حدث معي في منطقة ورشفانة - عين ليبيا

من إعداد: محمد علي المبروك

يوم الأربعاء 23 مارس 2016 م. كان الوقت عصرا عند الساعة الرابعة وكنت في منطقة طرابلس عندما انهالت علي عديد الاتصالات تحثني على العودة سريعا حيث مكان اقامتي الثاني بالمنطقة الغربية وقد أعلمتني هذه الاتصالات بحدوث اشتباكات في منطقة الطويبية بورشفانة وهى المنطقة التى أتسلل منها من المنطقة الغربية الى طرابلس وأخذت زمام سيارتي واندفعت بها محاولا اختراق الزمن علني اتجاوز مخاطر الاشتباكات الى مكان اقامتي الثاني.

الطريق من منطقة جنزور والى عند جسر 27 كم بدأت خالية الا قليلا من السيارات التى توتر سائقوها باستعجالهم في عبور الطريق، تخترق سيارتي كثافة الهواء الكاتمة لتشقه شقا تتوغل في باطنه، على الطريق تعدو منسحبة لتترك خلفها مسافة وتقطع أمامها مسافة حتى وصولي الى بوابة 27 كم، سألت شابا في البوابة، ماذا هناك في الطريق؟  فذكر لي ان هناك جبهة بعد منطقة الماية وعليه لابد من الانحراف باتجاه الزهراء ثم العزيزية ثم الطريق الغربي الى بئر الغنم.

وانطلقت من بعد البوابة لأنحرف بسيارتي من بعد جسر 27 كم باتجاه الزهراء وعند انعطافي كانت هناك سيارة نوع (بي. ام. دبليو. من النوع الصغير بدون لوحات رقمية) بها ثلاثة شبان صغار في السن، حاولوا محاولة مترددة اقفال الطريق على سيارتي وظننت ان الامر في ذلك هو سهوا او عدم انتباه في قيادة سيارتهم فتجاوزتهم بسيارتي ولكن عند عدوي بالسيارة في الطريق الموصلة الى الزهراء ادركت ان الامر خطير، حيث ظهرت ذات السيارة بمحاذاتي وحاولت اولا حصري بجانب الطريق حتى أتوقف وأدركت سريعا بأنهم لصوصا او مجرمين او ارسالية اجرامية مخصوصة بسبب كتاباتي لكن أدراكي التوقعي الاخير كان غريبا في داخل ورشفانة التى كتبت بما حدث فيها من معاناة ومآسي، ولم اجد في نفسي الا عزما في مواجهة هؤلاء بسيارتي فقمت بتوجيه جنب سيارتي الى سيارتهم قاصدا صدمهم فما كان منهم الا الابتعاد قليلا ثم أسرعوا الى الامام ليصبحوا امام السيارة محاولين إيقافي فأسرعت اليهم قاصدا صدمهم من الخلف ولكنهم كانوا اجبن من ان يوقفوني ففسحوا لي الطريق خوفا (حدث هذا الامر بجوار مصنع الأعلاف، الذي يملكه المهدي قداد).

وانطلقت بسيارتي وكانوا امامي يتحينون على ما بدأ فرصة لايقافي وأخذت جانب الطريق الأيمن اعدو بسرعة معتدلة وبقدر خطورة هذا الموقف بدأ الموقف في نفسي مسليا لانني امام لصوص او مجرمين حدثاء فيهم من الجبن والغباء ما يسلي وعلى ما بدأ جدد في عالم الجريمة فلا يتقنون اجرامهم وكان الغرض من سرعتي المعتدلة واتخاذي الجانب الأيمن من الطريق وتشغيلي اشارة الانعطاف اليمنى هو الإيهام والايحاء بأنني سوف انحرف من تقاطع الحشان باتجاه المعمورة وكان التقاطع امامي وانحرف اللصوص او المجرمين بسيارتهم من تقاطع الحشان الى اتجاه المعمورة وركنوا سيارتهم عند التقاطع انتظارا لانحرافي  وذهب عليهم إيهامي وكنت متجها اماما الى الزهراء وتجاوزتهم من بعدما ركنوا سيارتهم في التقاطع عابرا الطريق نحو مدخل الزهراء واعتقد انهم ادركوا ماعادوا يستطيعون اللحاق وان اللحاق بي اصبح اكثر خطورة عليهم لان أمامهم بوابة للشرطة العسكرية عند المدخل الشرقي لمدينة الزهراء لهذا تجاوزتهم وقد خيبت مسعاهم الاجرامي وضحكت في نفسي وانا أتصور الخيبة على وجوه هؤلاء المجرمين والعجز الذي ادخلتهم فيه من اقتراف جريمتهم وبرابطة عصبية هادئة.

واتجهت من مدخل الزهراء الشرقي الى جنوب ورشفانة لانني اعرف طريقا كنت قد تسللت منها سابقا الى منطقة بئر الغنم ثم الطريق الساحلي بالزاوية والى المنطقة الغربية ، تعدو سيارتي صوب جنوب ورشفانة عبر الطريق الطويل الممتد طولا كأنه مجرى نهر متجمد تغير لونه بالطمي وعوالق الاشجار فأصبح أصهبا في لونه، أصوب انظاري نحو الطرق الفرعية والمباني حتى استوضح في ذهني الطريق التى تسللت منها ذات مرة ولكن معالم الطريق غابت عن ذهني وما عدت أتذكره حتى ركنت سيارتي بجوار محل ألبان خرج منه رجل متجه الى  سيارته وسألته على الطريق فدلني عليه ثم تدارك واقترح علي ان اتبعه بسيارته حتى يوصلني الى الطريق، تقدم امامي وانجررت خلفه بسيارتي اتبعه اخترق من خلفه طريقا شبه خالية يحاذيها أراض زراعية تفتحت ببهجة أشكالا وأمثالا من الزروع والاشجار اثارت في انبهار تجذب فتنتها ابصاري نحوها وأرمق الرجل الذي اتبعه رمقا وحسب حتى لا أضيعه حتى توقف الرجل امام طريق ترابية غير معبدة وتوقفت خلفه ودلني على قطع الطريق الترابية حتى اصل الى الطريق المعبدة ثم الطريق الساحلي.

كان الرجل من عائلة (ابوخشيم) بورشفانة وعلمت ذلك بعد ان اردت التعارف اليه قبل افتراقنا، واندفعت بسيارتي عبر الطريق الترابية والتى تتبدل حينا ترابا متماسك وحينا رمال غارقة حتى توقعت بأن اطارات السيارة ستغرق في الرمال الا ان سيارتي اجتازت الرمال حتى وصلت الى الطريق المعبدة، وبلغت مأمني.

صورتان متناقضتان متضادتان حدثا في ساعة ونصف وانا اعبر ورشفانة قدمتهما منطقة ورشفانة وهما صورة قطاع الطرق وصورة شرفاء ورشفانة الذين يدلون ويعبرون بعابر السبيل الى مأمنه، وهذا شأن كل منطقة ليبية قد تجدون فيها المجرمين الاشرار وستجدون فيها الشرفاء الاخيار فالخير والشر معا تجدونه على السطح في كل مناطق ليبيا و يظهران بالتوازي في ليبيا وباقي التعليق لكم.

 



جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا