل أى اشكاليات تظهر اثناء التنفيد .
مجئ المجلس الرئاسى للعاصمة هو بداية لتطبيق الإتفاق السياسي على الأرض ,و مجلس الدولة يبدو انه جاهز رغم ما شاب بعض اجراءاته من خلل , و الآن المهمة بيد مجلس النواب الذى و للأسف لم يستطع حتى الآن من عقد جلسة لمنح الثقة للحكومة و تعديل الإعلان الدستورى . قد تكون لمجلس النواب بعض الملاحظات على تشكيل الحكومة و هذا حقه كسلطة تشريعيىة ,و لكن عليه القيام ياستحقاقاته الوطنية و الإسراع فى اتخاد ما يلزم لتنفيد الإتفاق و تيسير الأمور للمجلس الرئاسي و الحكومة للقيام بواجباتهم. الوقت لا يحتمل و ليبيا فى وضع بائس تحت وطئة تهديد الإنهيار الإقتصادى و الإرهاب .
جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا