حكومتنا تترفق بشعبها فتقتله دلالا!! - عين ليبيا
من إعداد: د. عبيد الرقيق
على غرار أن من الحب ما قتل, يمكن القول أيضا بأن من الدلال ما قتل!! وهذا ما يبدوا حاصلا الآن بين الحكومة ممثلة في سلطاتها التشريعية والتنفيذية والقضائية وبين الشعب في ليبيا الجديدة!. لقد مرت البلد منذ انهيار نظام القذافي بالعديد من المحطات الدموية المأساوية تقاتل فيها إخوة الدين والوطن فانسكب الدم الليبي من هذه الفئة او تلك مهراقا في غير موضعه وفقا للشرع والعرف. المؤسف إن تذكي ذلك التقاتل نزوات متطرفة تحت دوافع ثأرية انتقامية, كنا نحسب أنها اندثرت في قطر يدين جل شعبه بالإسلام الدين العالمي الذي مضي أكثر من ألف وأربعمائة عام على انبعاث رسالته السماوية السمحاء على يد رسول الله, محمد (اللهم صلي وسلم عليه).
إن الذي يثير هو تعامل الساسة في المؤتمر والحكومة مع كل تلك الأحداث الدموية المؤسفة الذي اقل ما يوصف بأنه غير مهني وغير واقعي!. عندما تتخندق الحكومة خلف سواتر الرفق بالشعب وتنتهج خيار المهادنة وعدم تبني خيار القوة مهما كانت الظروف! ذلك لا يصنف إلا في إطار الهروب إلى الأمام خوفا من المسئولية مما يترتب عنه تجنب اتخاذ قرارات مصيرية لصالح الشعب والوطن. يتساءل المرء ما قيمة ألحنيَة والتودد المفرط عندما تصل الأفعال ذروتها فيسيل الدم وتسقط الضحايا من أطراف النزاع ظالما ومظلوما!؟. لقد لاحظنا من خلال تلك الأحداث الدامية تأخر تدخل الدولة بين الفرقاء واستمرار حالة التراخي و الاكتفاء بالمراقبة على بعد, وكأن لسان الحال يقول: دعوهم يتقاتلون حتى يفني بعضهم بعضا !. وتستمر حالة المراقبة عن بعد إلى أن يسقط من الأطراف عدد ليس بالقليل بين قتيل او جريح..الأمر الذي يحرك أصحاب الخير من الأفراد والجماعات فينطلقون في مجموعات تطوعية بقصد الصلح وإيقاف التقاتل المخزي بين أبناء الوطن الواحد والدين الواحد! بارادة الله وعونه تكلل جهود المصالحة بين الأطراف بالنجاح فيتوقف حمام الدم النازف على أيدي أولئك الأخيار من الليبيين الشرفاء الذين يندفعون بشهامة في مبادرات ذاتية تطوعية فيها الكثير من الشجاعة والإقدام مسنودة بنوايا الخير والإصلاح, لكن ذلك قد يكون مجرد هدنة مؤقتة قابلة للانفجار بين حين واخر ما لم يتوفر دعم الحكومة الساند.
عودتنا الحكومة ان تكون شبه غائبة ترقب عن بعد وعودتنا عدم الجسارة والتدخل الا بعد ان تكون الحرب قد أوقعت الكثير من القتلى والجرحى من الطرفين والشواهد كثيرة منذ إعلان التحرير عن جملة من المعارك التي دارت رحاها في مختلف المناطق الليبية فحصدت في كل موقعة العشرات من أبناء ليبيا وشبابها حتى وصل العدد في المجمل حدا يجعلنا نتساءل وبمرارة لماذا يسقط كل ذلك من الضحايا؟! لقد كان في مقدور الحكومة لو أسرعت في تدخلها ان تقلل عدد الضحايا بدرجة ملحوظة. هل يتسنى القول بأن منهج الدلال الذي ينتهجه الساسة تجاه شعبهم ربما هو الذي يفرض هذه الحالة من قبول الضرر وبحجم كبير؟! وذلك بالطبع مرده عدم تحمل المسئولية الكاملة أمام الشعب في حسم الأمور واتخاذ القرارات الصعبة في الوقت المناسب!
ان الطريقة التي تنتهجها الحكومة مع كل الأحداث المؤلمة التي وقعت في ليبيا والتي فحواها عدم التدخل وتحاشي أي ضحايا تكون بفعل الحكومة في الشعب بغض النظر عن حجم تلكم الضحايا من القتلى والجرحى الذين يسقطون بأيد بعضهم بعض, تبدو غير مجدية بمقاييس المنطق الذي يتطلب الحسم في مثل هذه المواقف المؤلمة. ان التقليل من عدد الضحايا إجمالا هو الاصوب والأقرب الى المنطق الصحيح باعتبار أن كل الضحايا ليبيين, ولذلك ينبغي ان تحرص الحكومة على أرواح شعبها وتعمل جاهدة على التقليل من عدد الحالات بالحد الأدنى الممكن وان المقياس هنا هو بالمقارنة بين ما تأكله الحرب دون تدخل وبينها في حالة التدخل. ذلك التدخل الذي يأتي سريعا مع انطلاق شرارة الحدث ويسهم بفاعلية عن طريق الحسم في الإيقاف الفوري للتقاتل مما يؤدي بالطبع الى تقليل واضح في الضحايا ومن ثم حقن إراقة المزيد من الدماء!.
مجمل القول ان الحسم بالقوة قد يكون الخيار الأنسب لحل النزاعات بين الأطراف داخل الدولة الواحدة عندما لا تحترم سلطة الدولة وشرعيتها وذلك ليس بدعة في تاريخ العالم الذي شهد الكثير من الأحداث المماثلة التي تم احتوائها عن طريق الحسم بقوة الدولة وسلطة القانون. فهل تعي حكومتنا ذلك أم أنها تصر على تدليل شعبها حتى الفناء!!
جميع الحقوق محفوظة © 2025 عين ليبيا