حقوق الأقليات تظهر على لسان روحاني وتختفي في إيران - عين ليبيا

روحاني يتحدث شعرا: القوميات مثل زهور في بستان واحد
روحاني يتحدث شعرا: القوميات مثل زهور في بستان واحد

يرى متابعون للشأن الإيراني أن ملف القوميات (فارسية، تركية، أذرية، تركمانية، بلوشية، كردية وعربية) بصدد التحول إلى قنبلة موقوتة إذا استمرت سياسة التهميش في عهد الرئيس المعتدل حسن روحاني.

وقالوا إن هذا الملف قد يساهم في تفكيك الجمهورية الإسلامية وإسقاط نظامها من الداخل إذا لم يُعالج على أساس واقعي والاعتراف بها ضِمن إطار الدستور الذي أقرها وأيّد الحقوق القومية للشعوب الإيرانية المختلفة.

وحذر روحاني نفسه يوم الاثنين وزراء حكومته خصوصاً الداخلية من مغبة ممارسة التمييز العرقي أو الطائفي تجاه المواطنين الإيرانيين بشتى اختلافاتهم العرقية والدينية، لكنه تجاهل الحديث عن تفعيل المادتين 15 و 19 من الدستور اللتين تنصّان على حقوق القوميات غير الفارسيّة في الدراسة والتحدث بلغاتها الأصليّة.

وتشكل القوميات غير الفارسية أغلبية السكان في إيران وقد تعهد روحاني خلال حملته الانتخابية بإنصافها واختار لوزارة الاستخبارات محمود علوي وهو من العرب الأهوازيين.

وجاء تحذير روحاني أثناء مراسم تسلم وزير الداخلية الجديد عبد الرضا رحماني فضلي المحسوب على التيار الأصولي مهامه، قائلا “لا يحق لأي وزير في حكومتي خصوصاً وزير الداخلية التمييز بين القوميات والديانات والمذاهب الرسمية في البلاد في إعطاء حق المواطنة لأن الجميع لديهم نفس الحقوق، ولا فرق بين التركماني والأذري واللوري والبلوشي و العربي والكردي والفارسي وغيرهم”.

وأضاف “نحن في إيران ليس لدينا حكومة فارسية أو آذرية تركية أو عربية، فنحن نعيش في بلد يسمى الجمهورية الاسلامية الايرانية، وإيران هي المظلة التي نجتمع جميعنا تحتها ويجمعنا نظام واحد ولدينا حكومة واحدة تسع الجميع، وولي فقيه واحد ولدينا دستور واحد نجتمع جميعنا تحت مظلته”، والكل خاضعون للقانون.

ودعا وزارة الداخلية الى الاستفادة من الكوادر المحلية كل في محافظته، لأنه يمنح الطمأنينة للمواطنين.

وإعتبر روحاني تنوع العرقيات القومية المختلفة في إيران رمزاً لبقاء إيران كالزهور في البستان وقال إن “اللوري والتركي والعربي والبلوشي والفارسي زهور متنوعة ألوانها وأريجها، وأن ما يميزها عن بعضها هو اللون فقط. وهذه القوميات هي الزهور الملونة في بستان يسمى إيران”.

وشدد على أنه في حكومة التدبير والامل وخاصة في وزارة الداخلية لا ينبغي التفريق بين مختلف المذاهب والاديان والقوميات، فالكل سواسية.

فوق الأجنحة والتيارات

أكد روحاني أن حكومته هي حكومة التدبير والامل، وهي حكومة فوق التيارات والأجنحة قائلاً “لا أؤمن بالاستفادة من تيار أو حزب واحد. إن وزارة الداخلية هي الوزارة الأم، وهي لا تقتصر على قسم واحد؛ فالمحافظون ليسوا مدراء عاديون، انما هم مندوبون سياسيون لنظام الجمهورية الاسلامية الايرانية يتولون المسؤوليات الأمنية والاجتماعية والاقتصادية والعمرانية والادارية على صعيد المحافظة”.

وذكّر بتجربة “الحزب الجمهوري الإسلامي” بعد انتصار الثورة عام 1979، والتي انتهت عام 1987، معرباً عن أسفه لغياب “أحزاب سياسية حقيقية في إيران”. وقال “شُكِّلت مجموعات، لكنها تنشط فقط خلال الانتخابات”. واستدرك “روحاني ليس معجزة القرن، بل ما يمكّنه من صنع معجزة، هو تلاحم الشعب وتضحية المسؤولين”.

ولفت روحاني الى أن “الشرعية السياسية تأتي تماما عبر أصوات الشعب، ومسؤولية صيانة اصوات الشعب تقع على عاتق وزارة الداخلية، لتتمكن من كسب ثقة الشعب لكي يشاركوا في عملية التصويت في صناديق الاقتراع”، واصفا زيادة الثقة لدى الشعب بأنه زيادة في الرصيد الاجتماعي وهو واجب على الجميع وخاصة وزارة الداخلية.

وأكد روحاني أن حكومته فوق التيارات والاجنحة “ولا يهم أن يكون أعضاء بالحكومة من الاصوليين أو الاصلاحيين، وأن ما يهم هو التضحية والاخلاص للنظام والسير طبق برنامج محدد، والا فإن ماضي الاشخاص لا يهم”.

ونوه بأن المهم بالنسبة للحكومة هو الاعتدال، قائلا “إنني لا أحبذ التشدد، وقد عارضته منذ البداية، عندما كنت في البرلمان وفي مجمع تشخيص مصلحة النظام ومركز الدراسات الاستراتيجية، لأنني أرى أن التشدد مضر بمصالح البلاد والشعب، ليس فقط على الصعيد المحلي بل للامة الاسلامية والأمن العالمي”.

الشباب والمرأة

دعا الرئيس الايراني الى فسح المجال امام المرأة والشباب للمشاركة الواسعة في الحكم من اجل توفير الأمن الاجتماعي والأمن الداخلي. وأكد على أن من مهام وزارة الداخلية توفير الأمن الداخلي.

وقال ايضا “رغم أن ايران بلد مستقر، الا أن المؤامرات التي تواجهها كثيرة جدا، وقد اخترت لهذه الوزارة رغم كل ما قيل، شخصاً لديه ماض اجتماعي واقتصادي وثقافي، لكي يؤدي الرسالة، لأننا بصدد معايير لتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، لأن هذه التنمية من شأنها أن تكون مصحوبة بالتنمية السياسية والأمنية في البلاد”.

وتابع روحاني قائلا “إذا أردنا أمناً اجتماعياً وداخلياً، علينا منح كل شخص فرصة متكافئة، وإتاحة فرص متساوية للنساء اللواتي يملكن شهادات وخبرات، إذ أن هذا حقّ لهنّ”

وتتألف إيران من عدة قوميات، فارسية وتركية (أذرية، تركمان) وبلوشية وكردية وعربية، ويشكّـل الفُـرس نحو 45%، فيما تمثل القوميات غير الفارسية من تُـرك وكرد وعرب وبلوش وتركمان، بقية سكان إيران.

حقوق قومية مغيبة

ولوحظ عقِـب اضطرابات إقليم العرب في أبريل/نيسان 2005 وأطلق عليها ناشطون عرب تسمية “الانتفاضة”، أن قضية القوميات استأثرت (ربما لأسباب انتخابية بحتة)، بالإهتمام من قبل المرشحين، حيث تراوحت مواقفهم في انتخابات 2005 و2009 والانتخابات الأخيرة بين مؤيّـد لفتح الملف ومناقشته داخل إطار الدستور، وبين محذر تحت ذريعة تهديد الأمن القومي، والنظر إلى مناقشة قضية القوميات على أنها مؤامرة من الخارج لغرض تفتيت إيران.

وتوقّـعت دراسات لإصلاحيين معتدلين ينشطون ضمن جمعية علماء الدين المناضلين (روحانيون مبارز)، التي ينتمي إليها الرئيس الأسبق محمد خاتمي، أن النزعات الانفصالية في الأقاليم غير الفارسية ستبدو ضئيلة، إذا ما طبقت الحكومة المادتين 15 و19 من الدستور، اللتين لا تعارضان إطلاقا إنشاء أحزاب قومية فيها.

إلا أن الإصلاحيين القوميين من ورثة الزعيم الراحل محمد مصدق، (الذين باتوا يملكون نفوذا قويا في إيران من ذوي النزعات المتطرفة)، ينظرون بأفق ضيق إزاء قضية القوميات، ويرفضون تطبيق المادتين 15 و19 من الدستور، وهم يروِّجون لنظرية إيران ذات قومية واحدة ولغة واحدة وثقافة واحدة.

وتنص المادة الخامسة عشر على أن “اللغة والكتابة الرسمية والمشتركة: هي الفارسية لشعب إيران، فيجب أن تكون الوثائق والمراسلات والنصوص الرسمية والكتب الدراسية بهذه اللغة والكتابة، ولكن يجوز استعمال اللغات المحلية والقومية الأخرى في مجال الصحافة ووسائل الإعلام العامة، وتدريس آدابها في المدارس إلى جانب اللغة الفارسية”.

بينما تضمن المادة التاسعة عشر أن “يتمتع أفراد الشعب الإيراني -من أية قومية أو قبيلة كانواـ بالمساواة في الحقوق ولا يعتبر اللون أو العنصر أو اللغة أو ما شابه ذلك سببًا للتفاضل”.

وكل ذلك غائب في إيران.



جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا